عائشة الحسنات تكتب لـ(اليوم الثامن):
يصافحون باليمنى ويطعنون؛ ويدسون السم باليسرى
كنا ولا زالنا دعاة تآخي وتسامح ومحبة .. نصون الجوار ونحترم قيم وأصول السلم والحوار، ونرفض العدوان ونحمل من هموم الأمة فوق طاقتنا وقدراتنا ونمضي قدماً، وبالنتيجة هذا هو حال الأردن حكومة وشعباً فجيشنا وقواتنا الأمنية في حال نفير عام منذ سنين درءاً للعدوان ودفعا للبلاء الموجه إلينا ولأمتنا وكأنها حرب موجهة ضدنا؛ نفير يستنزف قدراتنا المالية ويعرض أبنائنا ومجتمعنا للمخاطر.. وهذا هو حال المرأة الأردنية الغارقة في قلقها على أبنائها المعرضين للمخاطر سواء على الحدود أو في صفوف القوات الأمنية، أو القلق عليهم من مخاطر المخدرات التي تستنزف قدراتهم ومستقبلهم عندما يتم استهدافهم وبلادهم أمنياً واقتصادياً واجتماعياً بهذا الكم المرعب من المخدرات.. المخدرات التي تقف ورائها دول تقودها حالة أشبه بالعصابات؛ وأي حربٍ هذه الموجهة ضد الأردن والأمة العربية.. أي حرب هذه وأي تطبيع هذا الذي لا يقوم على قيم وصدق وثوابت العهود والمواثيق بين الدول.
نحن أمة تؤمن بالله وبرسوله حق الإيمان ولا ولن ندعي خلافة الله كما يدعيها ملالي إيران الذين لا يحترمون ديناً ولا عقيدةً ولا جاراً ولا عهوداً؛ يصافحوننا بيمناهم ويطعنوننا ويدسون سمومهم في أوطاننا ومجتمعاتنا بيسراهم وهو ما لا يجوز لا شرعا ولا عرفا بين الدول؛ ولا عرفا لدى من يدعون رغبتهم بالصلح وإقامة علاقات طيبة مع الجوار بعد أن أهلكوا بلدانهم وشعوبهم وأضمروا وأعلنوا لهم العداء، فإن كانوا أهل إيمان فذلك الدين القيم ينهاهم عن فعل ما يفعلون بحق شعبهم وبحق جيرانهم، وإن كان لهم إيمان برسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فليتذكروا قول الرسول الكريم ( ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)؛ وليتذكروا قول الباري عز وجل ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب) فهل هذا عملكم بوصية رسول الله بالجار، علما بأننا مدركون تمام الإدراك بأنهم في طهران لو شاءوا لكفوا الأذى عن اليمن ولبنان والعراق وعن سوريا ومنعوا تدفق المخدرات والسلاح منها إلى الأردن ودول الخليج فإن أمسكوا ميليشياتهم وأحكموا الوصاية حكموا الحدود وأوقفوا تدفق تجارة الموت على الأقل كبادرة حسن نية في حوارهم مع العرب، فالمهيمنون على تجارة المخدرات على الحدود السورية الأردنية هم ميليشيات تابعة لهم ومدعومة على الأرض من قبل أجهزة حكومية لدولة فقدت سيادتها حتى على ميليشيات مُستخدمة على أراضيها ضد شعبها وجيرانها فتاجر المخدرات هذا لا رادع لديه ولا وازع يمنعه من ذلك حتى في محيطه الأقرب.
رحبنا بعودة سوريا إلى محيطها العربي وسعينا ونسعى إلى إنجاح ذلك، وها هي سوريا تشارك في قمة عربية في الوقت الذي لا تزال فيه الحدود غير منضبطة وفي الوقت الذي لا تزال فيه جهودنا وأموالنا مستنزفة وأرواح أبنائنا مهددة في كل لحظة، ولم نعد نعلم كيف نفسر عدم إنضباط الحدود وعدم التعاون في ضبطها.. هل هي حرب موجهة؟ أم هي أوراق ضغط؟ هل يجروننا إلى حرب شاملة على الحدود التي نحميها بدماء أبنائنا الغالية للحد من حجم المخدرات المتدفقة إلينا وإلى دول الخليج التي تعلم أننا نتلقى صدمة الأزمة لحماية بلدنا وشعبنا والتخفيف عنهم.
لقد بات تهريب المخدرات على الحدود والتجارة بها في الداخل ونقلها من الداخل إلى الخارج وسيلة وسلاحا ذو حدين هدم المجتمعات من جهة ونشر الجريمة من جهة أخرى وما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة، وأما الميليشيات التي تراجع تمويلها فقد أصبح لديها بديل يوفر لها مليارات الدولارات من خلال قتل البشرية بسموم المخدرات.
حلين لا ثالث لهما في قضية التهريب وتهريب المخدرات والخروقات الحدودية .. إما أن يثبت الجار بأنه دولة ذات سيادة وقادر على حمايتها وإما أن نجد نحن حلولا لذلك وهي ممكنة مؤجلة.، أما على الجانب الآخر وهو الأهم في الأزمة وهو راعي الميليشيات المستهترة فإن عليه أن يكف عن سياسة المصافحة باليمنى والطعن باليسرى... إنهم يختبرون صبر الحليم.
/ نائبة برلمانية أردنية.