سروناز جيت ساز تكتب لـ(اليوم الثامن):

دور المرأة في قيادة الانتفاضة من أجل الإطاحة بنظام الملالي في إيران

باريس

إن مشاركة المرأة الإيرانية في الانتفاضة ليست بظاهرةٍ وليدة الساعة. قد تكون هذه الظاهرة جديدة بالنسبة لمن ليست أيديهم في النار ولا يعرفون خصوصيات وعموميات المقاومة جيدًا، بيد أن الحقيقة هي أنه من غير الممكن أن تكون مشاركة المرأة ودورها القيادي في مجتمعنا ظاهرة غير مسبوقة في ظل هذا القدر من القمع ومناهضة المرأة. وإذا كان الأمر بخلاف ذلك، لكنّا قد رأينا أمثلة له في العديد من المجتمعات الأخرى. إذ تتطلب مشاركة المرأة ودورها القيادي إطارات عمل وخطط سابقة. ويمتد إطار العمل هذا إلى 40 عامًا.  

قيادة المرأة في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية

تعتمد المرأة الإيرانية الثورية على المقاومة التي بدأت عام 1981 في سجون نظام الملالي الفاشي ضد القمع الوحشي ثم استمرت داخل إيران وخارجها. وقد استشهد 120000شخص في هذه المقاومة. وتم إعدام ما مجمله 30,000 سجين سياسي شنقًا في مجزرة عام 1988. وكان نظام الملالي يعتزم في حقيقة الأمر ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية لمجاهدي خلق. وبطبيعة الحال لم ولن يتمكن من ارتكاب هذه الجريمة الشنعاء؛ نظرًا لأن مجاهدي خلق ينتمون إلى تاريخ هذه الأرض. فهم شجرة طيبة وفقًا للقرآن الكريم، حيث تمتد جذورهم في تاريخ إيران إلى 100 عام.

وتتولى المرأة مناصب حساسة وقيادية في منظمة تتمتع بهذا التاريخ وهذه الأهمية منذ عام 1989. ومن غير الممكن أن تكون هذه الظاهرة مجرد شكل وحالة، بل هي حقيقة، حيث أن 9 نساء يتولين حتى اليوم منصب الأمينة العامة لهذه المنظمة. وتحدثت أختنا شهرزاد صدر سيدجوادي، وهي من الأمينات العامات في المنظمة، في برنامج المناصرة الـ 27. كما شاركت في هذا البرنامج أخوات يتولين مسؤوليات ثقيلة للغاية، على الرغم من صغر سنهن.  

وتمكنت هؤلاء النساء من عبور تيارات النضال الصعبة. ويتمتعن على وجه الخصوص برصيد من الصمود في أشرف وليبرتي دام 14 عامًا. واجتزن العديد من المؤامرات وبعض المشاهد، من قبيل هجوم نظام الملالي عليهن بوابل من الصواريخ ومهاجمتهن وارتكاب المجزرة بحقهن.

وعلى الساحة السياسية؛ يعتبر تواجد الأخت مريم رجوي ودورها القيادي في الحركة وتوجيه الحملات المهمة للغاية؛ دليلًا على هذه الحقيقة. وقد أكد العديد من السياسيين والشخصيات السياسية على دورها القيادي.

تمكنت المقاومة الإيرانية بكفاءتها وقيادتها من القيام ببعض الحملات، من قبيل رفع تصنيف مجاهدي خلق من القوائم الإرهابية للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أو اجتياز الخروج الجماعي لمجاهدي خلق بنجاح من ليبرتي إلى ألبانيا. لقد أشرت لهم كقائمة فقط، ولكل منهم نزاع طويل.  

لقد استطاعت مقاومتنا بقيادة مثل هؤلاء النساء أن تجتاز المراحل المصيرية للنضال.  

إسلام مجاهدي خلق وإسلام خميني

نستنتج في البحث عن الدافع لمقاومة المرأة؛ من مواقف مجاهدي خلق، ولا سيما مواقف الأخ مسعود رجوي ضد الرجعية المناهضة للمرأة أنه تم استهداف الحقوق والحريات الفردية منذ اليوم التالي للثورة المناهضة للشاه. كان إسلام مجاهدي خلق يؤمن، على عكس إسلام خميني؛ بتحرير المرأة، وبالمساواة بين الرجل والمرأة، وبحقوق القوميات والعمال والطبقات المضطهدة. وكشفت المشاركة الواسعة النطاق للنساء والفتيات، في الوقت نفسه؛ النقاب عن حماية خميني الزائفة للشريعة. ولهذا السبب، وصف خميني مجاهدي خلق بالمنافقين، وقرر القضاء عليهم. والحقيقة هي أنه كان وجوده مرهون بإبادة مجاهدي خلق. ويكرر الولي الفقيه الرجعي، خامنئي، وقوات حرس نظام الملالي، ووحدات الشرطة الخاصة، في الوقت الراهن، نفس الجرائم التي ارتكبها خميني في عام 1981. قال خامنئي، منذ وقت ليس ببعيد، إن إله عام 1981 هو نفس إله هذا العام. ويقصد بـ “الإله” نفس الجلادين والقوى الإجرامية.

دعونا نلقي نظرة عابرة على قائمة شهداء المقاومة. لنجد كم من الشباب الذين استشهدوا على يد هذا النظام الفاشي علمًا بأن أعمارهم دون الـ 18 عامًا. وأفاد بعض الشهود الذين أدلوا بشهاداتهم أثناء محاكمة الجلاد حميد نوري؛ بأن أعمار هؤلاء الشباب لم تتجاوز 12- 13 عامًا أثناء القبض عليهم. فعلى سبيل المثال، كانت فاطمة مصباح تبلغ من العمر 13 عامًا عندما تم إعدامها. لذلك عندما نقول “النظام القاتل للأطفال”، فإننا لا نواجه ظاهرة جديدة. إذ يتم ارتكاب مثل هذه الجرائم منذ عام 1981 حتى اليوم. ويكفي أن نشير إلى أن هذا النظام الفاشي قتل أكثر من 36,000 شخص من إجمالي الـ 450,000 طالب الذين أرسلهم إلى جبهات حربه مع العراق بغية تدثيرهم وإرسالهم إلى حقول الألغام.

الإطاحة بنظام الملالي، هي الرغبة الرئيسية للمرأة الإيرانية

لا تقتصر رغبة المرأة الإيرانية على الحجاب على الإطلاق، ولا يمكن أن تكون كذلك. إذ أن النزاع مع هذا النظام الفاشي نشب منذ البداية سعيًا لنيل الحرية ومناهضةً لسرقة سيادة الشعب. صحيح أن هذه الانتفاضة بدأت بالقتل الجائر لمواطنتنا الكردية مهسا أميني، بيد أن هذه الجريمة البشعة أسفرت عن انفجار الغضب الوطني، واندلاع أطول انتفاضة للإطاحة بحكم ولاية الفقيه. واستهدفت الشعارات الولي الفقيه منذ الأيام الأولى للانتفاضة. وتردد النساء والفتيات والشباب على مدار الساعة هتاف “الموت لخامنئي”، لدرجة أن الرعب انتاب قادة نظام الملالي، ويتساءلون عن سبب استهداف المواطنين للولي الفقيه.  

ولم يقع المواطنون في الشارع في فخ اعتبار أن القضية تنحصر في الحجاب. ويرددون هتاف “سواء بالحجاب أو بدونه إلى الأمام نحو الثورة”. وبناءً عليه، فإن الأمر لا يتعلق بارتداء الحجاب أو خلعه”. إذ أن الهدف هو تغيير هذا النظام الفاشي ليس إلا. وهذا الأمر واضح للجميع الآن. والإصلاحات في هذا الصدد لا محل لها من الإعراب. والجدير بالذكر أن الأخ مسعود رجوي قال بوضوح شديد، في عهد خاتمي: “الأفعى لا تلد الحمامة”. وهذا يعني أنه يجب الإطاحة بهذا النظام برمته. إن الإيرانيين رجالًا ونساءً لم ينتفضوا من أجل الحجاب فقط. والحقيقة هي أن هذه الانتفاضة اندلعت من أجل الإطاحة بهذا النظام القروسطي.  

وأذكر أن الأخت مريم قالت عن دور المرأة؛ في حفل دورتموند بألمانيا عام 1993:

“إنكم ألقيتم على رأس المرأة الإيرانية كل ما في جعبتكم الرجعية والقروسطية من الوحشية ومناهضة المرأة والاضطهاد، بيد أنه ويل لكم من اليوم الذي تتحرر فيه هذه القوة التاريخية العظيمة، وتتدفق إلى ساحة النضال. وسوف ترون آنذاك هؤلاء النساء المحررات وهنّ يحرقن سلالتكم الرجعية.  

لقد اتخذتم أنتم أيها الملالي هذا الخيار بجرائمكم ومناهضتكم للمرأة، وسوف تنجرفون حتمًا من مسرح التاريخ بأيدي نساء إيران المحررات”.  

هذه هي الكلمات التي قالتها قبل 27 عامًا، ونرى الآن بأم أعيننا الدليل الموضوعي عليها في شوارع إيران. ويأتي هذا التنبؤ من الفهم العميق لمكانة المرأة الإيرانية. وبناءً عليه، فإن المرأة الإيرانية لن تقبل بأي شيء أقل من تغيير هذا النظام الفاشي.