عبدالرزاق الزرزور يكتب لـ(اليوم الثامن):

بأذرعٍ إيرانية.. سورية بين التقسيم والفشل

دمشق

لم يكن الشعب السوري ومنذ انطلاق الشرارة الأولى لثورته المجيدة عام 2011، لم يكن في غفلة عن الدور الإيراني وأذرعه التي بدأت تمتد لوأد الثورة ومناصرة نظام عائلة الأسد الاستبدادي ومنعه من السقوط.

بدأت المساعدة الايرانية بالمستشارين الأمنيين لتقديم الخبرات الأمنية الايرانية بالتعامل القمعي مع تحركات الشعب الطامح للحرية بالعنف وإغلاق جميع الأبواب التي تعطي إشارات للجماهير بضعف القبضة الحديدية للسلطة.

ولما فشلت جهود نظام الملالي وهزيمة النظام أمام جحافل الثوار بات حتماً على الملالي تحريك ذراعهم الارهابي ( داعش) الذي سيطر على شمال وغرب العراق واعطاءهم الأذن بدخول الاراضي السورية أواسط العام 2014 عبر البوابة العراقية والاستيلاء على المناطق التي سلبتها المعارضة من مخالب النظام بتمهيد عسكري بري وجوي من قبل قوات النظام السوري.

وبالفعل تمكن النظام الارهابي من السيطرة على شرق ووسط سورية بدءاً من الحدود العراقية السورية، والاستيلاء على محافظتي  دير الزور والرقة والوصول إلى شمال شرق محافظة حلب وجزءاً من البادية السورية حتى مدينة تدمر.

لكن الدور الأخطر الذي لعبه التنظيم الارهابي وأسياده الملالي حينما وصلت طلائعه الى القلمون قرب الحدود اللبنانية، هنا جاء دور حزب الله القذر ليجد ذريعة لتدخله في سورية بحجة طرد التنظيم وابعاد خطره عن لبنان، وكان له ما اراد باستسلام صوري لعناصر داعش ونقلهم بحافلات سورية وحماية من الحزب الى شرق سورية بكامل عتادهم وأسلحتهم. 

ولم يكتف الحزب الذي هو ذراع من أذرع إيران القوية في المنطقة بهذا الحد بل قام بأكبر عملية تطهير عرقي بمنطقة القلمون بقتل وتهجير السكان الأصليين.. قتلهم بالجملة بالسواطير والسكاكين.

  فكر المؤامرة

لم يتوقف الدور الخبيث لنظام الملالي عند هذا الحد هنا في سورية بل تعداه إلى إقناع المجتمع الغربي وأمريكا بالتدخل لاجتثاث التنظيم الارهابي (الذي هو صناعة إيرانية بامتياز) والقضاء عليه في العراق وسورية وتمكين الأنظمة السلطوية من بسط نفوذها على مناطق التنظيم ليضرب عصفورين بحجر واحد.

لكن المقادير والحسابات الدولية أفرزت خططاً أخرى بتدخل روسيا على خط القتال الغربي ودخول أمريكا عسكريا بالقتال مع الأكراد أصحاب المشروع التقسيمي الأكبر في المنطقة في شمال وشرق سورية أو ما بات يعرف بمنطقة غرب الفرات، ولا يغفل المتابع عما تقوم به تركيا باحتلال أجزاء متفرقة من الأراضي السورية المحاذية لحدودها بداعي دفع الخطر المحتمل القادم من الأكراد الذي يهدد وحدة وسلامة أراضيها وشعبها.

لقد باتت الخريطة الجغرافية السورية بجهود الملالي مقسمة داخل الدولة الواحدة بين أطراف الصراع كل حسب قوته وحجمه العسكري على الأرض، وبات المواطن السوري حبيس منطقته الضيقة في وطنه فلا يستطيع التنقل بين مناطق اختلاف النفوذ إلا بشروط معينة مثل (بطاقة الوافد) أو الكفيل المقيم، وأضحت الحواجز العسكرية تقطع اوصال المناطق عن بعضها وتحرم المدنيين من التواصل مع اقاربهم واهليهم.

واقع مرير فرضه النظام القمعي في إيران على الشعب السوري ليكرس الفكر الفاشي المتسلط ويعمم تجربته القمعية على شعبه في إيران على الدول الأخرى ويثبت للعالم أن فن المراوغة والكذب هو السمة الأساسية لإدارة حكمه.

ومع حتمية التقسيم الذي يعيشه المواطن السوري جحيماً يومياً تبرز معاناته الاقتصادية والمعيشية سواء في مناطق سيطرة النظام أو تلك التي تسيطر عليها الميليشيات وغياب أبسط مقومات الحياة وتفشي الفقر والجهل والمرض وارتفاع نسبة ارتكاب الجرائم وفقدان الأمن.

ومع تدهور العملة الوطنية أمام العملات الأخرى تحولت مؤسسات الدولة إلى مؤسسات فاشلة يكسوها الفساد وتغطيها الرشوة ولا تقدم الخدمات إلا لمن يدفع أكثر.

عبدالرزاق الزرزور / كاتب ومحامي وناشط حقوقي سوري