د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

وأد الملالي مدعي الإسلام للبنات في إيران جُرمٌ لم تعرفه جاهلية الشعوب

كان للجاهلية عذرها، بأن لم يُنزَّل على الناس رسولٌ ولا نبيٌ معلم، وبسبب الجهل كان البعض يأد البنات (بناته وليست بنات غيره) في الجاهلية خوفاً من الفقر والعار، وبعد قرابة أربعة عشرة قرناً ونصف من نعمة الإسلام انقرضت الجاهلية، بل بات فينا نحن المؤمنون من يُكنى بإسم إبنته حباً وفخراً ورحمة وكرامة، ورغم نعمة الإسلام هذه إلا أن بعض مدعي الإسلام لا يزالون متمسكين بارتكاب جرائم أقبح ممَّا كانت تحدث في الجاهلية، فباتوا اليوم يأدون بنات الناس وليس بناتهم وهذا هو حال ملالي إيران اليوم.

 إن وأد البنات اليوم تحت وطأة حكم الدكتاتورية الدينية الفاشية في إيران هو توجُّه ممنهج يهدف إلى ممارسة المزيد من الضغط على الشعب الإيراني وتركيعه، من خلال استهداف المناضلات الإيرانيات اللواتي يشكلن أكبر خطر يهدد وجود الملالي في إيران، حتى يتسنى لهم قمع ثورة الشعب ليستمر نظامهم القروسطي في السلطة ويعيث فساداً في الأرض. 

ونظراً لأن نظام الملالي فشل في قمع الانتفاضة الوطنية المستمرة، على الرغم من استخدام كل الطرق الوحشية من قبيل القتل والاختطاف والتغييب القسري والتعذيب وعمليات الإعدام انتهاكاً للقانون؛ بادر بالتخطيط لتسميم فتيات المدارس الثانوية مستخدماً السلاح الكيماوي لترويع المجتمع، وبالتالي يجبر أولياء الأمور على العدول عن إرسال بناتهم إلى المدارس وتتراجع مشاركة الفتيات في الثورة الوطنية الإيرانية الجارية؛ ظناً منه أنه سيتمكن بذلك من احتواء الإنتفاضة، وتستهدف الهجمات الكيميائية الموجهة عمداً باعتراف المؤسسات الدولية فئة بشرية معينة بنية الإبادة أو السعي إلى الإبادة؛ فأين هو الموقف الدولي الحقيقي الفعلي الرادع، خاصة وأن هكذا أسلحة كيميائية ليست لدى سوى المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية الأمنية والعسكرية.

الموقف الدولي

وصفت الأمم المتحدة الهجمات الكيميائية على المدارس في إيران في تصريح غير منصف بأنها وثيقة عنف ضد المرأة متجاهلة وصفها بأنها جريمة ضد الإنسانية تستهدف فئة بشرية بعينها، والجدير بالذكر أن حالات التسميم المتعمَّد قد تمت فيما لا يقل عن 91 مدرسة في 20 محافظة من محافظات إيران حسبما يفيد تقرير خبراء الأمم المتحدة. ويأتي تناقض تصريحات سلطات نظام الملالي في هذا الصدد دليلاً على أن هذه الجرائم البشعة جرائم ضد الإنسانية لا يرتكبها سوى مجموعات سلطوية وثيقة الصلة بالجهات الأمنية، ولا سيما قوات حرس نظام الملالي؛ ما يمكنهم من الحصول على مثل هذا النوع من الأسلحة الكيميائية الخطيرة، فيما ادعت وسائل إعلام نظام الملالي إنها أساليب مخادعة من الطالبات للتهرب من الإمتحانات، لنشهد مهزلة تصريحات حمقاء كبرى جاءت بعد فضيحة بشعة لنظام يدعى الحكم بإسم الإسلام وخلافة الله في الأرض، والجدير بالذكر أيضا أن حدوث حالات تسميم مماثلة في العراق ليس بالأمر الصدفة أو وليد اللحظة، بل هو مخطط شيطاني يأتي في سياق ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والأنكي وأشد من ذلك هو أن تصريح الأمم المتحدة القائل بأن هذه الجرائم تأتي في إطار حوادث العنف ضد المرأة يأتي داعما بشكل مباشر وغير مباشر لنظام الملالي فوصف هذه الجرائم بجرائم العنف ضد والإبتعاد عن وصفها بجرائم ضد الإنسانية ترتقي إلى جرائم الإبادة الجماعية يأتي في خدمة الملالي والمجرمون المنفذون لهذه الجرائم، كما يأتي هذا الموقف دون مراعاة لمشاعر ذوي الفتيات أو القيم القانونية والأخلاقية؛ وكذلك يكشف النقاب عن القصور والتقاعس والتخاذل الدوليين.



 

الهجمات الكيميائية تستهدف مدارس البنات بإعتراف النظام

إن موجة الهجمات الكيماوية مستمرة بكثافة على مدارس البنات في مختلف المدن الإيرانية، وهناك مؤشرات على تورط النظام الإيراني في تسميم الفتيات:

  1. بناء على تاريخ الأحداث، فلا توجد مجموعة أكثر اندفاعاً وتحفيزاً من هذا النظام الفاشي لمواجهة النساء والفتيات، علاوة على أن الهجوم الكيماوي على مدارس البنات لا يتعارض مع استراتيجية هذا النظام المناهضة للنساء والفتيات
  2. اعتراف نائب وزير الصحة الإيراني بأن أشخاصاً يقومون بتنفيذ هذه الهجمات سعياً إلى إغلاق المدارس وخاصة مدارس البنات في إيران.
  3. أشارت الباحثة في الدراسات الإسلامية والعضوة السابقة في مجلس بلدية طهران صديقة وسمقي إلى أن هذا العمل الإجرامي والمشؤوم نتاج غرفة وضع الاستراتيجية داخل بعض المؤسسات التابعة للنظام الإيراني، وكشفت عن بعض الجرائم من قبيل قتل المعارضين والكتَّاب واستهداف طائرة الركاب المدنية الأوكرانية وإطلاق النار على عيون الفتيات.
  4. تجنيد الشبيحة وتوظيفهم لارتكاب الجرائم التي عادة ما يُحجم الشرفاء عن ارتكابها.
  5. غرفة وضع الاستراتيجية تدعو إلى مواصلة قتل المواطنين بالسلاح الكيماوي، بغية استعباد أبناء الوطن رجالاً ونساءً وأطفالاً ومد فترة حكم نظام الملالي حتى لو تطلب ذلك استخدام جميع الأسلحة بما فيها الأسلحة الكيماوية.
  6. إن هذه الإجراءات نابعة من قريحة "الأصوليين الجدد" في إيران في محاولة للعودة إلى عصر الجاهلية حسبما كتب عباس عبدي أحد المحسوبين على ما يسمى بـ التيار الإصلاحي في صحيفة "اعتماد".

قوات الشرطة والأمن والكاميرات تستهدف المتظاهرين

أشار تقرير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية كثرة التقارير المتعلقة بإطلاق النار الممنهج في معظم مدن إيران من قبل عناصر الأمن الإيرانية على أوجه المحتجين ورؤوسهم، مما أدى إلى فقدان بصر العديد منهم، لا سيما الفتيات الإيرانيات، وبحسب قول عدد من الأطباء والممرضات الذين عالجوا ضحايا المظاهرات، أنهم سجلوا هذه الممارسة لأول مرة بعد أن لاحظوا أن الجروح التي تتعرض لها النساء في الاحتجاجات، تختلف عن إصابات الرجال، والتي غالبا ما تكون على مستوى الرجل أو الأرداف أو الظهر.

فيما تستخدم قوات الأمن الإيرانية الطائرات المسيرة وكاميرات المراقبة للتعرف على المتظاهرين واعتقالهم، ولمساعدة القوات الخاصة في اكتشاف القنابل محلية الصنع، ويُعتبر تصعيد أساليب تحديد الهوية والمراقبة؛ مرحلة جديدة في حملة قمع المتظاهرين، الذين يحتجون ضد الحكومة، هذا وأعلنت السلطات الإيرانية بدء تركيب كاميرات في الأماكن العامة لرصد النساء غير المحجبات والتعرف عليهن، وأفاد بيان الشرطة أن إيران تستخدم ما يسمى بالكاميرات الذكية وأدوات أخرى لتحديد المخالفات للحجاب الإجباري وإرسال وثائق ورسائل تحذير لهن؛ والمثير للعجب هنا وبحسب تصريحات مسؤولي النظام فإن كاميرات حكومة النظام تستطيع كشف المتظاهرين وغير المحجبات لكنها عاجزة عن كشف وفضح مرتكبي جرائم التسميم المتعمد للطالبات في مئات المدارس ومناطق مختلفة في جميع أنحاء إيران.

د.سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي