مريم الشيخ تكتب لـ(اليوم الثامن):
واقع حال المرأة في إيران في الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة 2022 الوطنية
ما معنى أن توقع 1000 شخصية نسوية عالمية مرموقة من قادة ونخب العالم على البيان الذي وصلنا أيضاً وأيدناه إلى جانب كافة القوى النسوية الحرة في العالم؛ ذلك البيان يدعم نضال النساء في إيران؛ لا معنى لهذا الزخم الكبير من التأييد الدولي على أثر ما تتعرض له المرأة الإيرانية من اضطهاد كارثي سوى أن هناك أزمة مستعصية ومتجذرة في إيران تتعلق بالمرأة الإيرانية وجوداً وكرامة وحياة.، كذلك يحمل هذا الموقف التضامني العالمي مع المرأة الإيرانية معنى آخر وهو أن مشروع نهضة المرأة بات اليوم على مساره الصحيح وأن المرأة ماضية قُدما نحو نيل كافة حقوقها المشروعة على الصعيدين الشخصي والاجتماعي.
لسنا من المضطلعين بالشأن الإيراني لكن وبفضل العولمة التي جعلت من العالم قرية يحيط جميع سكانها بكل أمورها؛ لذا نستطيع القول بفضل البيانات المتوفرة والحراكين الإقليمي والدولي الداعم لها بأنه لم تكن المرأة الإيرانية تتمتع بأي من الحقوق التي تصون لها مكانتها أيضا قبل سقوط الشاه الذي كان يريد ممارسة الإكراه أيضا على المرأة؛ ولم تكن المدنية التي ينادي بها نظام الشاه سوى أجندة مُكلفٌ بتنفيذها لصالح الغرب بعيدا عن هوية وتاريخ البلاد ودون أدنى اعتبار لذلك، ولكن بعد قيام الثورة الوطنية الإيرانية عام 1979 واستيلاء تيار خميني عليها بدعم غربي رفض خميني منح المرأة تلك الحقوق التي تطمح إليها ليبدأ بعد ذلك عهد جديد من العنف ضد المرأة، وتفاقم في عقد الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي ثم تصاعدت الممارسات القمعية للنظام سنة 2019 مع اندلاع انتفاضة نوفمبر التي اتسمت بحضور قوي للمرأة للمطالبة بإسقاط نظام الملالي الجائر المُكبل لحقوقها وحريتها، وتوالت الانتهاكات التي لا حصر لها ما بين قتل وتعذيب واعتقال، وأصبحت المرأة كخيمة معلقة أمام رياح ولاية الفقيه القمعية التي انتزعت منها أبسط حقوقها الشخصية التي تكفلها لها القوانين والمواثيق الدولية لتتركها جثة هامدة وروح جريحة لا تكف عن الأنين دون أن يستطيع أحدا إنقاذها بل تفرج العالم عليها واتخذ من الصمت سبيلا ولم يمد يد العون لها في الداخل نظراً للحصار الكبير الذي يفرضه النظام الإيراني والذي يتبعه بوحشية قاتلة لـوأد دورها في المجتمع وتعاونه في ذلك قوى الرجعية العالمية، وقد اطلعنا على أحداثها ومآسيها.
لم تقتصر معاناة المرأة الإيرانية على مجال الحقوق العامة والحريات إذ كانت المرأة الإيرانية تعاني من التمييز الكبير بينها وبين الرجل في سوق العمل وكثيرا من نواحي الحياة في المجتمع، ودعم النظام الإيراني هذا التمييز وهو ما جعل سوق العمل في إيران سوقاً ذكوري بامتياز محتقرا لدور ووجود المرأة الأمر الذي أدى إلى انخفاض معدل مشاركتها قياساً بالرجل مما فاقم من زيادة نسب البطالة بين النساء، لتنضم إلى جيش العاطلين عن العمل وتراجع المستوى الاقتصادي والمعيشي للمجتمع الذي تمثل المرأة فيه أكبر جانب مُعيل بالمجتمع، وهو ما اعترف به مركز الاحصاء الإيراني الذي أكد عدم المساواة بين النوعين الاجتماعيين في العمل، وإقبال المرأة على الانتحار بسبب ما تتعرض إليه من قمع.
لقد تعرضت المرأة الإيرانية قبل عام 2019 إلى انتهاك حقوقها الشرعية في المنزل وعموم المجتمع، وفي انتفاضة 2019 تعرض عدد كبير منهن بين شهري فبراير ومارس عام إلى سلسلة من الجرائم من بينها رش المواد الكيميائية وممارسة شتى أنواع الأذى ضد المرأة ولم يسلم حتى الأطفال من شر النظام وفصائله مما أدى الى زيادة حالات انتحار النساء في مختلف المحافظات نتيجة لما يتعرضن له من غبن وتعدي وقتل واغتصاب وتعذيب داخل السجون، وكذلك نتيجة للزواج المبكر وهو أحد المحن التي تعيشها المرأة الإيرانية وهو ما جعل النساء تقبل على الانتحار للتخلص من الزيجات الفاشلة، وقد أقدم ما يقرب من 17 فتاة تزوجن في سن صغيرة على الإنتحار بعد فشلهن في طلب الطلاق، وقد ارتفعت نسب الطلاق بين عدد كبير ممن هن دون سن الـ 17 عاماً بحسب تقارير وتصريحات مؤسسات النظام.
وأسمى درجات الغبن هي حرمان النظام الإيراني عدد كبير من الأمهات من أطفالهن بسبب اعتقالهن على خلفية تُهمٍ سياسية الأمر الذي تسبب في فرض المزيد من العنف على السجينات في مختلف السجون الإيرانية، ومورست أشد الضغوط عليهن، وصدرت بحقهن أحكام جائرة ومهينة كالرجم والجلد وفقأ العين خاصة الناشطات السياسيات، وأبشع الأحكام التي سمعنا بها كان حكما بالسجن 38 سنة و148جلدة بحق الناشطة السياسية الإيرانية نسرين ستوده، إضافة إلى حرمان السجناء من الأدوية ووسائل العلاج.
كما اعتدى نظام الملالي على النساء بسبب عدم الالتزام بقواعد الحجاب القسري الذي يفرضه على النساء ومورست شتى أنواع التعدي والضرب والتنكيل على المرأة في الشوارع وداخل المعتقلات والسجون وصودرت ممتلكاتهن الشخصية تحت شعار العفة والحجاب ومن يعرف العفة والحجاب.
إننا كمناضلين نؤمن بحقوق الإنسان وحقوق المرأة الإيرانية، والمرأة أينما كانت ونساندها؛ فساندوا المرأة الإيرانية والمرأة الأفريقية التي يتربص بها النظام الإيراني من خلال مشاريعه التوسعية في أفريقيا.. وندعوكم أيضا لمساندة المرأة الموريتانية في مشروعها من أجل التحرر والخلاص من تبعية العبودية وآثارها التي لا زالت جاثمة على صدر المجتمع.
مريم الشيخ / نائبة برلمانية موريتانية