معصومة احتشام تكتب:

مشهد الانتفاضة الإيرانية بعد إعدام اثنين من المتظاهرين

كما كان متوقعًا لجأ خامنئي إلى أقصى قدر من القمع لاحتواء الانتفاضة في إيران، والمتمثل في إعدام المتظاهرين، حيث أعدم نظام الملالي في الأيام القليلة الماضية اثنين من المتظاهرين بتهمة محاربته.

لقد بذل خامنئي قصارى جهده حتى لا يتم جرَّه إلى هذه النقطة في الانتفاضة ويكبح جماحها بأقل تكلفة، بيد أنه لم يتم احتواء هذه الانتفاضة، واضطر خامنئي إلى دفع مثل هذا الثمن الباهظ. لهذا السبب، إذا ألقينا نظرة أعمق على أبعاد إعدام هذين المتظاهرين، خاصة في المستقبل؛ يمكننا القول إن خامنئي في الواقع وضع حبل المشنقة حول رقبته، وأُجبر على تشويه نفسه بهذا الإعدام. 

إن توقف الانتفاضة بأي ثمن هو القضية الجوهرية بالنسبة لخامنئي في ظل الوضع الحالي للانتفاضة. وربما يؤدي هذا الإعدام أو عمليات الإعدام الأخرى إلى توقف الانتفاضة لفترة قصيرة نتيجة للترويع، بيد أنه لا ريب في أن خامنئي سكب بيده الوقود على الانتفاضة وأنها سوف تتصاعد أضعافًا مضاعفة وستكون أكثر عمقًا. ويجب علينا ألا ننسى أن الإعدام في ظل الوضع الحالي لا يولِّد التخويف، بل يولِّد الغضب. 

لقد دفع خامنئي ثمنًا باهظًا جرَّاء تنفيذ عمليات الإعدام، وسوف يدفع المزيد للأسباب التالية: 

أولًا: نجد على الصعيد الدولي أن العالم يدرك جيدًا مدى هشاشة هذا النظام، وأنه نظام لا أساس له، ولم ولن يتمكن من احتواء هذه الانتفاضة سوى باللجوء إلى إعدام المواطنين، أي أن العالم أدرك أن هذا النظام لا مستقبل له ولا يمكن استثماره.

ثانيًا: أدت عمليات الإعدام هذه إلى تفاقم الأزمات الداخلية لدرجة أن رجال الدين المشهورين في الحوزة العلمية في مدينة قم لم يصفوا هذه المحاكمة بأنها غير قانونية فحسب، بل وصفوها بأنها غير شرعية أيضًا.

ثالثًا: مما لا شك فيه أن الانتفاضة ستخطو خطوة إلى الأمام بطريقة نوعية، على الرغم من السقوط المحدود الذي يمكن أن تتعرض له. وهذه هي نتيجة تسهيل سفك مثل هذه الدماء. 

ما هو المسار الذي ستتخذه الانتفاضة بعد عمليات الإعدام المذكورة؟

قد لا يكون التنبؤ بجميع الظروف أمرًا سهلًا، في ساحة من ساحات المعركة؛ بسبب انتشار العدو وما يقوم به من مهام، بيد أننا يمكننا أن نسلط الضوء بصورة جدية على الحقائق التالية:  

أولًا: لن تعود الظروف على الإطلاق إلى ما كانت عليه في الماضي قبل اندلاع الانتفاضة، أي أن نيران هذه الانتفاضة لن تنطفئ أبدًا، إذ أن الإبادة الجماعية والإجراءات القمعية تشكل محيطًا من الكراهية والدماء بين المواطنين وخامنئي. والأهم من ذلك كله، هو أن هذا النظام الفاشي لن يتمكن على الإطلاق من تلبية أقل مطالب المواطنين في هذه الانتفاضة. وبناءً عليه، فأن هذه الانتفاضة لا يمكن أن تتوقف.

ثانيًا: لقد رأى الجميع بأم أعينهم إلى أي مدى كانت كلمات مجاهدي خلق وسياساتهم في الـ 43 عامًا الماضية فيما يتعلق بهذا النظام الفاشي صحيحة ودقيقة، وأنه لا يفهم أي لغة سوى لغة العنف والقوة والحسم، مما يعني أنه لم يعد هناك مجال للشك والألاعيب الرجعية والاستعمارية لسياسات "اللاعنف" أو سياسة اللهو عن الإطاحة بنظام الملالي بـ "السلام والمصالحة!".

ثالثًا: لقد ولَّت أيام التلاعب بمصير الانتفاضة بواسطة أبواق المتطفلين الانتهازيين الاستعماريين، والحقيقة هي أن ساحة المعركة في هذه الانتفاضة هي المكان الوحيد في الوقت الراهن للنساء المشاكسات والرجال الشجعان المتمردين والثوار ووحدات المقاومة الفدائيين. إن ساحة المعركة هي مكان مَن ضحوا بـ 120,000 ألف شهيد شجاع في معركتهم هذه ضد نظام الملالي التي استمرت 43 عامًا، ولم يستسلموا وواصلوا نضالهم، وقد حان الآن وقت الغضب والانتفاضة.

رابعًا: تحتاج هذه الانتفاضة إلى نماذجها الخاصة لتحقيق النصر. فأولئك الذين يمتهنون التزام الصمت، ومَن يروجون للمصالحة والاستسلام والصمت، ومَن يفرون من تحمل دفع فاتورة النضال، ومَن يضحون بالمصالح الوطنية من أجل مصالحهم الخاصة؛ لا يمكن أن يكونوا نماذجًا لهذه الانتفاضة. أما مجيد ومحسن وغيرهم من الأبطال ومَن تم إعدامهم شنقًا الذين يضيئون الأجواء الباردة والمظلمة لهذا البلد مثل النور باستشهادهم البطولي؛ هم الذين يضخون الجرأة والشجاعة بدمائهم في عروق المجتمع. لذا، فهم نماذج ذوي وجاهة لهذه الانتفاضة. 

إن المنتفضين الذين يهتفون قائلين "الخنوع ممنوع بالنسبة لنا وبالنسبة لأبناء وطننا" ويضعون الخطوط الحمراء؛ هم النماذج الحقيقية للإيراني الشجاع والبطل والوطني. 

لقد فشلت كافة مساعي خامنئي لفصل رأس هذه المقاومة عن جسد الانتفاضة، وربطت هذه الدماء الطاهرة شهداء هذه الانتفاضة بالـ 120,000 ألف شهيد والناجين منها بوحدات المقاومة.  ولا شك أن الصباح قريب!

 

*عضو لجنة المرأة في المجلس الوطني للمقاومة الإیرانیة