أمير مخول يكتب:
في المآسي تتضح طينة الشعب وقوة عفويته
لم تنتظر الناس النداءات حتى تصلها ولا التوجيهات كي تتحرك، بل كانت الناس هي النداء وهي التوجيه وهي التحرك السريع العفوي الانساني المنطلق من هول المأساة التي يئن تحتها ضحايا ومنكوبي ومنكوبات الزلزال الرهيب الذي زلزل الارض في تركيا وسوريا وزلزل ضمائر البشر.
عشرات المبادرات انطلقت من تلقاء ذاتها، وذلك لجمع التبرعات على تنوّعها لإغاثة الضحايا ممن بقوا على قيد الحياة ومعظمهم من جرحى ونازحين وجموع غفيرة من دون مأوى منكوبين. هكذا هو حال الشعب في الوطن العربي، وجموع الناس التي انطلقت بدافعية انسانية وأصالة قيمها.
أُتابع عن كثب وعلى مدار الساعة عمل اللجنة الوطنية لاغاثة منكوبي سوريا والتي بادر اليها الاخ المحامي حسين ابو حسين لتصبح خلال ساعات لجنة شعبية جديرة، وكيف أن الناس تكاد تتدافع لتقديم التبرعات حسب قدرات كلّ منها، وفيها إغاثة انسانية وفيها نداء الى رفع الحصار عن سوريا وإبطال قانون قيصر والاجرات التي تمنع الدولة السورية من ادارة شؤون البلد وبالذات شماله، حيث المنطقة الأكثر منكوبة اذ أن تركيا دولة قوية ومتطورة وتمارس سيادتها في كل المناطق.
وهنا المكان للإشادة بكل مبادرة شعبية اينما كانت، وبكل من قاموا بالمبادرات، فهذا النسق من العمل والتحرك هو نموذج سينفعنا في المستقبل كما في الحاضر والماضي في التكافل الاجتماعي والشعبي الذاتي وعدم اللوم على أحد وعدم زيادة الاحباط إحباطا، فليس مثل العمل والمبادرات محرِّراً من الاحباطات حتى في وجه الكوارث العظمى والسعي لمواجهة أثرها الرهيب، ولتلتقي هذه المبادرات مع مثيلاتها على امتداد فلسطين وعلى امتداد الوطن العربي وكل أنصار ونصيرات الانسانية في العالم.
هكذا من دون شك هو حال عشرات المبادرات كلٌّ حسب موقف المبادرين والمبادرات وبروحهم وقيمهم، فالمسألة ليست نقاشا سياسيا عاديا، بل هي أغاثة شعبَي سوريا وتركيا، وفيها الجانب الفلسطيني اضافة الى بعده العربي حيث انّ اللجوء والشتات يجعل اللاجئين الفلسطينيين شركاء في دفع ثمن كارثة مستدامة ودامية دون توقف.
اللافت هو أن الناس لم تنتظر نداءات الاحباط القيادية التي كثيرا ما يعلو صوتها تعويضا عن قصورها ومحدودية أثرها، فليس مثل المبادرات الشعبية التي تصنع الفرق ما بين الاحباط والعويل وبين الفعل أي فعل والذي يبقي مجالا للأمل
العزاء لمن بقي من عائلات الضحايا والعزاء للشعبين والبلدين سوريا وتركيا والتمنيات بالسلامة لكل المنكوبين والمنكوبات.