محمد جواد الميالي يكتب لـ(اليوم الثامن):
خطابات للتاريخ.. الحكيم أنموذجاً
تتحول الخطابات في ساحة السياسة، إلى سلاح فعّال يستخدمه القادة، لتوجيه رسائلهم وتشكيل آراء الجماهير، ويظهر هذا التأثير بشكل واضح في تاريخ العراق..
كانت خطابات القادة تلعب دوراً بارزاً، في توجيه مسار الأحداث وتحفيز الجماهير، لتحقيق التحولات الإيجابية، ورسم الطرقات التي يهدفون بالسير فيها وإليها.
أحد تلك الشخصيات الرائدة في علم الخطابة، كان الشهيد محمد باقر الحكيم، الذي أبتكر خطابات ملهمة، أثرت بشكل كبير على نفوس الجماهير، خلال أيام الجهاد ضد نظام صدام حسين البائد.. فلقد كان شهيد المحراب قائداً يجمع بين العاطفة والقوة في خطاباته، حين أستخدم كلماته ببراعة لتحفيز الناس وتشجيعهم، للتصدي للظلم والإستبداد، مما جعلهم يلتفون حوله، ويكون هو منارة طريقهم نحو الجهاد الحقيقي.
أسرة أل الحكيم، كانت بوابة للتضحية والبطولة في سبيل الحرية والعدالة، فشهدت السنوات الصعبة تضحيات جسيمة قدمها أفراد هذا البيت الشريف، حيث قدموا أكثر من ثلاثة وستين شهيد في سبيل حرية الشعب العراقي، والتي كانت لها تأثير عميق، على تشكيل مسار التاريخ العراقي الحديث.
تخللت هذه الفترة عدة تحديات ومحن، إلا أن السيد محمد باقر الحكيم نجح في الصمود، ومن أدوات صموده كان إستثمار خطبهُ القوية في الدعوة إلى الجهاد والتصدي للنظام الدكتاتوري، وكانت خطاباته تتميز بالحكمة والرؤية الإستراتيجية، وكانت دافعاً قوياً للثوار للمضي قدماً في مسيرتهم نحو الحرية.
رغم التحديات، نجح الحكيم في جلب الدعم الدولي للقضية العراقية، خلال فترة الجهاد، وأستطاع ببراعة أن يقنع المجتمع الدولي، بأهمية التخلص من النظام الدكتاتوري، وبناء مستقبل ديمقراطي للعراق.
كما لاحظنا كانت خطابات السيد محمد باقر الحكيم، لا تقتصر على توجيه الجماهير المحلية، بل كان لها أثر هام في بناء شراكات دولية، تعزز مكانة المجاهدين العراقيين في المجتمع الدولي.
للأسف، لم تكن هذه الرحلة خالية من التضحيات، حين تم أغتيال الحكيم في أواخر العام 2003، ليصبح شهيداً للقضية والتاريخ العراقي، وكما سيبقى هو خالداً في العقول، كذلك ستبقى خطاباته محفورة في الذاكرة الوطنية، لتشكل مصدر إلهام للأجيال الحالية والمستقبلية.
سيبقى السيد محمد باقر الحكيم رمزاً للتضحية والمثال الحي، للقائد الذي فرض نفسه بخطاباته الرائعة وتضحياته الجسيمة، فيستحق الحكيم أن نقف عند تاريخه طويلاً، لنتأمل أنجازاته ونقدر ونثمن القائد العظيم الذي أرتقى شهيداً في رجب، وبذل حياته من أجل إعادة بناء وطنه، وتحقيق الحرية والعدالة، لمجتمع عانى من خراب الدكتاتورية.