محمد جلال الريسي يكتب:
لماذا الكونغرس العالمي للإعلام؟
يسأل الكثيرون عن فكرة وأهمية احتضان العاصمة أبوظبي «اليوم» للكونغرس العالمي للإعلام، برعاية كريمة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، وبتنظيم من مجموعة أدنيك، بالشراكة مع وكالة أنباء الإمارات، فلماذا يحتاج قطاع صناعة الإعلام إلى حدث دولي مثل الكونغرس العالمي للإعلام؟
تنبع فكرة تنظيم هذا الحدث انطلاقاً من الحاجة الفعلية لدراسة قطاع صناعة الإعلام ومستقبله من جميع الأبعاد المحلية والإقليمية والدولية، وبالتطرق إلى المجالات الإعلامية كافة كالصحافة والإذاعة والتلفزيون والمواقع الإلكترونية والمنصات الرقمية وبرامج التواصل الاجتماعي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، وتسليط الضوء على الفرص المُتاحة والتحديات المعاصرة المرتبطة بهذه المجالات الحيوية.
وتتمحور أهمية الكونغرس كحدث فريد في المنطقة لأنه يجمع مجموعة من الوزراء والمسؤولين والخبراء والمختصين في مجالات الإعلام المتنوعة ومن مختلف قارات العالم، ولأن الهدف هو وجود منصة عالمية حاضنة للإعلام بمختلف صنوفه، تربط شرق العالم مع غربه، وتصل شماله بجنوبه، لمناقشة الفرص الاستثمارية في مجال صناعة الإعلام من جهة، وتناول الإشكاليات الماثلة التي تعيق المؤسسات والجهات الإعلامية من أداء رسالتها المجتمعية على نحو أمثل في تنمية المجتمعات وتلبية الاحتياجات وتوفير المعلومات ومواجهة الرسائل المغلوطة والأخبار الكاذبة الساعية إلى نشر الشائعات والفوضى وتهديد الأمن والسلم وزعزعة الاستقرار، فما هي مسارات التعامل الإعلامي الفعّال لمواجهة خطابات التمييز والكراهية؟ وما مستقبل ثقافة التسامح في عصر التواصل الاجتماعي؟
إن محاور مؤتمر الكونغرس العالمي للإعلام بُنيت على أساس معرفي عالمي يتناول موضوعات إعلامية ذات أولويات مؤسسية وبحثية في قطاع صناع الإعلام، كما أن المعرض المصاحب لهذا الحدث المهم يستعرض التقنيات الحديثة في العمل الصحفي والبث الإذاعي والتلفزيوني والنشر الرقمي والتفاعل بين مختلف الأفراد والمؤسسات عبر برمجيات التواصل الاجتماعي، ولذا سيوفر الكونغرس منصة عالمية لعقد الشراكات وتوقيع الاتفاقيات بين العديد من المؤسسات والشركات المعنية بقطاع صناعة الإعلام.
يناقش الكونغرس العالمي للإعلام أدوار الصناعات الإعلامية المتنوعة ومنصات الترفيه المتعددة، ويبحث في أهمية وجدوى التكتلات الإعلامية عابرة القارات كواقع معاصر وآفاق مستقبلية، في ظل ما توفره التطورات التكنولوجية المتسارعة من البيانات الهائلة والمعلومات المتشعبة لجماهير واسعة في مجتمعات رقمية لها عوالمها الخاصة تتداخل فيها الغايات والمصالح، وتمزج بين المفاهيم المادية والمُعززة والافتراضية كعالم جديد من الاندماجات الاتصالية والإعلامية لإثراء التجربة البشرية في التفاعلات الاجتماعية.
يطرح الكونغرس العالمي للإعلام أسئلة عديدة فرضتها التقنيات الحديثة وأفرزتها كمشكلات حقيقية تواجهها وسائل الإعلام، والتي سيتداولها خبراء مستقبل الإعلام من كافة قارات العالم، كتزايد نفوذ المنصات الرقمية، وتزايد قوة وتأثير المراكز الإعلامية المندمجة وتعاظم تأثيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية كصناعات ثقافية وإعلامية عابرة للقارات، وتداعيات عمل مواقع التواصل الاجتماعي على منظومة العمل الإعلامي.
إن دور وسائل الإعلام يتزايد يوماً بعد يوم في التأثير على الإنسان وهويته وحياته الشخصية ومساراته الحياتية والوظيفية المتعددة، وهو ما يحتم علينا جميعاً في مجال صناعة الإعلام ضرورة عقد وتنظيم مثل هذه الملتقيات الفكرية والتجمعات الإعلامية للتوصل لحلول مستدامة تخدم الإنسان في كافة أقطار العالم.