أحمد شهاب يكتب:

هل كان الهجوم الإيراني مسرحية مدبرة؟

أشار أحد أساتذة العلوم السياسية عبر موقعه في منصة إكس إلى أنه لا يستبعد أن تكون عملية السابع من أكتوبر مجرد مسرحية متفق عليها بين إسرائيل وحماس، لكنه سرعان ما تجاوز التغريدة أو حذفها، حتى لا يخسر جمهوره المتعاطف مع غزة.

ولم يتردد في توجيه ذات التهمة للمقاومة اللبنانية على الرغم من التضحية الباهظة في الجبهة الشمالية، وسقوط أكثر من 300 شهيد، معللا ذلك بأنهم ذراع إيران في المنطقة والتي لم تحرك قواتها لضرب إسرائيل، معتبرا هذا الموقف دليلا قاطعا على تورط إيران في كارثة غزة.

لكن هجوم إيران على إسرائيل وإطلاق أكثر من 330 مسيرة وصاروخا، لم يمنع سعادة الدكتور من وصف ما حدث بالمسرحية المُتفق عليها، ساخرا من العملية. ولكنه اضطر لاحقا إلى الاعتراف بأنها المرة الأولى التي يقصف فيها كيان الاحتلال بهذه الكمية من الصواريخ والمسيرات. يُرجح أن أسلوب الدكتور في تفسير الأحداث يعتمد على نظرية المؤامرة، وهو نهج غير علمي تلجأ إليه العقول المتطرفة أو المُحبطة لتفسير الأمور بعيدا عن المنطق. وأرى في ذلك أسلوبا كتابيا رخيصا يلجأ إليه الكتّاب الفاشلون لجذب المزيد من القراء.

معتنقو نظرية المؤامرة عاجزون عن فهم “نظرية المقاومة” وفلسفتها، ولا يستطيعون إدراك الدوافع التي تُحفّز الأمم والشعوب على الدفاع عن نفسها وكرامتها، حتى لو كانت تفتقر إلى الإمكانات الكافية.

يتأثر أتباع نظرية المؤامرة غالبا بالمشاعر المرتبطة بالمعتقدات بدلا من التزامهم بالمنطق العلمي. وإذا أردنا أن نحصر أهم العوامل التي تدفع المحللين نحو نظرية المؤامرة، فيمكن إيجازها بالتالي:

1- التحيز المعرفي، وخاصة “التحيز التأكيدي”، والذي يظهر من خلال سعي الكاتب للبحث عن المعلومات التي تُعزز وجهة نظره، مع تجاهل الأدلة المُناقضة لها مهما كانت قوية ومنطقية.

2- الجهل المركب، الذي ينبع من شعور المختص بحق تفسير الأحداث للجمهور دون مساءلة، مما يساعد على انتشار نظرية المؤامرة السطحية، وفي الكثير من الأحيان، تُقدم هذه النظريات “تفسيرا طفوليا بسيطا” لجذب اهتمام الجمهور.

3- تُلبي نظرية المؤامرة حاجة البعض إلى الانتماء، حتى لو جاء ذلك متناقضا مع آرائهم الشخصية، ولذا قد يكون المحلل ليبرالي الاتجاه، ولكنه يفسر الأحداث بنظرية المؤامرة تناغما مع معتقدات جمهوره التقليدي أو الطائفي.

4- باتت “ثقافة الإثارة” تسيطر على مضامين وسائل التواصل الاجتماعي، ممهدة الطريق لنظرية المؤامرة الخرافية وتفسيراتها المُبسطة للأحداث، لتُصبح هي السائدة بدلا من الحوار العقلاني والبحث عن الحقيقة.