د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):
قمة المقاومة الإيرانية في باريس؛ وفشل مساومات النظام الإيراني
القمة السنوية العالمية للمقاومة الإيرانية 2024 من أجل إيران حرة تجمع سنوي عالمي يحضره مئات الشخصيات العالمية وعشرات الآلاف من أنصار المقاومة الإيرانية يأتون من جميع دول العالم لإحياء هذه المناسبة وتجديد البيعة للمقاومة الإيرانية، كما يشارك فيه عشرات الآلاف من الإيرانيين عناصر وحدات المقاومة عبر الانترنت، ويتابعه ملايين الإيرانيين عبر فضائية المقاومة الإيرانية ووسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وكذلك تابعه الملايين من أبناء الشرق الأوسط ضحايا نظام الملالي وتوجهاته التوسعية وإرهابه وفتنته في المنطقة، ويتابع نظام الملالي نفسه أدق التفاصيل في هذا الحدث خاصة في ظل ترقبه وخشيته من السقوط والتلاشي.
تُعد القمة السنوية العالمية للمقاومة الإيرانية ٢٠٢٤ حدثاً بارزاً في الساحة السياسية الدولية، حيث تجتمع المعارضة الإيرانية ممثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمته المحورية منظمة مجاهدي خلق الإيرانية مع داعمين من مختلف أنحاء العالم للتعبير عن تطلعاتهم في الحرية والديمقراطية في إيران وليكونوا شهوداً على شرعية نضال المقاومة الإيرانية وشرعية مطالب الشعب الإيراني، ويشهد هذا الحدث مشاركة شخصيات سياسية بارزة، وناشطين في مجال حقوق الإنسان، ومؤيدين لقضية حرية إيران، وقد أرسل جميع المشاركين ممن حضروا أو شاركوا عن بعد رسائلهم الداعمة للمقاومة والرافضة لسياسة المهادنة والاسترضاء التي يتبعها الغرب مع نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران، ومع أن هذا الحدث حدث عالمي نوعي واستثنائي إلا أنه له جوانب إيجابية وسلبية كغيره من الأنشطة والفعاليات السياسية العالمية؛ قد يراها البعض من المراقبين سواء اتفقنا معهم أو اختلفنا.
الجوانب الإيجابية
تعزيز الوعي الدولي؛ حيث تُسلط القمة الضوء على الانتهاكات الحقوقية في إيران مما يساهم في زيادة الوعي الدولي حول الوضع السياسي والحقوقي المتدهور في البلاد، ويساهم هذا الزخم الإعلامي في حشد الدعم الدولي لقضية الحرية والديمقراطية في إيران، وتوحيد الجهود الدولية من خلال جمع شخصيات سياسية مرموقة ونشطاء من مختلف دول العالم تخرج برسائل جماعية موحدة داعمة للمقامة ومطالب الشعب الإيراني ومُدينة للنظام وجرائمه، وتُعزز القمة جهود التنسيق الدولي الرامية إلى دعم المعارضة الإيرانية، ويُشكل هذا التكاتف ضغطاً على النظام الإيراني ويدفع نحو التغيير المنشود وتقديم بديل ديمقراطي، حيث كانت القمة منصة سنوية لعرض رؤية المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق لمستقبل إيران كدولة ديمقراطية، ويُعتبر هذا التجمع علان لـ البديل الديمقراطي الوحيد لمستقبل إيران، ورسالة واضحة للنظام الإيراني وللمجتمع الدولي بأن هناك خياراً آخر أكثر احتراماً لحقوق الإنسان وقيم الحرية، وكذلك فإن هذه القمة وهذا التجمع وتظاهرته في برلين هي مناسبة للتواصل بين الجاليات الإيرانية ومجتمعها ووطنها ومحنة ومطالب شعبها، كذلك هي فرصة للتواصل مع الجاليات الإيرانية في الخارج بما يُعزز الروابط بين المعارضة والمنفيين الإيرانيين ويُشجعهم على المشاركة الفعالة في دعم قضية الحرية في وطنهم الأم وصناعة خيارهم بأيديهم عن قناعة.
الجوانب السلبية التي رافقت المؤتمر
الضغوط الأمنية، حيث عانت القمة من تهديدات أمنية مستمرة وضغوط سياسية من قبل النظام الإيراني، وقد سبقت ورافقت هذه الضغوط والقيود انعقاد القمة، وكان الهدف منها منع قيام هذه القمة وفعالياتها أو تعريض المشاركين فيها للخطر، وكان من المخطط أن تُلقي هذه التحديات الأمنية بظلالها على نجاح القمة وتجعل تنظيمها أكثر تعقيدا خاصة في ظل سياسة المهادنة والاسترضاء بين النظام الإيراني والغرب حيث يضغط نظام الملالي على الغرب منذ عقود لوضع قيود قاهرة على المقاومة الإيرانية، وازدادت هذه الضغوط والمساومات في السنتين الأخيرتين؛ لكنها قامت بتحدٍ ونجاح، وباءت محاولات نظام الملالي بالفشل، ولم تحقق عمليات المقايضة والمساومة التي جرت بين الغرب وإيران أي نجاح يذكر لصالح الملالي بعد أن التفت المقاومة بحكمة وحنكة حول مؤامرات الملالي والغرب وعُقِدت القمة ترافقها تظاهرة عملاقة ناجحة في برلين.
رسائل ختامية:
أكد التجمع العالمي لإيران الحرة ٢٠٢٤ على رسائل مهمة أبرزها: استمرار نضال الشعب الإيراني من أجل الحرية والديمقراطية، ووجود بديل ديمقراطي للنظام الإيراني الحالي، وضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وتبقى قمة المقاومة الإيرانية السنوية العالمية ٢٠٢٤ حدثاً بالغ الأهمية في سياق الصراع المستمر بين نظام الولي الفقيه والمقاومة الإيرانية التي تسعى إلى إسقاط النظام من أجل قيام جمهورية حقيقية في إيران تقوم على مبادئ الحرية والديمقراطية، وتستمر القمة في تعزيز الأمل في تحقيق مستقبل أفضل للشعب الإيراني، كما يمثل هذا الحدث دعوة لكل محبي الحرية والعدالة لدعم قضية الشعب الإيراني والوقوف بجانبه في نضاله المستمر من أجل قضيته العادلة وخلاص دول وشعوب المنطقة من نظام الملالي وتوجهاته العدوانية.
ورغم الإنجازات التي تحققها القمة في توحيد الجهود الدولية وزيادة الوعي بحقوق الإنسان، فإنها تواجه تحديات عديدة بسبب سياسة الاسترضاء والمهادنة التي يتبعها الغرب مع الملالي وتخاذل المؤسسات الدولية المعنية في إدانة محاسبة نظام الملالي على جرائمه ضد الإنسانية مجازر الإبادة الجماعية بحق خصوم الرأي، وتعذيب السجناء وحملات القتل الحكومي تحت مسمى الإعدام.
د. سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي