عبدالرزاق الزرزور يكتب:

التطبيع العربي مع نظام القمع السوري خطوة إلى الوراء

تراجعت آمال نظام القمع السوري بالعودة إلى الجامعة العربية خطوة ( ربما تكون واسعة ) إلى الوراء بسبب الاعتراض الصريح  لدولة قطر ودولة الكويت خلال الاجتماع الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي الأخير.
بررت الدولتان الاعتراض ، بعدم زوال مبررات طرد سوريا من المنظمة العربية وهي الوجود العسكري لما يسمى بـ الحرس الثوري الإيراني على الأراضي السورية ودعمه للميليشيات المسلحة الشيعية العراقية والأفغانية والباكستانية ، إضافة للتواجد المكثف لميليشيا حزب الله اللبناني وبناء قواعد ومعسكرات التدريب له على الأراضي السورية، وهو ما اعتبرته الدولتين تهديداً للسيادة وضياعاً للهوية السورية، عدا عن كونه تهديداً غير مباشر لدول الخليج عبر تصدير الإرهاب والمخدرات نحو أراضيها مما يهدد الأمن والاستقرار الاقليمي.
وقد لاقى هذا الاعتراض قبولا واستحسانا من قبل المملكة العربية السعودية التي استقبلت المجرم ماهر الأسد ( مهندس عملية التقارب ) على اراضيها، والذي وافق بدوره على الشروط السعودية الخليجية لكنه تمنى أن تناقش وتُحل  قضية التواجد الإيراني على الأراضي السورية بوساطة سعودية مع إيران بحكم التقارب السعودي الإيراني لكن المملكة التي بجعبتها ملفات أكثر أهمية تناقشها مع ايران كالحرب في اليمن التي شارفت على وضع أوزارها على قاعدة النصر للجميع لاغالب ولا مغلوب، إضافة لإتفاقية عدم الاعتداء والتدخل بالشؤون الداخلية لكلا البلدين قد أعادت  الكرة الى الملعب السوري مرة أخرى عبر إغراء القيادة السورية بفتح الآفاق الخليجية والسماح لمواطني دول مجلس التعاون بالاستثمار في سوريا، ودعم اعادة اعمار سوريا وإغداق الأموال على الأسواق السورية المتعطش رعاتها والفاسدين فيها قبل المواطن لضخها وتحريك الدورة الدموية في جسد الاقتصاد السوري الذي اوشك على النفوق.
تلك المغريات كلها مشروطة بتمكن النظام من التخلص من التواجد الإيراني، وتواجد حزب الله على الاراضي السورية، وهو ما تنتظره الدول الخليجية. 
إتفاق التطبيع العربي مع نظام القمع السوري جاء نتيجة لمخاض عسير أشرفت عليه أنظمة وأجهزة مخابرات وصارت لأجله جولات مكوكية إلى دول مجلس التعاون الخليجي وتحركات مغاربية ودعم عراقي ودفع إيراني  لاقناعهم بضرورة إعادة سوريا إلى الحاضنة العربية بعد الإدعاء بأن النظام قد استطاع بسط سيطرته على معظم الجغرافيا السورية، والحقيقة مغايرة لذلك تماماً فلا سيادة وطنية على الأرض والقرار في سوريا.. سورية المقسمة  سيادتها مع حرس الملالي والميليشيات التابعة له وميليشيا حزب الله وميليشيات أخرى أصابت سوريا بالوباء والفتنة وتهدد وجودها كدولة ذات سيادة.
التطبيع رغبة غربية  
""""""""""""""""""""
كل تلك التفاصيل أثبتت - بما لا يدع مجالاً للشك صواب ما كنا نطرحه من أن الأنظمة العربية الوظيفية باتت لا تتحكم بزمام الأمور وأن التقارب أو التنافر العربي، وما يحصل من حروب بينية أو أهلية هو حصيلة عبث الأصابع الصهيونية ببلداننا العربية وهو ما أدى إلى فقدان قرارها السيادي.
ولازالت الاحداث تؤكد أن التقارب الإيراني السعودي كان نتاجاً لرغبات ومباركة غربية بامتياز من أجل إعادة جدولة الحسابات وفرض الخارطة الجيوسياسية الجديدة في المنطقة ليس من منظور عربي وإنما من منظور غربي لا يبعد كثيرا عن المنظور الصهيوني بل قد يكون نيابة عنه خاصة في ظل تهدئة نظام الملالي مع الصهاينة.
إذا فالتطبيع العربي مع نظام القمع السوري لم يكن مبنياً على اعتبارات قومية أو وطنية خاصة وأن إرادة الشعب السوري بالتغيير لم تتحقق ولازال السواد الاعظم من الشعب بين نازح ومهجر ومغيب في ظل انسداد الأفق أمام الحل السياسي، وإنما جاء هذا التطبيع كثمرة لإملاءات غربية ومساومات ومهادنة مع نظام الملالي وسياسات مهلكة للدول والشعوب العربية، سياسات لا تنفك من إبداء الإعجاب بالأنظمة القامعة للشعوب كالنظام الإيراني الذي يقتل المئات يومياً من أبناء الشعب الإيراني الأعزل، وجريمته الكبرى ليست سوى خروجه على حاكم ظالم وجاهل يريد قيادة البشر على الطريقة الفرعونية وقاعدة (لا أرى لكم ربٌ سواي).، نظام يريد إعادة إنتاج التاريخ الأسود الذي أغرق أوربا عصوراً بالظلام والحكم عبر القساوسة والرهبان بإسم الرب.          
نعيد قولنا للعالم وللأنظمة العربية.. إنكم تراهنون على حصان نافق لا ينتمي إلى فصيلة الخيول ولا يقوى على العودة إلى الحياة وليس العودة  للرهان عليه في مضمار سبقا الخيول.