كرم نعمة يكتب لـ(اليوم الثامن):

أنا أصدّق ماسك، ومتى كذب!

لندن

قال إيلون ماسك إنه دفع رسوم الاشتراكات بالعلامة الزرقاء نيابة عن الكاتب ستيفن كينغ والممثل وليام شاتنر ولاعب كرة السلة ليبرون جيمس الذين انتقدوا جميعهم خطة الاشتراكات مقابل بقاء تلك العلامة في حساباتهم على تويتر.

وأنا أصدّقه “ومتى كذب أصلا؟”، فلا يمكن الاستغراب من قيام مشعلو حرائق الحروب الثقافية بتمثيل دور رجال الإطفاء، فلو افترضنا أنه دفع مقابل اشتراك عشرة مستخدمين، فهذا يعني أنه سيدفع 80 دولارا شهريا، وهذا مبلغ تافه في حسابات أغنى رجل في العالم. ولا يعادل ثمن نوعية القهوة الإيرلندية باهظة الثمن التي يشربها! نتحدث هنا عن رجل في رصيده أكثر من 250 مليار دولار. مقابل ذلك أعربت الممثلة الأميركية ديون وارويك عن استيائها من سلوك ماسك وقالت “لا أدفع مقابل الحصول على العلامة الزرقاء، هذا المال يمكن أن أخصصه من أجل الحصول على كوب إضافي من قهوتي”.

مهما يكن من أمر، نحن أمام حرب ثقافية سامة أدارها تويتر عندما أصبح في عهدة ماسك بعد إزالة العلامة الزرقاء من حسابات رفضت أن تدفع مالا لزيادة ثروة أغنى رجل في العالم. فقد انضمت وسائل إعلام عريقة إلى قائمة الرافضين لخدمات “تويتر بلو”.

الرفض لا يتعلق، في حقيقة الأمر، عند أغلبهم بقيمة مبلغ ثماني دولارات شهريا، عندما نتحدث عن مؤسسات وأشخاص يمتلكون المال والثقة بالنفس، ويرفضون تعريف أنفسهم مقابل اشتراك شهري. فماذا إذا عن التعريف بطريقة تفكيرهم، أو كما نشر سكوت غالواي مؤلف كتاب “على غير هدى”، صورة لمتظاهر يرفع لافتة كتب عليها “لا يتعلق الأمر بثماني دولارات”. ذلك ما نجد تفسيرا له عندما نعرف أن جزءا ضئيلا من أصحاب العلامات الزرقاء السابقة، أي أقل من 5 في المئة من 407 آلاف حساب معني، اشتركوا بـ”تويتر بلو” وليس كما زعم مستخدم “ربما متهكما” بالقول “إذا كان جورج أورويل على قيد الحياة، فسيدفع لماسك ثمانية دولارات شهريا مقابل اختيار العلامة الزرقاء”.

يختصر لنا براندون بورمان، مدير الاتصالات السابق في تويتر، تلك الحرب الثقافية المستعرة لظاها منذ أيام في أروقة تويتر وأعمدة الصحف، بأن فرض ثماني دولارات شهريا سيجعل من المنصة تفقد “سحرها”، فجميع المستخدمين لديهم أصوات متساوية حاليا، لكن بيع علامة التحقق سيؤدي إلى “الطبقية”.

سبق وأن كتبت بأن تويتر بمثابة الحنجرة العميقة للعالم لكنها ليست المنصة المثلى لحكم العالم. يعتمد عليها الملايين من الأشخاص ولا أعتقد أنهم يرغبون في أن يكونوا تحت رحمة ثري فنتازي. واليوم يريد ماسك أن يضع كل هؤلاء تحت سطوته، بعد أن تعاطى “حبة تويتر السامة” بتغيير العصفور إلى كلب يريده أن يبيض مالا.

عندما حصلت على العلامة الزرقاء قبل سنوات أخبرتني رسالة تلقيتها من تويتر بأن المسؤولية باتت مضاعفة بما أنشره، وعندما ألغيت العلامة من حسابي الأسبوع الماضي مثل مئات الآلاف من المستخدمين، شعرت بأن المسؤولية تضاعفت أكثر، ذلك قد لا يعني الكثير لماسك الذي يفهم الحرية وفق تعريف الفيلسوف البريطاني أشعيا برلين “حرية الذئاب تعني موت الأغنام”. لنتساءل بعدها ماذا يحدث عندما يمتلك من يتسبب بالمشكلة، الحق في تقرير ماهيتها وكيفية إصلاحها؟

للإجابة على ذلك نحتاج إلى العودة إلى البروفايل الذي كتبته الزميلة رولا خلف رئيسة تحرير صحيفة فايننشيال تايمز عن ماسك، متسائلة: لماذا ينخرط رجل جاد لديه أفكار جادة في ألعاب تويتر السخيفة التي قد تكلف متابعيه ثمنا غاليا؟ فرد عليها ضاحكا، ألست مستمتعة في أن ألعب دور الأحمق على تويتر وأصعّب الأمور على نفسي وأتسبب في كل أنواع المتاعب؟