د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
الكراسي زائلة والمناصب لا تدوم !!
انها أشبه بكرسي الحلاق تلك هي المناصب عندما يتقلدها البعض من الناس الى حين ثم يترجلوا عنها اما قسرا أو طواعية فليست لهم الخيرة في ذلك !!
أندهش عندما أجد فجأة مسؤولين صغارا وقد قفزوا بين ليلة وضحاها وتقلدوا مناصب أكبر منهم وقد ترتب على ذلك تبدل في سلوكياتهم وأحوالهم والمضحك المبكي هو التنكر لماضيهم وصداقاتهم السابقة، ويستحيلون إلى مستبدين يستهويهم اعتلاء الكرسي، ومنبر الخطابة، والإعجاب إلى حدَّ الغرور والهوس بالمديح والثناء والتصفيق؟ !.
لقد بدأ هؤلاء مسارهم في المسؤولية صغارا يتلمسون رضى الأسياد، ويتمسحون بأعتاب المسؤولين الكبار. وهاهم اليوم، بعد أن اشتد عودهم، وأمِنوا على كراسيهم من الزوال؛ يولون الأدبار لماضيهم الكئيب وأصبحوا اليوم يستبدون بمناصبهم الحالية!!
عجبا لأمر من يناقش كل شيء، ويتكلم في كل شيء، ويفهم في كل شيء، ويدعي أنه الوحيد الذي يقوم على أمور الناس، وبدونه ستضيع الحقوق، وستتوقف الأرض عن الدوران، والشمس عن الطلوع !!… ثم يرتفع به غروره القاتل إلى التنكر لحاله الماضية، و الاعتقاد أن الكرسي الذي يعتليه إرث له و لأولاده، وليس دُوَلاً بين أبناء الشعب يعتلونه حسب الاستحقاق، والجدارة. وإذا نوزع فيه، رأيته يقاتل دونه بالحديد والنار.
فلا نستغرب ونحن نتابع انتفاضة الشعوب العربية في سوريا وليبيا واليمن وغيرها من بلاد العرب اكيف تمسك حكام هذه البلدان بالكرسي حَدَّ تدمير البلاد وقتل العباد؛ بل والهلاك دونه.
وهنا نسأل : لماذا يركب البعض منا حب الاستبداد، والغطرسة والاستكبار، كلما ترقى في سلم المناصب ؟!
لماذا يعتقد الغالبية منا أن المسؤولية هي تشريف مُنِحَهُ تقديرا على براعته في التدبير، وقدرته على الاجتهاد والعطاء، وتميزه بحسن السيرة والسلوك الأنموذج الذي يُحتذى، والمثال الذي لا يخطأ، والأسوة الحسنة التي لا تضل؛ فيَعُد استبدادَه بالعباد؛ عدلا، وظلمه لهم؛ إنصافا، وأكل مالهم بالباطل؛ “تعويضا” يناله مقابل مهامه وأتعابه التي لا تنتهي !، ونصائح الناس له؛ سوء أدب، وجرأة على الكبار من أسياده…؟ !!
و في المقابل، لا نملك إلا أن نقف تقديرا وإجلالا لهامات عظام من الرجال والنساء الذين ظلوا –رغم ترقيهم في “مدارج السالكين” إلى رحاب السلطة والمسؤولية- أوفياء لماضيهم وصداقاتهم، ومنازلهم الضيقة التي يسكنونها. وعائلاتهم ما زالت تسكن في القرى والجبال والقفار ويزورونهم في كل مناسبة بالمزيد من خفض الجناح، والتواضع الجم؛ رغم المنصب المرموق ،
وهم من خيرة أبناء هذا الوطن؛ يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، ويعاشرون عامة الناس. لم يغيرهم “الكرسي”، ولم يستبد بنفوسهم الخيِّرة، حب التسلط، والرغبة في الاستبداد.
فلهؤلاء تحية وتقديرا، ولمن سواهم، من المتمسكين بالكراسي الزائلة، العاضِّين عليها بالنواجد، الظانين الخلاص فيها وبها؛ نقول:” تواضعوا، فإن الكراسي لا تدوم” !!!
لعبة الكراسي السياسية لعبة خطيرة وخطورتها لا تتوقف عند المتصارعين على الكراسي بل تمتد إلى المجتمعات والشعوب وتسحب بساط الروح التنافسية الشريفة والروح الرياضية التي كانت سائدة في لعبة الكراسي زمن الطفولة..لعبة الكراسي السياسية فتنة قذرة تقسم المجتمع الواحد إلى أحزاب وفرق إلى مؤيد ومعارض ولعل ما نشهده اليوم في الوطن العربي من أحداث وصراعات ونزاعات ما هو إلا حصاد لعبة الكراسي السياسية التي لم تكن لعبة بل ميدان قتال وصراع والضحية الشعوب.
د.علوي عمر بن فريد