د. محمد الموسوي يكتب لـ(اليوم الثامن):
العرب وخلافهم مع نظام الملالي في إيران؛ ولا زال رأس الأفعى في إيران؟
الغطرسة المقيتة والنظرة الإستعلائية التي كانت من سمات الحقبة الشاهنشاهية الطارئة على إيران المعاصرة هي ذات السمات والسلوكيات التي قام عليها واتبعها نظام الملالي الحاكم باسم الدين في إيران وهو طارئ أيضاً ولا شرعية له كما هو حال النظام الشاهنشاهي، وهكذا نظر كلا النظامين إلى العرب وهكذا تعاملا معهم لا لتميز لديهما وإنما لطبيعة نرجسية عنصرية عدوانية في كائنات بشرية كانت في أشد الحاجة إلى الترويض كي تصل إلى المراتب الإنسانية بدلاً من أن يفرضها الإنكليز والروس تارة والغرب تارة أخرى على الشعب الإيراني وشعوب ودول المنطقة، ولم يرى الشعب الإيراني وشعوب المنطقة من كلا النظامين خيراً وساءت النظرة إلى إيران بسبب كلا النظامين ونهجهما العنصري، ولقد كان نظام ولاية الفقيه القائم الآن في إيران أشد طغيانا وبطشاً في داخل إيران، وأشد عدوانية وبغضاً واستخفافاً بالعرب لدرجة أنه فكر وبكل بساطة إحتلال الدول العربية بدءا بالعراق تحت شعار تحرير القدس عبر كربلاء وعلى إثرها بدء حربه على العراق بنوايا توسعية استعمارية مستخفا بالعرب وقد نال جزاؤه في حينها وتجرعه كبيره كأس السم بموافقته على قرار وقف إطلاق النار على حد تعبيره ثم رحل وخلف ورائه الكراهية والعداء والأرهاب والفتنة وراثة لا تنقضي إلا بنفوق هذا النظام.
خلاف العرب مع نظام الأفاعي الحاكم في إيران
محاور عديدة يختلف فيها العرب مع ملالي إيران كردود أفعال وكنتيجة لعدوانية هذا النظام ومنها:
أولاً / التشويه العقائدي المنهجي والمساس الممنهج بعقيدة المسلمين الذي يروج له الملالي داخل إيران وخارجها بشكل مباشر وغير مباشر، وهو أمرٌ لا يتماشى أبدا مع نهج آل بيت النبوة الأطهار الذين يدعون أنهم من اتباعهم، وكذلك لا يتماشى مع القرآن وسُنة رسول الله (ص)، ولا يتماشى أيضا مع قيم الجوار والقوانين والقيم والأعراف الدولية التي هم جزءا منها كدولة معاصرة وعضو في الأمم المتحدة.
ثانياً / التآمر الخفي مع الغرب على دول وشعوب المنطقة وتقاسم النفوذ فيها؛ الأمر الذي لم يعد خافياً على أحد وبات وجود نظام الملالي وسيلة لابتزاز العرب وزعزعة استقرارهم.
ثالثاً / إعلان الوصاية بالباطل على الشيعة العرب وفرض فكر وأشخاص موالين لهم على الشيعة العرب كما هو الحال في البحرين ولبنان والعراق واليمن ودول أخرى مما يتسبب في خلق فتنة وحالة من عدم الاستقرار وصلت إلى إنهيار مشروع الدولة والعراق واليمن وسوريا ولبنان مثالاً على ذلك، وتعطيله في فلسطين وتعزيز منطق الاستعلاء بالعربدة وقوة السلاح، والحال في فلسطين لا يخفى على أحد.
رابعاً / ملف المخدرات التي أنهكت الاقتصاد وأتلفت المجتمعات، والسلاح والميليشيات العاملة بالوكالة بالمنطقة العربية والموالية للملالي والتي تهيمن اليوم على خمس دول عربية وهناك دولة سادسة مرشحة بعد استهدافها بتهريب السلاح وإغراقها بالمخدرات.
خامساً / ملف فلسطين (مسمار جحا) والحاجة إلى احتلال أراضي عربية لكي يحرروا من خلالها فلسطين وقد احتلوا العراق وسوريا ولم تتحرر فلسطين واليوم لابد من احتلال الأردن لكي تتحرر فلسطين وسيحتلون كل الدول العربية ولن يحرروا فلسطين ذلم لأن الهدف المرسوم لهم ليس تحرير فلسطين وإنما استخدام الإسلام وشعار آل بيت النبوة الأطهار لـ اللعب على عواطف البشر والتمدد في الدول العربية وتقاسم النفوذ فيها بينهم وبين الاحتلال الإسرائيلي، ولا نعرف ما الذي يربط الملالي بفلسطين وهم ومدرستهم ونتاجها يقولون لا قدسية للمسجد الأقصى ولا فرق بين فلسطين ودولة عربية أخرى ووجود كيان إسرائيل أفضل لهم من دولة فلسطين.. وأتساءل ما علاقة من يكره الشعب الفلسطيني ونكل به وسفك دمه في لبنان والعراق وسوريا والضفة الغربية وغزة ويرفض وقف إطلاق النار والعمل بإتفاقية أوسلو وقيام دولة فلسطينية وهو نفس موقف المتطرفين في سلطات الاحتلال في فلسطين المحتلة، ومن باب المنطق أن يرحب الغرب بهكذا توجه لدى الملالي لطالما سيخدم مصالحهم ويحقق أهدافهم ويدفع العرب الاستسلام والهرولة على شراء السلاح وكسب الرضى.. فهؤلاء هم الملالي وهذا هو الغرب تعاون خفي ومصالح مصانة ومنافع مضمونة لذلك يجب ن يدعم الغرب استمرار نظام حكم الملالي.
يبدو أن أفعى ولاية الفقيه لم تتمكن من تبديل جلدها بسبب شيخوختها وتهالك بدنها، وخشية أن يأكل النمل جسدها آلت على نفسها المضي قدما في نهج العربدة؛ ذلك الذي تتبعه منذ قيام الظلام في إيران سنة 1979 بعد استيلاء الملالي على ثورة الشعب، ولا تستغربوا إن وجدتم ولاية الفقيه في إيران وراثة أو وجدتم المرجعية الدينية في النجف بالعراق المسماة بـ بالشيعية في سياق الوراثة أيضاً فهذه وتلك مشاريع سياسية تمضي بتكليف، ولا علاقة لها بالدين على الإطلاق وإنما تتلحف بردائه وشعاراته.. وبسبب غفلتها أو تغافلنا عن مواجهة نوايا ملالي الظلام الشريرة ومشروعهم الهدام في عقر دارهم أو حتى على الأقل تحصين أنفسنا منهم بات علينا اليوم مواجهتهم في بيوتنا، وقد قالها علي خامنئي مراراً وتكراراً (إن لم نقاتل في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن فسوف نضطر إلى القتال في طهران وكرمانشاه) ويقصد بذلك أنه عليهم نقل أزماتهم ومصائبهم وأوبئتهم وإدارتها خارج أراضيهم، وبالطبع لن يجرؤوا على ذلك في محيطهم العربي.. لكننا كعرب لم ندرك ذلك ولم نبالي به رغم وضوح نوايا الملالي منذ اسيلائهم على سلطة الشعب وقد كانت نواياهم أكثر وضوحاً في الحرب الإيرانية العراقية التي لم تنتهي بعد، ونسي العرب أن من أمِن العقاب أساء الأدب، وبعد ضياع خمس دول (خمس أراضٍ) عربية وتواصل سيناريو الصمت وعدم الاكتراث ستكون هناك الدولة السادسة والسابعة،...!!!
واقع الحال في إيران
نظامٌ طائفي عنصري بغيض مرفوض يعزز وجوده وبقائه بالدم والقمع والاستبداد وصناعة، ومن الطبيعي أن تتوالى وتستمر انتفاضات الشعب الإيراني بكافة مكوناته وفئاته ضده، ولولا دعم الغرب لوجوده لبات اليوم مجرد ذكرى مشئومة في تاريخ إيران والمنطقة.
وعد آية الله علي منتظري في حينها بأنه سيخلده التاريخ بأبشع الصور بسبب تورطه في إزهاق أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء وقد تحققت نبوءة منتظري بذلك، أما حال النظام اليوم فهو أسوأ حال بعد فضيحة مهلك إبراهيم رئيسي رئيس جمهورية الملالي نظراً للشبهات والملابسات التي تحوم حول مهلكه ولا شك أن هناك أيادي من داخل النظام متورطة في ذلك، وفي ظل تصدع النظام وحرص دولة الحرس على مكاسبهم وامتيازاتهم تتصاعد موجة الحماقات داخل النظام يواجهها تصعيداً شعبياً رافضاً، وهذه هي فرصة العرب الأخيرة لإسناد الشعب الإيراني والخلاص من كابوسهم وإعادة صياغة أوراقهم في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان واليمن والحفاظ على الأردن الذي يقف في مرمى أهداف الملالي.. وبزوال الملالي ونظامهم في إيران والعراق، وقيام إيران ديمقراطية معاصرة تنتهي حالة الرعب والترقب التي تسود المنطقة وتتجه سياسات الغرب إلى التعقل والإتزان والتوازن والانضباط بالقيم والمعايير القانونية الدولية.
ختاماً.. قد لا يكتب الكاتب في هذا العمر من منطلق حب الكتابة أو أي دافع آخر سوى أنها رسالة من منطلق الحرص المطلق والإنتماء الصادق، ولقد كانت سلسلة المقالات بالعنوان أعلاه رسالة واجبة التبليغ كأمانة لعل القارىء في مقتبل العمر أن يجد فيها ما ينير عقله وبصيرته ويطمئن روعه.. وللحديث بقية إن كتب الله لنا عمراً وبقي عقلنا على رشده إن شاء الله في مقال ما بعد سحق رأس أفعى ولاية الفقيه وسقوط نظامها الهلامي الذي استذئب على العرب فقط.. وإلى عالم أفضل.
د.محمد الموسوي / كاتب عراقي