د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):

العرب ورأس الأفعى في إيران

أفعى السوء أفعى ولاية الفقيه التي تتخذ من طهران وكراً لها تتمدد من إيران بسمومها وفراخها إلى دول المنطقة وأصابوها وشعوبها ومقدراتها بالتلف والخراب والفساد الذي وصل إلى دمار العقول والبناء والموروث. 

لم أجد أنسب من هكذا وصفاً دقيقاً لسياسة إيران في المنطقة ولنا من العذر والحجة في وصفنا ما هو كافٍ؛ فلطالما سعى النظام الإيراني إلى نشر نفوذه وسمومه وفكره السام في المنطقة، وذلك من خلال دعم الجماعات المتطرفة والحركات الإرهابية، وشراء النفوذ، وبرنامجه النووي العسكري الذي لا يعبر حسن نوايا على الإطلاق، وقد أدى ذلك إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، وتهديد أمن الدول العربية، ولعل من أبرز الأمثلة على تدخل نظام الملالي هذا دعمه لحزب الله في لبنان فأسقط الدولة اللبنانية، وحماس في فلسطين فأسقطت الشرعية الفلسطينية وأعطت المحتل الحجة فعطل قيام الدولة الفلسطينية، والحوثيين في اليمن السعيد فارتوى بالدم وساده الحزن، وجنده وحشده في العراق فأدخلوه في غيبوبة وسرح ومرح الشر فيه ولم يعد في عراق التاريخ دولة ولا مؤسسات ولم يبقى فيه مجالا للرفعة والنُخَب ولا نعلم متى سيخرج ناجياً من غيبوبته المفروضة عليه، أما سوريا فحولها إلى عصابات تبيع الموت بالسلاح والمخدرات وانتقلت سوريا بفضل الملالي ونظامها الحاكم من الدولة إلى طور عصابات السلطة، وعدا عن تهديد أمن هذه الدول وزعزعة استقرارها اليوم يهدد مجتمعاتها بالفكر المتطرف وسموم المخدرات.

ولعل من أكثر الأمثلة وضوحًا على خطورة التدخل الإيراني، دعمه لنظام الأسد في سوريا.  فقد أدى هذا الدعم إلى استمرار الحرب في سوريا، وتسبب في معاناة ملايين السوريين، وعلى الرغم من الجهود التي تبذلها دول المنطقة لوقف التدخل الإيراني إلا أن هذه الجهود لم تسفر عن نتائج ملموسة حتى الآن، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها: 

  • ضعف الإرادة السياسية للدول العربية مقارنة بإيران. 
  • عدم وجود رؤية مشتركة بين دول المنطقة حول كيفية التعامل مع التهديد الإيراني. 

وعليه فإن استمرار تدخل النظام الإيراني في المنطقة يشكل تهديداً حقيقياً لأمن واستقرار المنطقة، ولعل من أهم التحديات التي تواجه دول المنطقة في المستقبل هي كيفية مواجهة هذا التهديد. 

تتمثل خطورة رأس أفعى ولاية الفقيه في إيران على دول المنطقة في عدة نقاط أهمها: 

  • السعي إلى نشر الفكر المتطرف في المنطقة: يسعى ملالي إيران إلى تصدير فكرهم المتطرف تحت غطاء ما يسمونه بتصدير الثورة إلى دول المنطقة ولا نعرف أي ثورة هذه التي يريدون تصديرها "ثورة لا ثورية فيها وإسلامية بلا إسلام وشيعية بعيدا عن سنة رسول الله وبعيدا عن طريق آل البيت؟ فماذا يصدرون؟ 
  • التدخل في شؤون الدول العربية: يتدخل ملالي إيران في شؤون الدول العربية ينشرون الفتن والسلاح والمخدرات ويستهدفون الأمن الداخلي ويشترون النفوذ بالمال. 
  • البرنامج النووي: يسعى ملالي إيران إلى تطوير برنامجهم النووي وذلك بهدف إنتاج أسلحة نووية الأمر الذي يثير قلق ومخاوف الدول العربية ويهدد مجتمعاتها وأمنها القومي. 

العرب يسيئون تقدير نظام الأفاعي في إيران فتمدد على حساب صمتهم وحيادهم السلبي 

يبدو أننا كعرب قد أسأنا تقديراتنا فيما يتعلق بنظام الأفاعي القائم في إيران مما أتاح له النمو والتمدد على حساب صمتنا وحيادنا السلبي حتى تمددت تلك الأفاعي واقتربت من تسميم بيوتنا في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين وتستهدف السعودية والأردن والمغرب العربي.. نعم لقد أساء العرب تقدير نظام الأفاعي في إيران، ولم يأخذوا تهديده على محمل الجد، ولم يقوموا بأي إجراءات استباقية أو استراتيجية وهو ما أدى إلى تمدد النظام الإيراني في المنطقة، وباتت له اليد الطولى في الدول العربية. 

ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها: 

  • الخوف من التدخل الأجنبي في شؤون المنطقة. 
  • التركيز على القضايا الداخلية، وتهميش القضايا الإقليمية. 
  • ضعف القيادة العربية والإرادة السياسية والتموضع في مواقع دفاعية في حين يتخذ ويصنع الملالي مواقع هجومية مباشرة. 

ولعل من أبرز الأمثلة على سوء تقدير العرب للنظام الإيراني، هو صمتهم وحياديتهم السلبية في مواجهة التدخل الإيراني في المنطقة.  فقد سمح هذا الموقف للنظام الإيراني بالتوسع في المنطقة، دون أن يواجه أي مقاومة جدية من العرب. 

وعلى الرغم من أن بعض الدول العربية بدأت تدرك خطورة التهديد الإيراني، إلا أن ذلك لم يترجم إلى إجراءات ملموسة لوقف هذا التهديد، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل منها: 

  • عبث الغرب بالمنطقة وخلقه أجواء تصعيدية ناعمة بنوع من التوتر اللامنتهي الذي يضمن وجود واستمرار أزمة بين العرب وملالي إيران ما يتيح للغرب بيع أسلحته وللملالي الشراكة في الهيمنة والنفوذ. 
  • التسليم بتسويق الغرب لنظام الملالي على أنه قدرة عسكرية كبيرة بالمنطقة والحقيقة أنه نظام هش وأجوف ولولا الغرب لكان من ذكريات الماضي الكريه. 

على خامنئي رأس الأفعى في إيران

لصمت العرب تجاه خامنئي عواقب عديدة منها: 

  • إعلان رأس الأفعى علي خامنئي إمبراطورا على العالم العربي: ما لم نسحق رأس الأفعى في إيران علينا أن ننتظر عاجلاً أم آجلاً لحظة إعلان علي خامنئي إمبراطوراً على العرب ومن ثم على المسلمين ومن يدري فقد يعود صراع الدولتين (الصفوية والعثمانية من جديد).. وعندها سنقول أُكِلتُ يوم أُكِل الثور الأبيض. 
  • الصمت يعزز نفوذ ملالي إيران في المنطقة: سيمنح صمت العرب ملالي إيران الفرصة والوقت اللازمين لتوسيع نفوذها في المنطقة ودعم ميليشياتهم ونشر فكرهم المتطرف. 
  • إضعاف موقف الدول العربية: سيؤدي صمت العرب إلى إضعاف موقف هذه الدول في المنطقة والعالم، وجعلها تبدو ضعيفة وغير قادرة على مواجهة التحديات التي تواجهها. 
  • زيادة التوتر في المنطقة: سيؤدي صمت العرب إلى زيادة التوتر في المنطقة، وزيادة احتمالات اندلاع صراعات بين الدول العربية وإيران. 
  • المخدرات والفتنة: صمتٌ يتيح الوقت لاستنزاف قدرات وقيم الدول والشعوب من خلال نشر المخدرات والفتن التي من شأنها نزع قدرات الدول والشعوب العربية وهو ما سيتيح للملالي الهيمنة على العرب بسهولة.

من المهم أن تدرك الدول العربية أن الصمت تجاه مؤامرات ملالي إيران لن يؤدي إلى حل مشاكلها لا بل سيؤدي إلى تفاقمها، وعليه يجب على الدول العربية أن تتحد وتواجه ملالي إيران بأي شكلٍ من الأشكال من أجل حماية مصالحها واستقرار المنطقة. 

فيما يلي بعض الخطوات التي يمكن للدول العربية اتخاذها لمواجهة إيران: 

  • تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين الدول العربية. 
  • زيادة الضغط على إيران دولياً من خلال فرض عقوبات عليها. 
  • دعم المقاومة الإيرانية وانتفاضة الشعب الإيراني من أجل إحداث تغيير سلمي في البلاد. 

وفي هذا الاتجاه إذا تمكنت الدول العربية من اتخاذ هذه الخطوات فستتمكن من مواجهة مؤامرات إيران بشكل فعال وحماية مصالحها واستقرار المنطقة. 

ماذا سيتبقى بعد ذلك.. بعد أن هيمن الملالي على العرق واليمن وفلسطين ولبنان وسوريا ومنطقة الخليج.. لا أعتقد أنه سيبقى شيئاً آخر سوى إعلان رأس الأفعى علي خامنئي إمبراطورا على العالم العربي.

ما لم نسحق رأس الأفعى في إيران من خلال قوة الإرادة السياسية واتخاذ خطى استباقية تواجه الملالي وجنودهم، وانتقاء أصلح وأنسب السبل لدعم المقاومة الإيرانية وانتفاضة الشعب الإيراني لخلق تغيير يوجد إيران ديمقراطية وغير نووية تؤمن بحسن الجوار.. ومرة أخرى ما لم نسحق نحن العرب رأس الأفعى في طهران فلن يتبقى لنا سوى أن ننتظر عاجلاً أم آجلاً لحظة إعلان علي خامنئي إمبراطوراً علينا.. وعندها سنقول أُكِلتُ يوم أُكِل الثور الأبيض.

د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي