ناصر الخضريكتب لـ(اليوم الثامن):
الاعلام السعودي ونملة سليمان
منطق "النملة" أمام جيش سليمان، كان الصمت الذي يحفظ لها شكلا من الهيبة والاعتبار، اجابت النداء (
يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ) لكهنا لم تحمد لسليمان وجيشه عرض النجاة ( لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ) كانت على الاقل واثقة من ان لها مساكن تكفي للإختباء .
للقصة دروسا كثيرة في التواضع والإعتزاز بالذات ومكانتها ، وما احوج الاعلام السعودي، الى إستلهام دروس الإعتزاز بالذات، في التعاطي مع مفاوضات وحوارات المملكة مع الحوثي وما اسفرت عنه من زيارات متبادلة بين الرياض وصنعاء ، وما يتم تنفيذه من قبل المملكة في المناطق المحررة، بطريقة تفهم انها تتم وفقا لشروط الحوثي .
عن ذات الحوار السعودي الحوثي ، وتوافقاته السرية والمعلنة، وقياسا على هذه القصة القرآنية ومعادلة طرفيها، كان من المفترض ان يقدم الاعلام السعودي دولته كما لو انها جيش سليمان ، عندها لن يستطيع الحوثي تضخيم نفسه اكبر من حجم وقدرات نملة.
لدى المملكة التي نكن لها إعتبارات القوة والسند ، إعلام مرة كسيح وعاثر ، ومرة متشنج يلطم اضلاعه ، يقدم
رسالة مفتولة العضلات لا تدري من تناطح ، وكأن المملكة
بكل ما تملكه من قوة وتاريخ مهيب قبل عاصفة الحزم وبعدها ، مهزومة بلا إنتصارات وادوار، تصنع من حلفائها اعداء للتقليل من هزائمها وتبرير رضوخها لشروط الحوثي وايران.
ستحافظ السعودية على وحدة اليمن ، ويقول إعلامها ايضا وبتكرار تملق الضعيف للأقوى ، ان المملكة قادت عاصفة الحزم لذات الهدف، ولما إطمأن قلبها قبلت التفاوض مع الحوثي ومن خلاله مع إيران، ثم يسوق الاعلام السعودي التفاوض ووفوده المتبادلة من صنعاء الى الرياض والعكس، كإنتصار للحوثي، او هكذا يفهم عند المتابع لذات الاعلام الدائخ .
ولم يكتف اعلام المملكة بذلك الخبط والتلطيم على كل الجوانب ، بل ذهب لتعزيز شكوك وإرتياب الشارع ، في تبني مشاريع تقسيم وتجزئة المناطق المحررة في الجنوب على وجه التحديد وتقديمها كبديل للمجلس الانتقالي ، لتتحول المملكة العربية من مركز قوة وثقل تتمحور حولها اهم الاطراف المحلية المناهضة للحوثي ومشروعه الايراني كالمجلس الانتقالي وقواته ، الى طرف تضخم فجأة بخطاب اعلامي معادي ، وعداد عداوات للحلفاء الصادقين ، ومصرِف فضائل مجزية لألد الخصوم .
لست جنوبيا كما قد يفهم البعض ، لكن إصطناع الاعداء في الاعلام السعودي، لن يحافظ على وحدة اليمن التي يجب إستعادتها من الحوثي اولا وقبل كل شيئ ، كما ان عنتريات الاعلام السعودي ضد المجلس الانتقالي ، سيشجع عنتريات الحوثي في جبهات القوات الموالية للمجلس ، واخشى ان يخسر التحالف العربي كل ما انجزته عاصفة الحزم على الارض.
واقعنا كشرعية وقوات وجبهات الشمال ،متقهقر بدون حرب، عدا جبهات الساحل الغربي ، نحن فعل الحوثي المؤجل، فحشده وتحشيده ومجهوده الحربي وجهته الجنوب ، حيث هزم في 2015 وتجرع الهزيمة نفسها على طول سنوات الحرب الثمان وحتى اليوم، في جبهات محافظات الجنوب ، كرش، ويافع ، طور الباحة، وابين ثرة ، وبيحان شبوة ، والضالع، والمسيمير .
عندما نعادي الانتقالي الجنوبي ونشغله داخل حضرموت وشبوة وعدن ، بما يخرجه عن طوره وبطفرات سياسية زائدة عن حاجتنا في معركة تحرير الشمال و إستعادة الدولة من الحوثي ومليشياته ، فنحن في هذه الحالة نعادي القوات التي تناطح الحوثي وتتصدى له ، وهي في معظمها، قوات جنوبية وعلى رأسها قوات العمالقة، إذا انهارت هذه القوات ستنهار كل الجبهات وسيؤدي الحوثي الصرخة من باب المندب ومنفذ الوديعة .