محمد جواد الميالي يكتب لـ(اليوم الثامن):

ديمقراطية الإسلام السياسي في العراق

بغداد

تأثر العراق بالتغيير السياسي الذي شهدته البلاد بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، حيث أدى ذلك إلى تغيرات كبيرة في المشهد السياسي، برز الإسلام السياسي كقوة مؤثرة في الساحة العراقية و اكتسبت العديد من الأحزاب والتيارات الإسلامية، تمثيلاً كبيراً في المؤسسات الحكومية في البلاد بسبب قاعدتها الجماهيرية.

مع ذلك كانت ديمقراطية الإسلام السياسي في موضع جدل وحديث واسع، حيث يجادل البعض بأن الإسلام قد عزز الديمقراطية ويرى آخرون بأنها قوضته.

من ناحية أخرى قد لعبت أحزاب الإسلام السياسي دوراً مهماً في العملية الديمقراطية، حيث شاركت هذه الجماعات في الإنتخابات منذ 2005 وانتخبوا لعضوية البرلمان، وقد سمح ذلك بتنوع أكبر في التمثيل السياسي داخل أروقة مجلس النواب، وهذا يعتبر عنصر مهم في أي ديمقراطية فاعلة.

كذلك ساهم الإسلام السياسي في تعبئة وتمكين كافة المجتمعات في العراق مثل الأقليات، وجعل لهم مقاعد في البرلمان وتمثيل حكومي في مؤسسات الدولة، كذلك عزز مفهوم الديمقراطية.. عندما أسس أعراف سياسية ساهمت بمشاركة كافة المكونات في تشكيل الحكومات التي تتابعت بعد 2003.

من ناحية أخرى هناك مخاوف بدأت تظهر بعد 2018، عندما زادت التقارير التي تشير إلى وجود عمليات فساد واسعة وتضخم وبطالة عالية في أرجاء الشارع العراقي، مما أدى إلى غليان الساحة العراقية، وقيام احتجاجات تشرين التي أستمرت حتى إسقاط حكومة عادل عبد المهدي، لكن رغم ذلك لم يتغير الكثير، و أستمر الحال على ما هو عليه، مما أدى بالشباب الى إستخدام وسائل الواقع الإفتراضي للأحتجاج، وهذا ما لا ترتضيه بعض أحزاب السلطة، حيث قامت بعض الجماعات السياسية إلى إستخدام العنف والترويج لأجندات طائفية، مما يشير الى تقويضهم للديمقراطية.

علاوة على ذلك بدأت تتجلى هذه المخاوف عند قيام بعض الأحزاب بتقويض المؤسسات الحكومية في البلاد، من أجل تعزيز سلطتها ونفوذها، وزيادة الترهيب لإسكات الأصوات المعارضة وقمع من لا يتفق معهم، على سبيل المثال قانون الأمن الرقمي، الذي يحاولون تطبيقه على كافة المؤسسات الواقعية و الإفتراضية، لتقييد الحريات الديمقراطية التي كفلها الدستور للمواطنين، كل هذه القوانين تم وضعها رغم أنها تتعارض بشدة مع بنود دستورية تكفل الحرية للمواطن العراقي، لكن هذا كله يصب في مصلحة بعض الأحزاب السياسية المتشددة، التي ترى أن بقائها يتوقف على إسكات كافة المعارضين.

كل ذلك يشير إلى أن ديمقراطية الإسلام السياسي في العراق قضية معقدة ومتعددة الأوجه، وتختلف طبيعتها حسب التشدد الديني في الأنظمة الداخلية لأحزاب السلطة، رغم أنه لعب دوراً مهما في العملية الديمقراطية في البلاد، إلا أنه قد قوض هذه الديمقراطية بطرق معينة، على هذا النحو فأن القادة السياسيين عليهم أن يوازنوا بعناية بدعم المبادئ الديمقراطية، و إلا فأن الأحزاب الناشئة سيكون لها رأي في السباق الإنتخابي القادم.