ضياء قدور يكتب لـ(اليوم الثامن):
زيارة إبن الشاه المخلوع لإسرائيل.. مادة إعلامية دسمة في يد الملالي
في خطوة أعطت فرصة أخيرة لنظام الملالي ليتنفس الصعداء قليلاً ويستجمع شتات قواته التي باتت تترنح تحت وطأة الاحتجاجات الشعبية وتحركات وحدات المقاومة، سافر رضا بهلوي ابن شاه إيران المخلوع مؤخراً إلى إسرائيل بدعوة من وزير المخابرات في هذا البلد، وشارك في احتفالات إسرائيل الرسمية لإحياء ذكرى المحرقة.
وفي استغلال مباشر لزيارة بهلوي لإسرائيل، بدأ النظام الإيراني فعلياً باغتنام هذه الفرصة لقمع الاحتجاجات على مستوى البلاد ومحاولة تشويه سمعتها من خلال الترويج لأكاذيبه بأن دولاً أجنبية معادية، بما في ذلك إسرائيل، تقف وراء المظاهرات المناهضة للحكومة التي بدأت في أيلول/ سبتمبر 2022، وهذا الأسلوب قريب من أسلوب حكومة رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبدالمهدي وعملاء الملالي في الإدعاء بأن انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر التي حصلت في العراق مدعومة من السفارة الأميركية.
وبالإضافة إلى استخدام القمع الوحشي، يهدف نظام الملالي إلى ردع الناس وجعلهم يتخوفون من المشاركة في الاحتجاجات والمجازفة بحياتهم من خلال التلميح إلى أن القوى الأجنبية تسعى إلى إعادة دكتاتورية الشاه الى إيران.
من ناحية أخرى، زيارة رضا بهلوي لإسرائيل مكّنت نظام الملالي مِن رفع الروح المعنوية لقواته القمعية المحبطة، كالباسيج، وحرس الملالي، ووزارة المخابرات والعملاء الآخرين، بهدف جعلهم يمارسون المزيد من القمع من خلال التذرع بأن المتظاهرين هم بيادق في أيدي القوى الأجنبية.
وسرعان ما انطلقت الماكنة الإعلامية للنظام الإيراني في نشر الأخبار المضللة، وأعادت نشر الأكذوبة القائلة بأن دولًا أجنبية، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة، تقف وراء الانتفاضة. وكتبت وكالة أنباء (تسنيم) التابعة لفيلق القدس التابع لحرس الملالي :" يمكن أن تكون الدليل الأهم للجميع ليرى أن مزاعم الجمهورية الإسلامية حول المؤامرات الصهيونية الأمريكية ضد البلاد وراء الكواليس صحيحة وليست حرباً نفسية ''. وكتب عبد الله کنجي،(الموالي لخامنئي)، ورئيس التحرير السابق لصحيفة جوان التابعة لحرس الملالي، ورئيس التحرير الحالي لصحيفة همشهري :" ان الموساد، بدعوة بهلوي، أظهر أنه يسيطر على المعارضة وراء الكواليس، هذه الدعوة تعني أن إسرائيل لم تتخل عن تركيزها على تأجيج التوترات داخل إيران ".
لقد تزعزعت أسس نظام الملالي بشكل لا يصدق نتيجة انتفاضة غير مسبوقة استمرت سبعة أشهر، وقام الملالي، بالإضافة إلى استخدام القوة المفرطة، بقتل ما لا يقل عن 750 متظاهرا واعتقال 30 ألف آخرين.
ولجأ الملالي الحاكمون الى تأخير سقوطهم الحتمي من خلال التلاعب بورقة رضا بهلوي للإيحاء بأن الانتفاضة كانت تدور حول عودة نظام الشاه لإيران، وهو الأمر الذي رفضته الغالبية العظمى من الإيرانيين، من خلال شعارات (لا للشاه ولا للملالي... نعم للحرية والديمقراطية، والموت للظالم سواء كان الشاه أم المرشد) ..
واليوم تأتي زيارة رضا بهلوي لإسرائيل هذه المرة أيضاً في اتجاه المسارات التي تصب في صالح نظام الملالي الحاكم، في حين تبدو الخطوة التي يسعى من ورائها لكسب الشهرة وإثارة الصخب الإعلامي لا تخدم الصالح العام للشعب الإيراني المنتفض البتة.
وتعليقًا على زيارة بهلوي لإسرائيل، قال السفير الإسرائيلي السابق لدى فرنسا، دانيال شيك، أنه :" من الناحية الرمزية، إنها جميلة جدًا، إنها زيارة سعيدة، لكن عليك أن تكون صادقًا بشأن هذا، إنه ليس قوة يحسب لها حساب حالياً في إيران، إنه تذكير بالأيام التي مرت منذ زمن طويل، لا أفكر بما قد تكسبه إسرائيل من خلاله لأن معظم أتباعه في المنفى، ولستُ على علم بوجود قوة كبيرة داخل إيران تعتقد أن عودة الشاه ونظام الشاه هي الطريق إلى الأمام… حتى أولئك الذين يؤمنون بالديمقراطية ويكرهون الجمهورية الإسلامية، لست متأكدًا من أنهم يعتقدون أن خيارهم الأول هو العودة إلى حقبة الشاه".
وتأتي زيارة رضا بهلوي لإسرائيل أيضا بعد الفشل الذريع لجولته الأوروبية الأخيرة ورفضه من قبل الممثلين المنتخبين لشعوب أوروبا الذين رأوا أن مواقفه الديمقراطية ليست سوى واجهة نظرًا لرفضه التنديد علنًا بالجرائم البشعة التي ارتكبها والده وأتباع والده، وولائه المعلن لطريق والده، ومحاولة استثماره في حرس الملالي (IRGC) كعامل تغيير.
على هذا النحو، شرع رضا بهلوي في هذه الحملة الترويجية الأخيرة في محاولة يائسة للحصول على درجة من التقدير، والتي فشلت جولته الأوروبية في تحقيقها. ولكن، كما قال ويليام شكسبير :" ما الماضي إلا مقدمة تمهيدية ".
ابن الشاه ليس عدا لعبة