د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

نظام الملالي والمصالح الأمنية والاقتصادية للقوى الغربية في الشرق الأوسط

مما لا شك فيه أن على نظام الملالي ديوناً يجب سدادها لمن أوصلوه للسلطة، وواجبات يجب القيام بها نظراً لما تعهد به فروض طاعة أمام الولايات المتحدة والغرب ووفقاً لها أوصلوا الملالي إلى سدة حكم إيران كخلفاء للشاه مخادعين الشعب ومتسلقين على معاناته وجماجم شهدائه، وقد كان الملالي أوفياء لمن أوصلوهم أكثر من وفائهم لعقيدتهم وللأرض التي نبتوا وترعرعوا فيها، أما عن الخلافات المُعلن عنها بين الملالي والغرب فقد اعترف بشأنها جورج بوش الابن الذي غزا العراق وكان حليفاً للملالي قائلاً ما مفاده أن تلك الخلافات ذراً للرماد في العيون وبعيدة عن الحقائق.

تتعارض قوى الغرب والشرق فيما بينها بالشرق الأوسط حول العديد من المخططات والمصالح الأمنية والاقتصادية، ويلعب نظام الملالي دورا مزدوجاً خبيثاً في هذا الصراع، ومن بين تتصارع عليه تلك القوى ما يلي: 

  • النفوذ الإقليمي والعالمي: حيث تسعى قوى الغرب والشرق لتعزيز نفوذها في المنطقة والحفاظ عليه، وتتنافس بصدده.
  • الصراعات الإقليمية: حيث تتدخل قوى الغرب والشرق في الصراعات الإقليمية في المنطقة، وتدعم الأطراف التي تتوافق مع مصالحها.
  • الأمن الإقليمي والدولي: تسعى قوى الغرب والشرق للحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي كلٌ من وجهة نظره؛ وتظهِر تعاوناً في الوقت الذي تتنافس بهذا الصدد؛ وفي كل تلك الصراعات لا يزال دور الملالي مشبوهاً فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط وحتى في روابطه مع قوى المعسكرين نظراً للسياسة الازدواجية التي يلعبها الملالي في هذا الوسط.

ومن هنا تجدر الإشارة والتذكير بأن الوضع في الشرق الأوسط معقد ومتعدد الجوانب، ولا يمكن أن نعزو الأحداث في المنطقة إلى سبب واحد فقط، وتوضح الأمثلة المذكورة أن أنشطة النظام الإيراني في المنطقة يشكل تهديداً للأمن والاستقرار، وعليه فإن استدعاء الولايات المتحدة والدول الغربية للمزيد من التدخل في المنطقة هو أمر منطقي ووارد تماماً لطالما نظام الملالي أداةً لخلق الأسباب ضمن مخططات استراتيجية واسعة لا ولن يُلم بها أبناء المنطقة إلا بعد وقوع ما لم يكن في الحسبان.

في تصريحات حمقاء للحرسي عبداللهيان يقول مستخفا بالعقول نحن لا نقف متفرجين، ولكننا لم ننقل قوات إيرانية إلى سوريا منذ وقت، وقد سبق عبداللهيان أحد أفراد الحرس من غير الإيرانيين في قول ذلك إذ قال لا توجد حدود لإيران مع فلسطين ونوَّه عن أن صواريخ اليمن ستضرب السعودية وستنكل بها، ويأتي هذا التصريح على الرغم من وجود عملية تطبيع بين إيران والعرب.. ويأتي تصريح عبداللهيان لسد الثغرة في حوار ذلك الحرسي بمعنى أن النظام الإيراني ليس لديه قوات في سوريا ليجابه بها؛ على افتراض أن سوريا أرض جرداء خالية من القوات ومن البشر، وأن الملالي لا جنود لهم في سوريا.

لم يكتفي عبداللهيان ونظامه بما قاموا به من خدمات جليلة للغرب مقابل سكوت الغرب عنهم وضخ مليارات الدولارات لنظام الملالي الفاشي من حين لآخر؛ إذ وفر الملالي الفرصة للغرب وأسباب حشد قواته المسلحة الجبارة إلى المنطقة، ولا نعتقد أن إبادة فصيل أو فصائل مسلحة تحتاج إلى كل هذه القوات المتعددة.. وها هو عبداللهيان نفسه يعود من جديد لفضح قدرات الفصائل الفلسطينية المسلحة بقوله إنه التقى بقيادة فلسطينية وعَلِم إن لديهم الكثير من الخطط والسلاح.. وأنهم يصنعون ما يحتاجونه من سلاح.. فهل يقول للأمريكان والغرب استقدموا مزيدا من القوات والسلاح فإن حرباً قويةً تنتظركم مع الفلسطينيين؛ ويكشف عبداللهيان قدرات الفلسطينيين لأعدائهم كي يستعدوا لإبادتهم والنيل منهم.

لم يكتفي الملالي بهدم غزة على رؤوس الأطفال والنساء والمسنين والتآمر على القضية الفلسطينية ودول المنطقة فها هم يسعون إلى تدمير ما تبقى من غزة ومن قدرات فلسطينية.. وتصريح عبداللهيان السابق بأنهم لن يقفوا متفرجين ومكتوفي الأيدي في حالة استمرار الحرب في غزة؛ هو عين الكذب؛ نظراً لأن الملالي لم يقفوا مكتوفي الأيدي فحسب، بل تنصلوا من عهودهم أيضاً كعادتهم، حيث لا عهد لهم ولا وفاء.

والحرب مستمرة بتخاذل وخيانة من نظام الملالي الذي لا يزال ماضٍ في خداعه واستعراضه وينتظر توسع الحرب، وبعد مسح غزة من الخريطة سيدفع حمقاه إلى إلقاء بضعة صواريخ فاشلة في البحر أو في الهواء.

 خيانة نظام الملالي لحركة حماس

يمكن القول بأن الحرب المستمرة في غزة نتيجة لتخاذل وخيانة النظام الإيراني، ومن وجهة نظر بعض الأطراف فالملالي الذين يدعمون حركة حماس، لم يقدموا الدعم الكافي للحركة خلال الحرب مما أدى إلى هزيمتها على يد سلطات الاحتلال وقتل آلاف الأطفال والنساء والمسنين الأبرياء وتجويع وحرمان أكثر من مليونين ونصف المليون إنسان من أبسط أمور الحياة، وقد أبدى الملالي بشكل أو بآخر مؤكدين بأنهم غير معنيين بالصراع ولا بفلسطين ولا بالقدس وأن جرى ويجري كانت شعارات مرحلة أخذت ما تحتاجه من الظروف الملائمة لتسويق الشعارات، ولتستمر الحرب وليذهب الآخرين إلى الجحيم ما دامت رؤوس الملالي سالمة.

ومن بعض الأمثلة على خذلان الملالي للفلسطينيين الموالين لهم ما يلي:

  • اتباع سياسة النأي بالنفس بعيدا عما يجري في غزة.
  • اتباع كافة ذيول الملالي لنهج أسيادهم وتعليمات الغرب.
  • ما يبدو من تنسيق بين الملالي والغرب لا يمكن أن يصب في خدمة مصالح الشعب الفلسطيني على الإطلاق بل يؤكد على وجود تضحية بغزة والقضية الفلسطينية برمتها.

ويرى البعض أن الملالي زجوا بغزة برمتها في الجحيم وتركوها بمفردها بعد أن نالوا بثأرهم مما فعله بهم جيش الاحتلال في سوريا وغيرها إذ نكل بهم تنكيلا مشيناً، وقد أدى موقف الملالي المُشين هذا إلى تدهور العلاقات بينهم وبين الدول العربية والإسلامية.

ومما لا شك فيه أن النظام الإيراني يمثل تهديداً للاستقرار والأمن في المنطقة العربية، وأن هذا النظام يدعم التطرف والإرهاب في العديد من الدول العربية، ويسعى إلى نشر نفوذه وهيمنته في المنطقة إلى جانب سعي الملالي لامتلاك برنامجاً وتسليحاً نووياً من أجل فرض هذه الهيمنة على المنطقة ولا يهدد هذا البرنامج سوى دول وشعوب المنطقة لكنه سيهدد الأمن والسلم الدوليين بعد أن يستتب الأمر للملالي في المنطقة؛ عندها ستنشأ فرضية جديدة يتقاسم وفق أُسسِها الغرب المصالح مع الملالي في المنطقة، ووفقاً لذلك فإنه لا حلول لكوارث العرب إلا بقطع رأس الأفعى في إيران، وفيما يلي بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد العرب في تحقيق هذا الهدف:

  • تعزيز الوحدة العربية والتعاون بين الدول العربية من أجل مواجهة نظام الملالي وتدخلاته في شؤونها ومعاملته بالمثل.
  • لقد كانت مواقف المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية واضحة ودقيقة وصادقة بشأن مخاطر وتهديدات الملالي للمنطقة ولم يُصغي لها أحداً، ومن هنا الوقوف بجانب المقاومة الإيرانية ضرورة لا مناص عنها من أجل تغيير النظام في إيران وتأسيس نظام يؤمن بالتعايش السلمي مع دول المنطقة.
  • العمل على إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية وقطع الطريق على كافة تجار الأزمات أعداء فلسطين. 

وفي حال نجح العرب في تحقيق هذه الأهداف فسيكونون قادرين على مواجهة التحديات التي تواجههم بما في ذلك تهديد الملالي وأتباعهم.

أفيقوا يا عرب.. فمحنتكم مصدرها طهران؛ ونجاتكم بقطع رأس الأفعى في إيران. 

د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي