د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):
مسرحية الانتخابات الرئاسية الإيرانية
مسرحية انتخابات رئاسة جمهورية الملالي بعد مهلك رئيسي وما سيتمخض عنها في مشهد هزيل يتكرر من حين لآخر تعدد فيه هذه المرة عدد المتزاحمين على تركة منهوبة القيم عليها مدعٍ ليس فاقد الأهلية والشرعية فحسب بل وتراكمت عليه سجلات سوداء بحق إيران وشعبها وشعوب المنطقة...
تشهد إيران انتخابات رئاسية دورية هزلية منذ استيلاء الملالي على الثورة الوطنية في إيران عام 1979تُعد من أبرز الأحداث السياسية في البلاد على حد وصف الملالي وأبواقهم، ومع ذلك فإن الكثيرين والشعب الإيراني يرونها كمسرحية سياسية موجهة بدقة لإبقاء السلطة في أيدي نظام ولي الفقيه الذي يحدد ويحسم النتائج مسبقاً، وفيها الفائز معروف دائماً، واليوم من خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2024 يبدو أن المسرحية لا زالت مستمرة كمجرد أداة لإضفاء الشرعية على نظام يدرك أنه لا شرعية له منذ الأيام الأولى لحكمه.
ومن فصول هذه المسرحية أن يختار مجلس صيانة الدستور الذي تهيمن عليه زمرة الولي الفقيه المرشحين المؤهلين للترشح وفق مخططهم وإقصاء المرشحين الشكليين الذين أدوا مهامهم في السباق الانتخابي ضمن برنامج وشخوص يعد خصيصاً لحبك شكليات هذه المسرحية ليعزز من سطوة نظام الولي الفقيه ليضمن بقاءه على سدة الحكم، ويبقى رئيس الجمهورية مجرد سلطة تنفيذية شكلية بصلاحيات محدودة أمام سلطة الولي الفقيه الذي يمتلك القول الفصل في القضايا الرئيسية للبلاد، ويجعل هذا التوزيع للسلطات من الصعب على أي رئيس مُعين من قبل الولي الفقيه إحداث أي تغيير جذري دون موافقة الولي الفقيه.
ما سيتمخض عن مسرحية الانتخابات
من المتوقع أن تفضي الانتخابات الرئاسية الإيرانية إلى استمرار الوضع الراهن مع الحفاظ على سيطرة التيار المحافظ، ورغم بعض التغيرات الطفيفة في المناصب الحكومية، إلا أن السياسات العامة ستظل متماشية مع توجهات الولي الفقيه ومجلس صيانة الدستور، وهذا يعني استمرار النهج الحالي في التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني والسياسة الخارجية تجاه الغرب والدول المجاورة، ويتوقع البعض سطوة أكبر لحرس الملالي في المرحلة المقبلة.
فيما يتعلق بالشعب الإيراني الذي يعاني من الضغوط الاقتصادية والعقوبات الدولية يجد نفسه عالقاً في حلقة مفرغة من الانتخابات التي لا تجلب تغييراً حقيقياً، وتساهم هذه الديناميكية في زيادة الإحباط الشعبي وتقضي على الثقة في العملية السياسية برمتها وقد حدث، ونتاج ذلك تصاعد وتوسع في حالة الرفض الجماهيري لمجمل النظام شخوصاً ونهجاً لتتعاظم روح المقاومة والتطلعات الشعبية نحو التغيير الأمر رآه العالم أجمع في انتفاضات الشعب المتوالية وحراك الشباب والنساء والمثقفين الذين يسعون لإسقاط النظام كخطوة أولى تسبق كل الخطى لإنقاذ الدولة والشعب.
حظوظ رجال خامنئي والحرس في الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2024
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2024 تتزايد التوقعات حول حظوظ المرشحين المدعومين من قبل الولي الفقيه علي خامنئي، وما يسمى بـ الحرس الثوري إذ يتمتع هؤلاء المرشحون بميزات خاصة ودعم قوي قد يجعلهم الأوفر حظاً في الوصول إلى الرئاسة، وبالنهاية ولي الفقيه هو من يحسم موقف من يصل إلى كرسي رئاسة الجمهورية، ولفهم حظوظ رجال خامنئي والحرس من الضروري الإشارة إلى هيكل السلطة في إيران الذي يتمتع الولي الفقيه فيها بسلطات واسعة تشمل القيادة العليا للقوات المسلحة والسيطرة على الأجهزة الأمنية والقضائية، ويلعب الحرس الثوري دوراً سياسياً واقتصادياً وأمنياً محورياً في البلاد كما يمثل اليد الضاربة لعلي خامنئي داخل وخارج إيران، ويعد هذا التداخل بين السلطات عاملاً حاسماً يمكن الولي الفقيه والحرس من تقديم الدعم في الانتخابات الرئاسية إذ يحظى المرشحون المدعومون من خامنئي والحرس الثوري بموارد مالية وسياسية كبيرة حيث يسيطر الحرس على العديد من الشركات والمؤسسات المالية في البلاد، ويمنح هذا النفوذ الاقتصادي المرشحين المدعومين من الولي الفقيه الفرصة في الحصول على تمويل حملاتهم الانتخابية بشكل كامل، وكذلك الوصول إلى الناخبين عبر وسائل إعلام مختلفة يسيطر عليها الحرس وأدواته.
في ظل سلطة الولي الفقيه وسطوة حرس لا يمكن أن يصل مرشحا إلى سدة الرئاسة من خارج الدائرة المرسومة حتى لو كان هذا المرشح من تيار ما يسمى بالإصلاح الذي يعد أيضاً من أدوات الولي الفقيه والكل مكلف بالحفاظ على النظام.
د. سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي