د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

هل يطول أمد الصراع في غزة وما هي انعكاساته ؟!!

لا أدعي أنني أقدح هذه التحليلات من رأسي أومن من بنات أفكاري بل هي من قراءة ما جاء في بعض الصحف الأمريكية أو ربما جاء على ألسنة بعض الساسة الأمريكان والصهاينة .

- صحيفة «الواشنطن بوست» وهي واحدة من أهم المنابر الاعلامية المؤثرة سياسيا في الولايات المتحدة، نقلت عن مسؤولين أمريكيين «قلقهم من أن طول أمد الصراع في غزّة يزيد الضغط السياسي والدبلوماسي على بايدن»، مشيرة وفقا لما نقلته (الجزيرة أيضا أمس) الى أن «الحرب في غزة قد أضرّت بمكانة الولايات المتحدة عالميا»، ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع في الادارة الامريكية قوله «نتحمل كثيرا من الاعباء بسبب اسرائيل».

-   ادارة بايدن داعمة بلا تردد (لاسرائيل)، لكنها ليست داعمة بلا تردد لحكومة (نتنياهو)..والفرق شاسع بين الأمرين، ولن تضحّي أمريكا أكثر من ذلك بمصالحها خصوصا الانتخابية منها، ونستشف توجهات ادارة بايدن للمرحلة المقبلة بوضوح مما ذكرته الواشنطن بوست -ومنها:
1 - نتنياهو مهتم بالاعتبارات السياسية ونحتاج الى شخص يتخذ قرارات صحيحة» - نقلا عن مسؤول امريكي- وهذا يشير الى عدم رضى عن نتنياهو بل ربما اشارة للعمل على ازاحته قريبا-.
2 - مصدر امريكي مطّلع قال للصحيفة «إن مسؤولين امريكيين يرون أن لسموتريتش وبن غفير تأثيرا مقلقا على حكومة نتنياهو وربما يكون في ذلك اشارة لإمكانية اجراء تعديل على تركيبة التحالفات لإنقاذ حكومة نتنياهو لحين اجراء انتخابات جديدة.
- أخطر ما ذكرته الصحيفة ربما يكون ما نقلته عن مسؤولين امريكيين، قولهم: «نخشى ألاّ تظهر إسرائيل ضبط النفس عندما تنتقل عملياتها الى جنوب قطاع غزة».. وخطورة هذا التصريح وكأنه اشارة الى أن ادارة بايدن ربما تعطي فرصة أخيرة لحكومة نتنياهو لاستكمال حرب الابادة وتدمير جنوب غزة كما فعلت بشماله، في محاولة لتحقيق نصر تحلم به ولو من أجل تحسين شروط الافراج عن أسرى الدفعة الثانية.
باختصار: ستتوقف الحرب حين تدرك ادارة بايدن أن دعمها لإسرائيل سيخسّرها انتخابات 2024 وأعتقد عندها فقط ستجبرها على التوقف «ويا روح ما بعدك روح»!

أهداف الحرب :
أولا: إفشال الهدف الرئيس من الحرب على غزة؛ أي دفع الفلسطينيين إلى مغادرة أراضيهم والهجرة إلى أي مكان في العالم، وإفشال مشروع الأرض البديلة في سيناء أو في الأردن.. العكس هو الذي يتحقق اليوم، عودة الفلسطينيين إلى غزة من مصر عبر رفح غير آبهين بالموت وغير طالبين للحياة خارج أرضهم، في رمزية واضحة أنَّ اتجاه سهم الهجرة سيكون نحو داخل فلسطين وليس خارجها مهما كانت همجية ووحشية الاحتلال ومهما كانت قوة ترسانته العسكرية.
ـ ثانيا: إفشال الهدف الرئيس الثاني من الحرب على غزة: تقسيمها إلى شطرين وتمكين الاحتلال من إعادة سيطرته على شمالها في انتظار استكمال البقية: العكس هو الذي حدث، بمجرد دخول وقف إطلاق النار المؤقت حيّز التنفيذ، وبرغم تهديدات العدو الإسرائيلي بعدم التوجُّه نحو الشمال.. سارت جحافل الفلسطينيين الغزاويين نحوه في تحدٍّ واضح لسياسة العدوّ، وفي شجاعة لا نظير لها أمام آلة الموت الصهيونية، وفي إصرار تام على عدم التخلي على أرضهم حتى وإن كانت محروقة، أو مساكنهم وإن كانت حطاما على حطام.
ـ ثالثا: إفشال الهدف الرئيس الثالث من الحرب على غزة: فصل المقاومة عن الشعب.. العكس هو الذي حدث؛ تلاحمٌ أكبر بينهما واعترافٌ بدورها في إعادة الروح للقضية وفي تحرير الأسرى وفي كسب تعاطف أكثر من 98 بالمائة من سكان المعمورة، بدلالة تزايد المسيرات المؤيدة لتحرير فلسطين عبر العالم والاختفاء التام للمسيرات المؤيدة للكيان في جميع دول العالم بما في ذلك تلك التي تؤيد الاحتلال وتدعمه.
ـ رابعا: إفشال الهدف الرئيس الرابع من الحرب على غزة: استعادة هيبة الجيش الصهيوني المهزوم، العكس هو الذي حدث، لم يكسب هذا الجيش سوى مزيد من الاستهجان على المستوى العالمي، ولم يتمكَّن من تحقيق أيِّ هدفٍ عسكري بالمعنى الدقيق، كل ما أصبح يُعرَف به أنه قادرٌ على تدمير المباني على رؤوس المدنيين الأبرياء واحتلال المستشفيات وأسْر المرضى والأطباء، وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء الذين احتموا بمدارس الأمم المتحدة، أو استهداف سيارات الإسعاف والرَّاجلين عبر الطرقات… أي أنه جيش لم يستطع مواجهة مقاومة مسلحة، فصَبَّ جام غضبه على المدنيين الأبرياء..
خامسا: إفشال الهدف الرئيس الخامس من الحرب على غزة: إبراز التفوق التكنولوجي والعلمي للصهاينة.. العكس هو الذي حدث، إذ برزت حدود التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ووسائل التنصت والاستعلام الإلكترونية والأقمار الاصطناعية، وتبين للعالم أن المعارك عبر ساحات الميدان ليست هي ذاتها المعارك على شاشات الكمبيوتر.. وأن مرحلة بيع وهم السحر التكنولوجي الصهيوني للعالم قد انتهت باعتبار ما كشفته نِدِّية المقاومة في هذا المجال وقدرتها هي الأخرى على امتلاك التكنولوجيا المضادة..
بما يعني اختصارا أن مساحة الأمل في انتصار قادم لفلسطين قد اتسعت بعد أن ظن الصهاينة وحلفاؤهم أن هذا الملف قد طُوي إلى غير رجعة وإلى الأبد !!


ونختم المقال بما قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء فايز الدويري، إن كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"- أرسلت رسائل بالجملة من وراء تسليم المحتجزين الإسرائيليين في ساحة فلسطين وسط مدينة غزة.
وأوضح الدويري -في تحليله لقناة الجزيرة- أن كتائب القسام اختارت هذا المكان لترسل رسائل مفادها أنها لا تزال تملك إرادتها وحرية اتخاذ القرار، كما أنها متماسكة على صعيد إدارة المعركة وكذلك تماسك قواتها.
وأضاف أن القسام سلمت المحتجزين الإسرائيليين في غزة بعرض عسكري وبأسلحتها في منطقة كانت قد وصلتها دبابات جيش الاحتلال -خلال الحرب الحالية- أكثر من 3 مرات ثم أجبرت على التراجع، مشددا على أن الأخيرة تستطيع الاختراق ولكن لا تستطيع السيطرة. وصدق الله القائل: 
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2) سورة الحشر، القران الكريم – صدق الله العظيم
د. علوي عمر بن فريد