محمد سالم بارمادة يكتب لـ(اليوم الثامن):
الدول لا تبنى بالمليشيات
مفهوم المليشيا هو الجيش الثاني للدفاع عن الدولة والمواطن ومساندة الجيش الأول , ففي الكثير من الدول يحدث العكس , المليشيات فرضت نفسها في بلادنا اليمن وتراجعت سلطة الدولة بمفهومها التقليدي والقانوني مقابل هيمنة جماعات مسلحة باتت بمثابة دولة داخل الدولة , وكل ما يعمل من قبل المليشيات هو الخوف من فقدان السلطة والمال والمتابعة القانونية وولاة الدم والبحث عن استقرار يجعلهم الأقوى ضمن مراكز الدولة .
لقد ابتلانا الله بمليشيات إرهابية انقلابية منحرفة , انقلبت على شرعية الوطن بقوة السلاح, وأدخلت الوطن في حالة حرب التهمت الأخضر واليابس , قلبت الدين على هواها ووفق مصالحها ودنست الأخلاق والأعراف والعادات , تمارس الكذب والتضليل بعضهم على بعض طوال الوقت بمنتهى الإتقان والإخلاص لتبرير وصولهم للتسلط على الشعب في غياب إرادته, ويتظاهرون بما لا يبطنون لتحقيق غايات و أهداف سياسية غير مشروعة .
انتهكوا حقوق الإنسان والقوانين الدولية بعد الزج بأساتذة الجامعة وسياسيين وطلاب في السجون, وأصدروا بحقهم أحكام على ذمة تُهم مزورة, واظهروا بهذه الأحكام ازدراء صارخاً لسيادة القانون وحقوق الإنسان الدولية, نشروا الفساد والرشوة والمحسوبية والتي بدورها قضت على العدالة الاجتماعية وأثارت الشحناء والبغضاء بين المواطنين, اثأروا الفتن والنعرات والطائفية بين أبناء الوطن الواحد, وهي من أخطر الأمور التي تفكك بناء الأوطان وتجعلها فريسة سهلة لأعدائه إذا ما تفرق أبناءه واتبعوا أهوائهم وطائفتهم .
أن ما يحدث في المحافظات التي تُسيطر عليها المليشيات الانقلابية الحوثة منذ انقلابها على الشرعية الدستورية يُثبت للقاصي والداني أن الخطوة الانقلابية التي أقدمت عليها المليشيات السلالية تهدف لفرض دكتاتورية الظلام وتعميم ثقافة التصادم وبث الفتنة والتحريض على القتل لكل من لا ينتمي لهذه المليشيات، فكل محاولاتها البائسة تعبر عن العجز والخرف السياسي لحكم شعبنا بالحديد والنار لن تمر وستبقى هذه الجماهير وفية لتاريخها وارثها النضالي الذي تعمد بدماء شهداء ثورتي السادس والعشرون والرابع عشر من أكتوبر على مدي العقود الماضية من التضحية والفداء وتراكم الكفاح اليمني .
ثمان سنوات عاث المخربون الانقلابيون الإرهابيون الحوثيون خراباً بالوطن , يمارسون القتل والخطف والنهب والتهجير ضد أبناء الوطن , غابت هيبة الدولة وتشجع اللصوص والمزورون الذين نهبوا مقدرات البلاد والعباد وأودعوها في بنوك الخارج , حولوا الأجهزة الحكومية كافة إلى مغارات ينفذوا منها أجندات نظام الملالي الطائفية والساعية لتوسيع وجودها وبالتالي توسيع رقعة النفوذ الصفوي الإيراني على كامل الأراضي اليمنية .
لقد استطاعت المليشيات الحوثية الإرهابية أن تطُمس حضارة وعراقة الشعب اليمني, وأصبح كل شيء مُلطخاً بالدماء، حياة حمراء يتجلى فيها الرعب والخوف وأنين الألم، اغتيلت الطفولة وتفشى الجهل وانحسر التعليم وماتت الأحلام وضاع المستقبل, ومَنْ ذا الذي سيحمل على عاتقه رسم حاضر اليوم تاريخاً يُفتَخر به على مر السنين!
أخيراً أقول ... هل ستبني اليمن بالمليشيات ؟ سؤال صعب الإجابة عليه إذا لم يتم طرح مشروع وطني وحوار مع هذه المليشيات وضمان حقوقهم كيمنيين وأبناء لهذا الوطن , حان الوقت لنضع كل اختلافاتنا جانبا ونفكر في الوطن الواحد قبل أن يندثر هذا الوطن ونصبح مشردين وهذا ما يريده بعض جيراننا ومن يقومون بدعم بعض المليشيات لكي تستمر الفوضى في هذا الوطن ونصبح يوما نقذف الحجارة مثل أطفال غزة على هذه المليشيات ومن يدعمهم , والله من وراء القصد .