محمد جواد الميالي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الاتفاق السعودي الإيراني الأخير وتأثيره على المنطقة العربية
بعد أعلان المملكة العربية السعودية وإيران عن إتفاق تاريخي لتخفيف التوترات وتطبيع العلاقات بين البلدين، يأتي هذا الإعلان كتطور مهم في المشهد السياسي للشرق الأوسط، الذي أتسم منذ فترة طويلة بالتنافس الجيوسياسي والتوترات الطائفية.
إن لهذا للإتفاق بين السعودية وإيران تداعيات بعيدة المدى على دول أخرى في المنطقة، وأهما إسرائيل والإمارات والعراق، وكذلك على الملف النووي الإيراني والتضخم الإقتصادي في المنطقة.
بالنسبة لإسرائيل، يمكن أن يُنظر إلى الإتفاقية السعودية الإيرانية على أنها تهديد محتمل لمصالحها الأمنية، لطالما أعتبرت إسرائيل إيران عدوها اللدود، وقد تؤدي إمكانية تحسين العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية إلى تحالف أقوى مناهض لإسرائيل في المنطقة، لكن الحكومة الإسرائيلية كانت حذرة في ردها على الإتفاقية، حيث قال رئيس الوزراء نفتالي بينيت "إن إسرائيل ترحب بأي مبادرة من شأنها أن تخفف التوتر في المنطقة".
أما بالنسبة للإمارات العربية المتحدة فقد كانت لاعباً رئيسياً في المشهد السياسي المتغير في الشرق الأوسط، في السنوات الأخيرة، قامت الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وكانت حليفًا رئيسياً للمملكة العربية السعودية في صراعها مع إيران، مع ذلك حافظت الإمارات أيضاً على قنوات دبلوماسية مع إيران، وتعمل على تهدئة التوترات في المنطقة، حيث يمكن أن يوفر الاتفاق السعودي الإيراني فرصة للإمارات للعب دور أكثر بروزًا في الدبلوماسية الإقليمية في المنطقة.
يمكن للعراق، الذي علق منذ فترة طويلة في وسط التنافس السعودي الإيراني، أن يستفيد أيضاً من تحسن العلاقات بين البلدين، لقد عانى العراق من التوترات الطائفية وعدم الإستقرار السياسي لعقود من الزمن، ويمكن أن يوفر الإتفاق السعودي الإيراني فترة راحة بين جميع الأطراف، للتخلص من التوترات الإقليمية التي تعيق تقدم المنطقة.
أما بخصوص الملف النووي الإيراني فهو من القضايا الرئيسية في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، حيث تعمل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على منع إيران من تطوير أسلحة نووية، وفرضت عقوبات إقتصادية عليها في محاولة لإجبارها على الإمتثال للإتفاقيات الدولية، يمكن أن يوفر الإتفاق السعودي الإيراني فرصة لتجديد المفاوضات حول القضية النووية، ويمكن أن يؤدي على الأرجح إلى حل التوترات المستمرة، ولكن قراءة المشهد العالمي تشير إلى أن هذا التقارب هو بداية لإمتلاك إيران للأسلحة النووية وتمردها على المفاوضات الأمريكية كل ذلك برعاية روسية صينية.
كان التضخم الإقتصادي قضية رئيسية في الشرق الأوسط، لا سيما في دول مثل إيران والمملكة العربية السعودية، ويمكن أن يوفر الإتفاق السعودي الإيراني دفعة إيجابية لإقتصادات المنطقة، حيث يمكن أن تؤدي العلاقات الدبلوماسية المحسنة إلى زيادة التجارة والإستثمار بين الغريمين.
إذاً الإتفاقية السعودية الإيرانية لديها القدرة على إعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، في حين أن الإتفاق قد يكون له تداعيات على دول أخرى في المنطقة، بما في ذلك إسرائيل والإمارات والعراق، فإنه يمكن أن يوفر أيضاً فرصة لتجديد الجهود الدبلوماسية بشأن القضية النووية الإيرانية ويمكن أن يساعد في تخفيف التضخم الإقتصادي في المنطقة.