اسعد عبدالله علي يكتب لـ(اليوم الثامن):
مستنقع الصحافة والدور المفقود للنقابة
منذ ان دخلت عالم الصحافة قبل 15 عام وانا اكتشف الكثير من الامور العجيبة والمخجلة المنتشرة في الوسط الصحفي, مع انه كان يجب ان تكون الصحافة العين الكاشفة لكل فساد والمدافعة عن الحقوق, لكن مع الاسف ضربت منظومة الصحافة بقنبلة الفساد, لتقلب الاوضاع وتجعل الحثالات متحكمون بها, فمن لا ينتمي للكتابة يصبح قامة من قامات الابداع, بالمقابل من يجتهد ويكتب ويدافع عن هموم المجتمع ومشاكل الامة, يكون بعيد جدا عن اي تكريم او اهتمام من قبل الجهات الاعلامية الرسمية, والتي لا تكرم ولا تهتم ولا تحتفي الا لمجاميع معينة اساسها المال والنساء وخط سياسي مندثر! في زمن لا نجد اي فعل للتصحيح من نقابة الصحفيين.
سأكتب قليلا عن عالم الصحافة الفاسد الذي يتحكم بالصحف والمواقع, والذي ينال المال والاضواء.
· صحافة الجنس
هي مدرسة صحفية شامخة في بغداد (مع الاسف), تعتمد كليا على الجنس في الكتابة او في اعطاء الفرص, فنجد مجموعة من الكتاب اغلب مقالاتهم متلاصقة مع الايحاء الجنسي, وسطورهم ملغومة بالجنس, وعندها يكرم هذا الكاتب لانه اعتبر مثقفا ومنفتحا, وقد منح بعض هؤلاء الكتاب المصابون بالهووس الجنسي مراكز صحيفة وبعضهم اصبح رئيس تحرير, والبعض الاخر اصبح يقدم برامج تلفازية, والقنوات المحلية تلاحقهم لكسب رضاهم.
مع ان نتاجهم ليس فيه اي لمسة لصنعة الكتابة, ولا هموم المجتمع, فقط الرسم الجنسي والتصوير الايحائي, بهدف جذب القارئ له, ونجح هؤلاء في هدفهم.
كان يجب على النقابة ان توجه انذار لهؤلاء المهووسين بالجنس, ثم تصدر قائمة سوداء بأسمائهم ليسقطوا ويمنعوا من نشر سمومهم, وتشطب اسمائهم من عضوية النقابة.
وقد يكون هنالك جهات خارجية تدعم مثل هذا النوع المتسافل من الكتابة, ويكون بخط مواز مع سعيهم لنشر المثلية الجنسية وزنا المحارم في الشرق الاوسط.
· صحافة الابتزاز
بعد عام 2004 برز نوع غريب من الصحافة, وهو الابتزاز, حيث يعمد الكتاب على مهاجمة كيان سياسي او مؤسسة او شخص, فلا يلجم فاه الا بالدولارات, وعندها يلزم الصمت, او يتحول الى بوق لمن هاجمه اولا! او يكتب ضد امرأة ذات مركز ولا يسكت الا ان ترضي نزواته, بعض هؤلاء المبتزين تسلقوا المواقع الصحفية الحساسة, مع انهم مجرد حثالة لا تنتمي لمهنة الصحافة الناصعة.
الغريب ان يكرم هؤلاء بدروع الابداع ويمنحوا هوية نقابة الصحفيين, وتجزل الاحزاب لهم العطاء, بل بعضهم تحول لجندي بيد سياسي ليهاجم خصومه السياسيين بهذا البوق الصحفي.
وكان يجب على النقابة ان تضع قائمة سوداء بأسماء هؤلاء الصحفيين المبتزين, وتطردهم من عضوية النقابة, كي تحمي جسد الصحافة من هذه الحثالات الصحفية.
فانظر لمستنقع الصحافة الي صنعه الحثالات ممن دخلوا الوسط بهدف نشر سمومهم وعاداتهم النتنة.
· صحافة بالدولار
ذات مرة حدثني احد الصحفيين المشهورين جدا, انه يكتب مقابل المال, ولا يوجد عنده في الكتابة اتجاه سياسي او عقيدة ثابتة, بل قال لي بسخرية: "حتى لو طلب من الشيطان ان ادافع عنه بمقال مقال المال لفعلتها", فالمال هو الدافع للكتابة فقط, لذلك نجد بعض الصحفيين كل يوم هم في جهة احيانا تجهده اقصى اليمين, وثاني يوم تجده اقصى اليسار, يهاجم كيان ثم بعد ايام يدافع عنه, وهذا الامر اسقط عن الصحافة دورها الرقابي, للتحول الى سلاح بيد الفاسدين واصحاب رؤوس الاموال.
النقابة لا تهتم ولا تضع مؤشرات لما يجري, وكان حري بها وضع قائمة سودا بأسماء الصحفيين عبيد الدولار, كي يسقطوا من ذاكرة الامة ويتم ابعادهم عن هذه المهنة الشريفة.
· مجاميع بعثية
لا يخفى تغلغل بقايا البعث داخل الجسد الصحفي, حيث تمنحهم مراكز قيادية في الصحف والوكالات الخبرية تحت عنوان انهم يملكون الخبرة الصحفية, مع انهم اشد الناس خطرا على العراق الجديد بعد اجتثاث حزبهم وقيادتهم, فكم من صحفي لها عشرات المقالات وهو يتغنى بحب الطاغية صدام في صحف النظام العفلقي يصبَح رئيس تحرير! وكم من صعلوك بعثي كان مهووس بدعم حروب الطاغية يتحول لقلم مدافع عن الديمقراطية! وكم من شاعر سخر شعره لمدح صدام يتحول لناقد وكاتب ويتحول لقامة صحفية, وكل سنة يتم تكريمه!
كان على النقابة ان تصدر قائمة سوداء بمنع الصحفيين البعثيين, وشطب اسمائهم من عضوية النقابة, الذين كان لهم نشاط ملحوظ لخدمة نظام صدام.
وخطرهم يأتي من حقدهم على التغيير لذلك عملوا على نشر الفساد في المؤسسات الاعلامية, فكانوا يحاربون الصحفي النزيه ويدعمون كل فاسد.
· وكالات وصحف دكاكين دعارة
من المظاهر المخجلة التي برزت في الوسط الاعلامي هي تصدي بعض القوادين للعمل الصحفي! اتذكر عجوز سبعيني ببدلة غريبة وشاربين كشوارب القوادين في الافلام المصرية القديمة, وهو ينجح في افتتاح ثلاث صحف ومراكز اعلامية في المحافظات, وكل هذا تم بالاعتماد على النساء, فكان يحصل على الاعلانات التي تدعم صحفه وتوفر ايرادات كبيرة, ويحصل على منح ودعم عبر توفير النساء للجهات الداعمة, بل حتى طباعة صحفه كانت بالمجان, وكل هذا ببركة بيت الدعارة الذي يملكه, وكل شابة صحفية تعمل عنده تكون مخيرة بين ان تصبح مثل ما هم عليه او تترك العمل.
كان على النقابة وضع قائمة سوداء بأسماء هؤلاء القوادين, وشطب اسمائهم من عضوية النقابة.
· اخيرا:
هذا المستنقع الصحفي كان يمكن ان يجفف, فقط لو عملت نقابة الصحفيين بدورها المطلوب ومسؤوليتها, لكن التهاون الكسل واللامبالاة جعلت الامور تستفحل وتكون خارج السيطرة, واليوم هذا هو واقع حال البيئة الصحفية في العراق, ونحتاج من الاقلام الشريفة ان تضغط على النقابة كي تعمل ما هو بمقدورها.