ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):

الامير الصغير وكابوس سبتمبر المرير

بين الفينة والاخرى وعلى مدى 12 عاما ,يخرج علينا الامير " محمد الحسن الرضا السنوسي" الذي لم يعد (صغيرا),على وسائل الاعلام المختلفة عارضا نفسه بان يكون ملكا على ليبيا .

يبدو ان حديث المستشار عبد الجليل ذات يوم بشان العودة الى الملكية والتمنى على الامير بالقبول بان يكون ملكا على ليبيا, قد دغدغ مشاعر الامير الصغير,وجه خطابا الى من اسماه الشعب الليبي الكريم,تحدث فيه عن حقبة الملكية واعتقد انه لم يعاصرها, بل ربما نقلها اليه بعض من جلاّسه,تحدث عن الملكية ومآثرها,يخيّل الى السامع الذي لم يعاصر تلك الفترة انها كانت جنة الرب على الارض.

الامير تناسى ان الانسان الوطني وان لم تكن بالبلد موارد طبيعية فانه لن يقدم على جلب مستعمرين من خلال قواعد عسكرية والحجة هي الحصول على بعض الاموال اللازمة لتقديم بعض الخدمات الضرورية للشعب بل عليه السعي لدى العالم سواء بالحصول على معونات ومنح او قروض بشروط ميسرة على غرار ما فعل الرئيس بورقيبة الذي يشهد له التاريخ بأنه من اجل تونس قام بطرق عديد الابواب (تسوّل) ليحفظ لتونس كرامتها وعزتها,بينما جلب تلك القوات وإقامة القواعد هو عرفان بالجميل لمن نصبوه ملكا على برقة بل ليبيا بمجملها,كما انه لم يقدم على ترحيل الايطاليين الذين استولوا على الاراضي الزراعية ويشغّلون الوطنيين على غرار ما حدث في دول جنوب افريقيا حيث استولى البيض على الاراضي الزراعية بينما يعمل ابناء اتلك البلدان كعبيد.

صبّ جام غضبه على انقلابيي سبتمبر, قد نجد له العذر لان الانقلابيين,ازاحوا الملك عن العرش دون اراقة دماء, وقطعوا الطريق على ولي العهد الميمون وخلفه الصالحين لتولي عرش ليبيا,كما انهم قاموا بطرد القواعد الاجنبية وبالأخص الانجليز الذين لهم كل الفضل في تنصيب الامير (الجد) على البلاد وما تبقى من مستعمرين ايطاليين.

في طرابلس العاصمة والى زمن قريب, كانت اماكن العهر وتعاطي الخمور شاهدة على العصر الملكي الذي يدعي اعتزازه بتطبيق تعاليم الاسلام في البلاد. 

لسوء حظ الامير ان الانقلابيين تمكنوا من البقاء في السلطة على مدى اربعة عقود,كما ان المحاولات الانقلابية الفاشلة زادت من غضب من اعتقدوا انهم الاحق بحكم ليبيا,ربما وجد هؤلاء العزاء في ثورة فبراير التي انتقمت لهم وأثلجت صدورهم, لكن عدم استتباب الامور عقب التغيير ووجود اصوات نشاز ترى في العودة الى الملكية خلاصا للبلاد, جعل من الامير الصغير يبادر بالإعلان عن رغبته في ان يكون ملكا على ليبيا ان رغب الشعب في ذلك.

نقول للامير ومن يطبل له ويزمر,تأخر صياغة الدستور لأي سبب كان, لا يعني بالضرورة العودة الى دستور 51 او المعدل 63 . تطور الفكر البشري يفرز نظما وقوانين تتناسب وطبيعة المرحلة,تنظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم,وان عصر الملك الذي يملك الارض(باطنها ثروات طبيعية) وما عليها من بشر وحجر, او انه ظل الله في الارض قد ولّى الى غير رجعة,ونذكره بقول قس بن ساعدة الايادي قبل 14 قرنا, "انّ من مات فات,..و,,,, الخ".

من حق الامير الصغير ان يحلم كما الاخرين, بان يكون وزيرا او نائبا او رئيس دولة,او قائد ميليشيا او فقيها على مختلف المذاهب لتيسير الامور الدنيوية(!), او شيخ قبيلة او احد الاعيان,او رجل اعمال يجلب مختلف السلع ويقدم الخدمات لأجل رفاهية المواطن (دولة الرفاهية) ,كل شيء جائز في هذا العصر,لكن الذي لاشك فيه ان اللييين او لنقل غالبيتهم,لن يرضوا بان يضعوا شخصا على كرسي العرش اشبه بدمية يتم تحريكها وفق الطلب والشواهد على ذلك كثير,فكافة ملوك وسلاطين وأصحاب الجلالة من عرب ومسلمين هم للغرب تبّع.

نذكّر فان الذكرى تنفع المؤمنين,ولئلا يكون هناك حرج, بأن العودة الى دولة صاحب الجلالة جد مستحيلة, وهناك اناس في كل مكان وزمان لهم القدرة على الاخذ بزمام المبادرة والرسو على شاطئ الامان.