ميلاد عمر المزوغي يكتب لـ(اليوم الثامن):
ليبيا... فساد مستشر وامن مفقود .. !
الانقسام الحاصل بالبلد منذ العام 2014 بسبب تضارب المصالح بين "الثوار", تكونت حكومتان ,حكومة بغرب البلاد منصّبة من الخارج, واخرى بشرق الوطن مختارة من قبل البرلمان الذي حط رحاله هناك منذ انتخابه لأنه غير مرغوب به او بصريح العبارة غير معترف به بالعاصمة, لأنها مغتصبة من قبل الميليشيات الآخذة في التمدد, وكذلك وجود مصرفان مركزيان بشرق البلاد وغربها, إهدار للمال العام في مشاريع وهمية.
ابتهجنا بقرار جعل العاصمة خالية من المظاهر المسلحة, ومحاولة استغلال مواقعها في مشاريع عامة , لكن عودة الاطراف المسلحة المهزومة في الصراع على السلطة (ضمن ما اتفق عليه مصالحة) انغص علينا فرحتنا, حيث عادت تلك التشكيلات الى اماكنها ما ينبئ بعودة اعمال العنف في أي وقت, إضافة الى رواتبهم المرتفعة والتي تثقل الخزينة العامة.
قامت الحكومات المتعاقبة برفع الدعم عن كافة السلع , من المؤسف جدا ومع اقتراب عيد الاضحى المبارك, انه لم يعد بمقدور المواطن شراء الاضحية بسبب غلاء الاسعار!, حيث التجأ الى البنوك للاقتراض لأجل شراء الاضحية,بينما يتلاعب المسؤولين بخيرات البلاد منها الاعتمادات البنكية والعطاءات المحلية المشبوهة, وعمليات نهب الاموال بالمؤسسات الحكومية والعاملين بالسفارات والشركات الاستثمارية بالخارج .
في بلدي تضخّمت(ارتفعت) قيمة السلع والخدمات اضعاف مضاعفة, بينما قيمة الانسان انخفضت الى الحضيض, في بداية الثورة كانت عملية الخطف تتم لأجل الحصول على المال النقدي او العيني, أما اليوم فان الخاطفين اصبحوا اغنياء بفضل استنزافهم لخزينة الشعب, وقد ساعدتهم الحكومات المتعاقبة على ذلك, انطلاقا من مبدأ المصالح المشتركة, لذلك فان مخطوفيهم قد غيّبوا قسريا والى الابد, بسبب حرية الراي والتعبير التي اعتقد البعض ان الثورة قامت بالأساس لأجلها!؟.
هناك العديد من القضايا مصيرها مجهول, والاجابة عنها برسم النائب العام الذي يحظى بالقبول التام لدى المسؤولين بشرق البلاد وغربها, ما هي نتيجة التحقيقات بشان مجزرة غرغور التي راح ضحيتها حوالي 50 مواطنا (بعد صلاة الجمعة يوم 15 نوفمبر 2013)والتي مضى عليها ما يزيد عن العشر سنوات؟ ماذا عن جريمة لقاء وزيرة الخارجية بنظيرها الصهيوني في روما نهاية اغسطس2023 ؟ يبدو ان اللجنة التي شكلت بالخصوص ليس لتقصي الحقائق بل لتغييبها, ماذا عن قضايا الفساد التي اشار اليها ديوان المحاسبة في اكثر من مناسبة؟ .
ليبيا وعلى مدى 13 عاما, مضحى بها من قبل بعض من ابنائها الذين يتحكمون في مصيرها بمساعدة الغرب, شعبها يعيش في فقر مدقع يقضي معظم اوقاته في طوابير امام محطات الوقود وامام البنوك لأجل السيولة النقدية المغيّبة قسريا بأمر من صاحب الجلالة حاكم البنك المركزي بطرابلس الذي يحظى بدعم خارجي, ولم تفلح محاولات مجلس النواب في اسقاطه, فسعى الى استمالته, وتمثل ذلك في اتفاق الطرفين على فرض ضريبة اضافية على بيع العملة الصعبة.
بعثة أممية تلو أخرى إلى ليبيا.. مراحل انتقالية متواصلة واستقرار مؤجل, ذاك ما يمكن استنتاجه, فلا بشائر تلوح في الافق بشان الانتخابات المزعومة, التي اصبحت وهماٌ يبني عليها الشعب آماله, من جانبنا نرى ان الأمم المتحدة غير راغبة في فرض رؤيتها للحل, ولا تمارس أي نوع من الضغوط على الاطراف المحلية المعرقلة(بالمقابل بعض الاطراف المحلية تتهم البعثة بانها تعرقل الوصول الى حل), لان بعض هذه الاطراف مرتبطة ارتباطا وثيقة بأجندات (دول)خارجية, جل همها تحقيق مصالحها الخاصة.