د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

إلى متى تبقى شعوبنا العربية تستهلك آلة الحرب في جسدها الممزق؟ !!

اليوم.. وبكلّ اللغات  يخاطب العقلاءُ ضمائر الإنسانية،  حريّ بنا أن نستيقظ على نهضة كبرى في الزراعة والصناعة والبناء في وطننا العربيّ الكبير، لكننا نصحو على مدافع البارود وهي تدكّ ما تبقى من أحلامنا، وترسم اليأس على  أجسادنا وجباهنا ، كما تزرع الألغام في بلادنا.
وكلّما انتهت مأساة  في بلد عربيّ، حرّك الشيطان  يديه مناديا ما تحت الرّماد في بلد آخر يتحوّل إلى جمرٍ يتلظّى  يحرق أبدان الضعفاء الذين لا يملكون نعالا ثم يرتحلون على زوارق الموت الى  قارة أوربا ، والأعجب من ذلك كله أن هؤلاء يوحدهم دين واحد، ولسان واحد وهم يعلمون أن أعدائهم وحدهم  من يصنع تلك  الحروب لتحقيق الأهداف الماكرة التي ترسو في مستنقعات ضحلة، ولا نرى سوى الأطفال والأبرياء وحدهم  تنغرس في أجسادهم رصاصات الموت، وتعصر حياتهم أسلحة الدمار والتدمير.
ونوجه هذا النداء اليوم  إلى اخوتنا في الإسلام والعروبة  الذين يقتتلون في السودان خاصة واليمن وتونس وليبيا عامة ونقول لهم :  كفوا أيديكم فأنتم لا تملكون رقاب الناس، وكفاكم تدميرا لشعوبنا العربية  المضطهدة  لا لشيء سوى تحقيقٍ رغبات الوهم والهوى والجدل والكبرياء والسلطة والحكم.
والذين اقتتلوا من العرب فيما بينهم، أو كانوا مجرد حطب في حرائق المنطقة، كانوا قادرين على تحرير فلسطين والاندلس وانطاكيه وعربستان والبوسنه والهرسك ومجاهل أفريقيا ، لكنها دماء يتم سفكها دون غاية !!
تذكرت هذا الكلام، وأنا أتابع حرب “العشر الأواخر” في السودان العزيز، حيث يقتتل العسكر، ويقتلون بعضهم البعض، ويروعون الشعب السوداني، والذي هو من أطيب الشعوب العربية، ولا يحترم الفرقاء حرمة شهر رمضان، ولا عيدا، بل يواصلون حربهم حتى داخل الأحياء السكنية.
تذكرني هذه الحرب بحروب اليمن التي تفجرت في العصر الحديث   الحديث من عام 1963م حتى عام 1970م  وتذكرني بحرب 13 يناير عام 1986م  في عدن وحروب الحوثيين في اليمن التي  تجاوزت  كل الحروب في العالم العربي، من الحروب الأهلية، إلى حروب الصراع على السلطة، إلى الحروب المفتعلة مع دول الجوار، مرورا بحروب الفساد والنهب وغياب العدالة، والتجهيل والتضليل والظلم والتسلط والتمييز وغياب الحريات الأساسية، وتدني جودة الحياة، والتعليم، وخدمات الصحة!! 
وما دمنا نتحدث عن الأشقاء في السودان، فإن مشاعرنا مختلطة، تأسف على  ما ذاقوه من حروب مع أكثر من 17 انقلابا عسكريا، منذ استقلال السودان عام 1956 !!
ونسأل أنفسنا :  لماذا كتب  على الإنسان العربي أن تضيع حياته وموارده ويخسر روحه في هكذا معارك، لا قيمة لها، وإذا كنا سابقا نؤمن بكون هذا الدم مرهون للقضايا العربية الكبرى، فلم نعد نمارس هذا الترف، وكل ما نريده أن يحظى الإنسان العربي في بلده بفرصة حياة تليق به، بدلا من كل هذا الخراب، فلا عاشوا لبلادهم، ولا لأمتهم، وهذه والله مفارقة كبرى في هذا الزمن الرديء الذي يسفك فيه  الدم العربي  في السودان، والدم العربي المسفوك في كل مكان من بلاد العروبة فهل من عاقل يسمع  أو لبيب يعقل ؟؟!!.
د . علوي عمر بن فريد