د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
يقتلون الإناث في إيران
ثورة ضمائرنا تسبق حروفنا؛ والولاية الدولية قاصرة على قوانينها وما شرعته
الملالي يسعون لقتل الإناث وتركيع الشعب في إيران؛ و المجتمع الدولي يصف محاولة قتلهن بحوادث عنف ضد النساء
يقتلون الإناث في إيران قتلاً ممنهجاً موجهاً والمجتمع الدولي بعد تجاهل وإضطرار يصف هذه الجرائم الممنهجة بـ جرائم عنف ضد النساء؛ علما بأنها جرائم ضد الإنسانية فعلا وتوانى الموقف الدولي في إدانتها والتصريح بشأنها شأن جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي لطالما يرتكبها نظام الملالي الحاكم في إيران.
كانت عادة وأد البنات في الجاهلية عادة جاهلية خوفاً من الفقر والعار؛ أما اليوم في ظل الدكتاتورية الدينية الفاشية القائمة في إيران فهي توجه ممنهج بقصد تركيع النساء اللواتي أصبحن اليوم أكبر خطر يهدد وجود الملالي في إيران خاصة بعد عجز الملالي في قمعهن وتكميم أفواههن، إذ يسعى النظام إلى تركيع النساء ليسهل عليه قمع الشعب والقضاء على ثورته ومطالبه المشروعة ويستمر بقاء النظام وزمره في السلطة.
بعد ما يقرب من سبعة أشهر من تواصل الإنتفاضة الوطنية الإيرانية وعجز ملالي إيران عن قمعها ووأدها على الرغم من ممارسات القتل والقمع الوحشية، وحالات الإختطاف والتغييب القسري وقتل المختطفين والتمثيل بهم، والإعدامات خارج القانون، والتعذيب والتنكيل داخل السجون والمعتقلات لم يجد نظام الملالي ومنظماته القمعية الوحشية سبيلا للقضاء على الإنتفاضة أو الحد منها سوى التخطيط لتسميم فتيات المدارس الثانوية بأسلحة كيمياوئية محدودة بهذه المرحلة بقصد زرع الرعب والخوف في أوساط المجتمع ما يدفع أولياء الأمور إلى منع بناتهم من الإلتحاق إلى المدارس وبالتالي تتراجع مشاركة الشابات في الثورة الوطنية الإيرانية الجارية وهو ما سيمكن النظام بحسب اعتقاده من احتواء الإنتفاضة.
بعد مضي ما يقرب من 6 أشهر على أول حالة تسميم عمد لطالبات المدارس الثانوية في إيران تم الإبلاغ عنها بمدينة قم في 31 أكتوبر 2022 خرجت الأمم المتحدة بتصريح أقل ما يوصف به هو أنه غير منصف من خلال وصفه بوثيقة عنف ضد النساءولم تأخذ الأمم الأمور على وجه الدقة والشفافية التامين لتقول بأن هذه جرائم ضد الإنسانية جاءت وفق مئات حالات التسميم العمد الممنهج الموجه مستهدفة فئة بشرية بعينها، ثم توالت من بعد ذلك عمليات الإبلاغ عن هجمات كيمائية مماثلة موجهة ضد مدارس الفتيات لتوضح أن حالات التسميم العمد قد تمت فيما لا يقل عن 91 مدرسة في 20 محافظة من محافظات إيران وفق تقرير لخبراء الأمم المتحدة، ويعد وجود تناقضات في تصريحات سلطات نظام الملالي المعنية بالأمر دليلا على كونها جرائم ضد الإنسانية على الرغم من الإعتراف الإحتيالي للنظام بإعتقاله لبعض الأشخاص المتورطين بهذه الجرائم البشعة التي لا يمكن لفرد إرتكابها إلا ضمن مجاميع سلطوية وثيقة الصلة بالجهات الأمنية وخاصة استخبارات الحرس الثوري ما يمكنهم من الحصول على هكذا أسلحة كيميائية خطيرة لا تخرج من أوكارها إلا بسلطان، أتى بعد ذلك دخول وزير داخلية الملالي على الخط وقوله نحن الجهة الوحيدة المسؤولة عن التحقيق بهذا الموضوع ونفى حدوث حالات تسمم مدعياً أن 90% مما حدث كان عبارة عن حالات إجهاد أصابت الطالبات وفاته أن يوضح شيئا حول نسبة الـ 10% المتبقية، وإطار استمرار مهزلة التناقضات في تصريحات سلطات النظام جاءت وسائل النظام الإعلامية لتقول إنها أساليب مخادعة من الطالبات للتهرب من الإمتحانات وهنا وكما يقول المثل الدارج ( جاءت لتُكحلها فأعمتها)، وبحسب إدعاءات جميع سلطات النظام ووسائل إعلامه كما لو أن الأمر جريمة ارتكبها مجموعة أشخاص محدودين في 20 محافظة و 91 مدرسة أو أكثر بآن واحد، أو كأن 90% منهن أُصبن بإجهاد في 20 محافظة وفق مخطط طلابي على مستوى الدولة المترامية الأطراف، أو أن الطالبات قد إتفقن وبشكل مدبر مسبق للتحايل وادعاء المرض تهربا من الإمتحانات وقد تعاونت معهن جهات طبية حكومية في عمليات التحايل هذه؛ مهزلة تصريحات حمقاء كبرى جاءت بعد فضيحة بشعة لنظام يدعى الحكم بإسم الإسلام وخلافة الله في الأرض وفي الوقت ذاته يسعى لإهلاك الحرث والنسل بإقدامه على هكذا جرائم ضد فتيات صغيرات ومراهقات دون أدنى إحساس بالمسؤولية أو إنضباط بقيم ودين.
الطامة الكبرى هنا هو أنه قد تمت حالات تسميم مماثلة في العراق وبشكل مصادف والحقيقة أنه ليس وليد الصدفة بل مخططٌ له، أما الطامة الأكبر فهي ما جاء في تصريح وموقف الأمم المتحدة بعد صمتٍ دام شهور وبعد كل هذه القرائن والأدلة التي صودِق عليها في تقرير لخبراء الأمم المتحدة وبعض مقرريها بأن هذه الجرائم حادثة من حوادث العنف ضد النساء، وهنا ينطبق على الأمم المتحدة القول القائل (صمت دهراً ونطق كفراً) أو ( تمخض الجبل فولد فأراً )!!! أتصفون ما أسميتموه أنفسكم بهجمات كيميائية على أنه حادثة عنف ضد النساء دون مراعات مشاعر ذوي الفتيات أو قيم قانونية وأخلاقية.. حقاً إنه العجب العُجاب، ويختلف تفسير الأمور بين إيران وأوكرانيا.
وبإختصار شديد فإن مثل هذه التصريحات الأممية قد تُعد تخاذلاً أو تواطؤاً وتستراً على جرائم نظام الملالي ضد الإنسانية؛ وكذلك قد يُفسره البعض بأنه تستراً على إمكانية وجود أسلحة دمار شامل كيميائية وبيولوجية لدى ملالي إيران، وفي حين يصف تقرير الأمم المتحدة نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران بالمتقاعس بشأن هذه الهجمات الكيميائية الممنهجة ترتكب هذه المؤسسة الدولية تقاعس أشد وطأة بوصفها القاصر لتلك الجرائم (حادثة من حوادث العنف ضد النساء) إذ يمكن تسمية هذا الحال من القصور والتقاعس والتخاذل الدولي بالولاية الدولية القاصرة على القوانين والشرعية الدولية.
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي
المصدر/ https://women.ncr-iran.org/ar/