د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
السخرية السياسية في اليمن !!
تعرف الكتابة الساخرة أنها التمرد على الواقع، والثورة الفكرية فهي « تعكس صورة الواقع بجماله وقبحه» ولكن بأسلوب مختلف عن الكتابة العادية .
والأدب الساخر لا يعني الضحك من أجل الضحك فهذا يسمى تهريجا، أما الأدب الساخر فهو كوميديا سوداء تعكس أوجاع المواطن السياسية والاجتماعية ويتم تقديمها بقالب ساخر يرسم الابتسامة على الوجه ويضع خنجراً في القلب .
والكاتب الساخر هو من يحول الألم إلى بسمة والحزن إلى إبداع
الفرق كبير بين الأدب الساخر وبين النكتة، فهو من أصعب أنواع الأدب الساخر الذي يجسد الوجع والذكاء، إذ ليست أي سخرية تكون قيمة أو ذات وقع ورنين ، السخرية على مر التاريخ كانت وسيلة للتعرية، تعرية الزيف والأخطاء، تعرية الفساد، تعرية الذات
والنكتة السياسية لم تكن مجرد فكاهة لتسلية الحكام في اليمن بل هي انتقادات لاذعة لنظام الحكم وحصر أخطاءه كذلك فهي تعبير عن نبض المواطن وتذمره من الحاكم !!
والأحوال السياسية في اليمن استعصت على الفهم حتى على رجال السياسة ودهاتها وكما قال أحد كبار الحوثيين في خطابه الأخير صراحة و دون مواربة : نرسل لهم القات في مأرب والجوف ويرسلون لنا السلاح والذخيرة !!
الحرب الأهلية التي تجري اليوم في اليمن في ظل الانقسامات السياسية تؤكد المقولة العربية : ( ما أشبه الليلة بالبارحة ) والتاريخ يعيد نفسه فما يحصل اليوم هو تكرار لما سبق بين الجمهوريين والملكيين في الستينات من القرن الماضي .. عندما استمرت الحرب 7 سنوات وهو نفسه ما يجري اليوم بين الحوثيين والشرعية وان تبدلت العناوين واختلفت المفاهيم !!
الشعب اليمني يدرك جليا أنه كلما اجتاحته جائحة ارتفعت وتيرة النكتة السياسية صعودا ، فثمة تناسب بياني بينهما صعودا وهبوطا، حتى أن حضور النكتة السياسية أصبح مقياسا أمينا على الحالة التي يعيشها هذا الشعب، ولعل أصدق مثال على ذلك ما تعيشه النكتة السياسة في اليمن اليوم من حضور طاغ، وانتشار واسع، ساعدها في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي من جهة، وتوالي الأزمات التي يجر بعضها بخناق بعض، ليجد اليمنيون أنفسهم اليوم في محيط هائج من المصائب ومن الطرائف، فكلما أنتج دهاقنة الموت الحوثيين جائحة من جوائحهم المدمّرة واجهها اليمنيون بطرفة ساخرة، وكأنهم لا يرون في هذه المبكيات المهولة غير تلك الهوامش من السخرية اللاذعة والضحك .
ومن ذلك أنَّ أحد المغتربين اتصل بابنه في اليمن ثم سأله : كيف الدنيا عندكم؟ فرد الإبن: "دنيا أيش يا أبي قد متنا وبعثنا وتجاوزنا الصراط وقد احنا في الهاوية والنار الحامية" !!.
وفي أحد المجالس قال رجل للجالسين معه: أمانة أن الحوثي حلال المشاكل وأنه حل مشكلة بيني وبين إخوتي لها عشرين سنة.. قالوا كيف؟ قال: كنا مختلفين على معاش أبونا من يوم موته ما ينزل المعاش إلا وعملنا مضرابة حناني طنّاني.. فهم قطعوا المعاش واحنا قطعنا المضرابة..!!
ومن ذلك أن موظفا حكوميا اتصل بموظفة من القطاع الخاص تستلم راتبها شهريا فقال لها: تتزوجيني وأنا مستعد أطبخ وأغسل وأكنس؟ فردت عليه: أنا موافقة بس بشرط تحمل وتولد كمان !!
وقد أسهمت النكتة السياسية في اليمن في فضح جرائم ميليشيات الحوثي الإرهابية وأسلوبها الغبي في التعامل مع أبناء الشعب اليمني، ومن ذلك قيل إن خطيبا حوثيا سأل المصلين من على المنبر: هل تريدون أن تعرفوا ما الأعمال المطلوبة لكي يبني الله لكم قصرا في الجنة؟ فرد عليه أحد المصلين نريد أن نعرف ما هي الأعمال التي جعلتك تبني قصرا في حدة (أرقى حي في صنعاء)؟. قال الحاضرون إن الخطيب الحوثي رد على الفور: أقيموا الصلاة!!
ومن النكات الشائعة في اليمن أن شخصا يسأل صاحبه: ما هو حال الحوثيين في صنعاء؟
فرد عليه قائلا مثل صلاة الجمعة في السجن المركزي؛ الخطيب قاتل، والمؤذن قاطع طريق، والمصلون لصوص !!
ونختم القول ان النكتة السياسية في اليمن والتي انتشرت في ظل الأزمات هي الدواء المسكن المؤقت لأوجاع الناس حتى يأتيهم الفرج من الله سبحانه وتعالى .
د. علوي عمر بن فريد