ضياء قدور يكتب لـ(اليوم الثامن):
خسارة منتخب الملالي... كيف انقلب السحر على خامنئي؟
سنتين تعجب أحد المعلقين الرياضيين من سعادة وبهجة الشعب السوري في كل مرة يخسر فيها منتخب البراميل التابع لنظام الأسد في مباريات كأس آسيا وتصفيات كأس العالم، مردداً نفس الدعايات الحكومية الرخيصة التي ما تزال تؤكد لنا على أنه لا يجب للشعوب الثائرة الوقوع في الفخاخ التي تنصبها الحكومات الديكتاتورية، خاصة تلك التي تضع عمامات دينية، متخفية بأقنعة قومية أو وطنية حول الفصل بين "الرياضة و "السياسية".
وللمفارقة اليوم، يشعر الشعب الإيراني، الذي لم يغادر ساحات التظاهر والاحتجاج منذ أكثر من شهرين ونصف في انتفاضة وصفت بغير المسبوقة، بنفس الشعور الطبيعي.
كيف لا يفرح الإيرانيون الناقمون على حكم الملالي، وهم شعب ذو وعي فكري وسياسي رفيع المستوى، من خسارة منتخب الملالي في تصفيات كأس العالم 2022 في قطر، بعد أن علموا علم اليقين أن نظامهم اليوم في أمس الحاجة لحدث ما يحمل صخباً إعلامياً كبيراً يستطيع ولو لفترة وجيزة ومؤقتة حمايته من السقوط المحتوم؟!
في ظل الانتفاضة الإيرانية الحالية التي وصفت بأنها نموذج فريد عن أضخم حركة شعبية تمتلك أعلى درجات التضامن العرقي واللغوي والطبقي والجنساني والوحدة في تاريخ إيران الحديث بأكمله، لا يملك خامنئي الكثير من الحلول الناجعة لمداواتها أو حتى تسكين آلامها.
كان نظام الملالي يبحث عن اختلاق معركة وهمية في كردستان إيران لتحويل الأنظار العالمية عن الانتفاضة الشعبية، وتعامل بعنف شديد مع المناطق الحدودية كما في بلوشستان وسيستان، لعكس مسار الثورة وتيارها من القلب إلى الأطراف، وأطلق كل التهديدات بلسان رسمي صريح نحو دول الجوار بما في ذلك المملكة العربية والسعودية والعراق وأذربيجان، واستغل كل آلاته الدعائية والإعلامية لربط التحركات الشعبية بمؤامرات الأعداء المزعومين، لكن كل ذلك لم يأتي بأي نتيجة.
كانت مباراة كرة قدم واحدة بين المنتخب الإيراني والمنتخب الأمريكي في قطر هي آخر الأوراق التي يمتلكها خامنئي. لكن الأقدار شاءت أن يخسر خامنئي ورقته الأخيرة، وقُدر للرياح في تلك المباراة أن تسير بعكس ما تشتهيه سفن الملالي، وتدحرجت الكرة المستديرة ضمن الملعب بمفارقاتها المعهودة.
انتهى حلم "الجمهورية الإسلامية" في إيران بكأس العالم، وخسر النظام أولى معاركه الحاسمة مع الشعب الإيراني، وقريباً سينتهي حلم "الجمهورية الإسلامية" بالبقاء على قيد الحياة.
وفرحة المنتفضين الإيرانيين اليوم بخسارة منتخب النظام ليس إلا دليلاً واضحاً على أن نظام الملالي سيتلقى ضربات داخلية بمقدار الاستثمار السياسي الذي أنفقه على أماني فوز منتخبه على الفريق الأمريكي بمونديال قطر، وأن هذه الثورة التي هلت بشائرها لا تقبل أنصاف الحلول أو الرماديين من الشخصيات الرياضية أو الفنية أو السياسية أو المشاهير الإيرانيين.
على الجميع أن يحدد موقفه من هذا النظام بوضوح اليوم، والأمر ليس محصوراً بالإيرانيين الذين يبدو أنهم حسموا موقفهم الرافض لهذا النظام بكافه أجنحته وتياراته السياسية، بل متعلق وبصورة أساسية أيضاً بمواقف الدول الفاعلة في الإقليم والعالم، والذين يجب أن ينحوا سياسة استرضاء الملالي جانباً، ويقفوا اليوم على الجانب الصحيح من التاريخ والأخلاق والقيم الإنسانية.