المحرر السياسي يكتب:

ثقافة القوانين والنظم الإدارية.. كيف انهارت في الجنوب؟

عدن

تعرف الدولة المدنية بالقوانين والنظم الإدارية التي تحفظ العلاقة بين المواطن والسلطة، وقد عرف الجنوب هذه العلاقة منذ ان وضع بريطانيا القوانين الإدارية في ومؤسساتها ومؤسسات القطع الخاص حيت تداركت عبر حقب من التاريخ حتى اكتسبت الشخصية الجنوبية صفت الاحترام لهذه الصيغ القانونية في معاملاتها وبعد عام 1997 م توسعت الاعمال الإدارية عندما اصبح للدولة الجنوبية حضورها السياسي في مختلف المحافظات وكانت هذه القواعد الدستورية تعمل على تنظيم العلاقات في مجالات الاقتصاد والخدمات وبشكل شامل تحريك عجلة العمل الإداري وفق اللوائح التي اكسبت الشخصية الجنوبية في القطاع المدني والعسكري ثقافة احترام القانون والدستور وعدم تجاوز هذه الأعراف التي كانت العماد في ربط المعاملة مع أي قضية عبر الطرق الصحيحة ...

ولذلك كانت الشخصية الجنوبية للمواطن تعتز لهذه الانتماء الحامي بحقوقها والذي جعل حياتها تسير وفق مناهج محددة.

اما اليوم فقد انهارت كل القوانين وانهارت معها ثقافة احترم القوانين والدستور وتصدعت المؤسسات الحكومية لتصبح ساعات للغنائم والتلاعب بحقوق الناس وجعل المحسوبية والرشوة ( الخدمات الشخصية ) هي العوامل المحركة لخدمة الغرض فلم يعد الجنوبي يجد من يحمي حقوقه التي ضاعت وبالذات شريحة الطبقة العاملة وهي التي كانت في الماضي القوة المحركة لدعائم الاقتصاد الجنوبي لتدخل قوة اقتصادية بدلا عنها تخضع العلاقات للعبت المال السياسي الذي اصبح هو القوة الدافعة لي عمل يخدم مصلحة ليس لها للغرض سواء امتصاص حق المواطن في العيش . 

فالدولة اليوم عبارة عن شبح يسمع عنها المواطن ولا يراها ففي الاعلام ضجة إخبارية عن القوانين والنظم والخدمات وغيرها من الوسائل التي لا يجدها الانسان في الشارع الجنوبي ، والمعروف ان سقوط هذه الركائز تودي الى دخول المجتمع في متاهات يذهب بعدها الى دوامة الفوضى والتناحر ، وهذا ما عزز انتشار السلاح والمخدرات وغيرها من الجرائم الغربية عن الجسد الجنوبي ، حيت يسمع المواطن بوجود قوة تحمي الشخصيات المتنفذة الضالعة في هذه الاعمال وهذا ما عكس نفسة على تصرف المواطن ، حيت اصبح البعض يرفع شعار( خد حقك بيدك ) بدلا عن ( في البلاد قانون ) هذا السقوط المدوي في سقوط  دولة المؤسسات قد جعل المجتمع مقسم الى دوائر مسلحة وتجمعات فوضوية عززت من منطق الفوضى بالسلاح بدلا عن الذهاب الى العدل .

هذه الحالة العامة التي ضربت عددت دول في المنطقة مثل لبنان والعراق وسودان هي من ادخل هذه الشعوب في دوامة الشعوب الاهلية وفقدان الولاء للوطن والانسحاب نحو المناطقية والمذهبية والطائفية وكل العناصر المدمرة والمساعدة في استمرار تصاعد الازمات.

ومن يرى اليوم الحالة التي وصلت اليها مؤسسات الجنوب او ما بقى منها حيت تعرضت للنهب والتدمير ودفعت بالكثير من الايادي العاملة الجنوبية الى سوق البطالة مما احدث اختلالا بالوضع الاقتصادي بالأسرة الجنوبية وهو ما عكس نفسه على الحالة المعيشية للشعب الجنوب.

ما بقى من هذه المؤسسات مثل المصافي الميناء المطار وهي ذات قوة اقتصادية فاعلة في اليوم تعاني من تدهور الخدمات والانفجار الوظيفي وغياب المحاسبة مما جعلها تتراجع بشكل كبير عن مكانتها السابقة ولم نسمع عن محاسبة أي مسؤول فاسد في هذه المؤسسات على مدى سنوات عديدة ، فكيف يكون الحال في قطاعات النفظ  والغاز والضرائب والبنوك الحكومية والخدمات الاجتماعية المختلفة والتي كلها دخلت الى سوق المزايدات والمزاد حتى أصبحت مسالة الحصول على وظيفة في مرفق حكومي ليس للكفاءة بل عبر الوساطة او الرشوة وأصبحت عبارة الوظيفة   ( لمن يدفع ) هي الحالة وبالذات بعد ما عممت فلسفة ( مشي حالك ) .

هذا هو حال المؤسسات في الجنوب بعد الان اصبح الحديث عن النظم والقوانين من ذكريات الماضي الجميل وعلية ان نتسأل ان ضلت الحالة على هذا الوثيرة الى ايسن سوف يصل مصير المجتمع الجنوبي وقد قال الفيلسوف الإنجليزي جون لوك  (عندما يغيب القانون تحكم الفوضى ) هذا  الغياب لخاصية جنوبية تعايشت مع الجماهير لعقود عديدة لا نتج الا الانسان المتمرد والذي سوف يتمرد على الفوضى نفسها عندما يدرك بانها وسيلة سحق لوجوده الاجتماعي فالثورات ضد الظلم تصنعها هذه المشاعر .

ونحن نرى اليوم تزايد الحنين عند العامة لدولة النظم والقوانين الجنوبية بعد ان أدركوا ان الفساد لم يوجد لهم أي مخرج بل دفع بهم الى الكوارث وعندما تصل الشعوب الى هذا المستوى من الخطورة تفكر في هدم وتدمير من صنع هذا الخراب لان الفوضى عبارة عن نار تأكل نفسها.