نظام مير محمدي يكتب لـ(اليوم الثامن):

خطأ دولي يجب الامتناع عنه

طهران

منذ أواسط التسعينيات من القرن المنصرم، والدول الغربية تعقد المفاوضات تلو المفاوضات مع النظام الايراني، والهدف من هذه المفاوضات وکما أعرب عن ذلك العديد من القادة والساسة الغربيين، هو من أجل إعادة تأهيل هدا النظام والسعي لإندماجه مع المجتمع الدولي والحد من التطرف الذي يسود في نهجه وکذلك تورطه في العمليات والنشاطات الارهابية، بالاضافة الب إنه وعن طريق المفاوضات يجري السعي من أجل إقناع هذا النظام بعدم تدخله في بلدان المنطقة وعدم العبث فيها.

طاولة المفاوضات التي رأت فيها البلدان الغربية خيارها الافضل والاسلم من أجل تحقيق أهدافها، طوال أکثر من 35 عاما من الجلسات التفاوضية التي تم عقدها مع هذا النظام، من المفيد التساٶل بخصوص مالذي حققته هذه الجلسات للبلدان الغربية وهل إنها حققت أهدافها أو على الاقل قسما منها؟ وماذا کانت فائدة هذه المفاوضات وهل إنها إنعکست بصورة إيجابية عليها؟ للإجابة على هذا السٶال يجب مقارنة دور النظام الايراني قبل عقد هذه الجلسات وبعدها، والبحث والتمحيص بخصوص أي الدورين کان الاکثر سلبية على بلدان المنطقة والعالم، وطبعا فإنه ليس هناك من يمکنه أن يقول بأن هذا النظام قبل عقد جلسات التفاوض معه کان أسوء وإنه الان أفضل!

الحقيقة المرة التي بات الساسة الغربيون يعترفون بها على مضض، هي إن سياسة الاسترضاء والمسايرة التي إتبعتها البلدان الغربية مع النظام الايراني، قد حققت الغطاء الدولي اللازم لهذا النظام لکي ليس يواصل الاستمرار بنهجه فقط بل وحتى يصر عليها ويوسع من دائرتها، والأسوء من ذلك، إن سياسة الاسترضاء والمسايرة الغربية مع هذا النظام لم تشجعه فقط على التمسك بنهجه المشبوه والتوسع من حيث نشر نفوذه وهيمنته في بلدان المنطقة وإنما قد وفرت له غطاءا من الشرعية الدولية التي کانت تفتقده تماما لممارسة کل أنواع عمليات القمع والابادة بحق شعبها، لکن الانکى من ذلك کله، إن أکثر وأطول جلسات التفاوض الغربية والدولية التي جرت مع هذا النظام، کانت في عهدي محمد خاتمي وحسن روحاني، والمعروفان بأنهما ينتميان الى مايسمى بالجناح الاصلاحي، وخلال هذين العهدين، نفذ النظام الايراني أهم مخططاته التوسعية کما إنه قد قام بالتأسيس لبرنامجه النووي والصاروخي والذي دأب على تطويره سرا.

معظم السياسات والمخططات الشريرة للنظام الايراني قد تم التأسيس لها وکذلك تنفيذها خلال عهدي هذين الرئيسين، وهو مايدل على کذب وخداع مزاعم الاصلاح والاعتدال التە دعا ويدعو إليها هذا النظام وعلى إنها لم تکن إلا سترا وغطاءا من أجل حماية النظام وتحقيق ‌أهدافه.

الخطئان الکبيران اللذان وقعت فيه الدول الغربية هما: الأول، إن التفاوض مع هذا النظام کان خطأ من الاساس أما الثاني؛ فإن الدول الغربية التي کانت تحرص على حماية مصالحها وعلى حماية بلدان المنطقة، قد أهملت أو تجاهلت الدفاع عن الشعب الايراني ونضاله من أجل الحرية ومايتعرض له على يد هذا النظام، غير إن الاهم من هذا کله، هو إن هذه الدول قد تجاهلت لأسباب تتعلق بمسايرتها للنظام الايراني التحذيرات التي کان تکررها زعيمة المعارضة الايرانية مريم رجوي من عدم جدوى التفاوض مع هذا النظام ومن إن مزاعم الاعتدال والاصلاح ليست إلا محض أکاذيب وإن هذا النظام غير قابل للإصلاح نهائيا.

اليوم، وبعد أن ثبت للعالم کله عدم جدوى التفاوض مع هذا النظام وکذلك فشل سياسة الاسترضاء في تحقيق الاهداف المتوخاة من ورئها، فإنه وبعد أن إنکشف الوجه البشع لهدا النظام على حقيقته وخصوصا بعد أن وصلت عدوانيته وشره الى حد قيامه بتسميم طالبات المدارس من أجل إرعابهن کي لايشارکن في النشاطات المعادية له، فإن البلدان الغربية مدعوة وبإلحاح الى وقف کل أنواع التفاوض والتواصل مع هذا النظام وکذلك مسايرته والالتفات الى الشعب الايراني ونضاله من أجل العرية والتغيير.

هناك ملاحظة مهمة جداً يبدو أن الغرب والمسترضين لم ولن يلتفتوا لها، وهي أن هذا النظام غير قابل للتعديل ولا يمكن تغييره وجعله ديمقراطياً ومتحضراً، وهو الأمر الذي أعلنته المقاومة الإيرانية مرات عديدة عندما أكدت أن "الأفعى لا تلد الحمام". 

هذا نظام ينتمي الى العصور الوسطى، وأسس قوته في الداخل التي تقوم على القمع والتعذيب والإعدام، وخارج حدوده ينشر الإرهاب ويصدر الأزمات، ويتفاوض ويظهر قوته مع نظرائه بهذه الطريقة، على غرار تدخلاته في دول المنطقة. كما أنه يريد الحصول على قنبلة ذرية لنفس الغرض لإخافة المجتمع الدولي وتعريض السلام والأمن العالميين للخطر.

وللأسف، فإن أطراف المفاوضات مع الفاشية الدينية الحاكمة في إيران يغضون الطرف عن هذا المعيار المهم للغاية. 

في انتفاضة الخمسة أشهر، أظهر الشعب الإيراني للعالم أنه يريد إسقاط هذا النظام واستبداله ببديل شرعي وشعبي. زعماء النظام على علم بهذه القضية واعترفوا بها بطرق مختلفة. هذا هو السبب في أن خامنئي يؤخر دائمًا الإطاحة به من خلال استخدام صمام الأمان الذي لديه، من بين البدائل الكاذبة والمزيفة التي طرحها خامنئي على المسرح خلال الانتفاضة وقام بالكشف عنها. ومع ذلك، فقد اعترف كل من خامنئي وجميع أعضاء نظامه مرات عديدة أن الخصوم الوحيدين لهذا النظام هم المجلس الوطني للمقاومة وفي مركزه مجاهدي خلق القادرون على قلب هذا النظام وجعل حق بناء المستقبل لأبناء الشعب من خلال انتخابات حرة.

الكلمة الأخيرة هي أن النظام الإيراني لا يفهم لغة أخرى غير لغة القوة. لذلك يجب أن نقول "لا" لهذا النظام وأن نعترف ببديله الحقيقي وهو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.