ماريا هاشم يكتب:
الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. مقاطعة واسعة ونتائج مثيرة للجدل
انتهت الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الإيرانية بإعلان فوز مسعود بزشكيان، لكن هذه النتيجة تواجه شكوكاً جدية وسط مزاعم واسعة النطاق بالتزوير والمشاركة المنخفضة للغاية.
هذه الانتخابات، التي أجريت في 5 يوليو 2024، تعتبر واحدة من أكثر الانتخابات إثارة للجدل في تاريخ حکم الملالي.
وفقاً لوزارة الداخلية الإيرانية، فاز بزشكيان بحوالي 52٪ من الأصوات، وتم تعيينه رئيساً قادماً لإيران. حصل منافسه سعيد جليلي على حوالي 48٪ من الأصوات. ادعى مسؤولو النظام أن نسبة المشاركة في هذه الجولة وصلت إلى حوالي 45٪، وهو ما يمثل زيادة مقارنة بالجولة الأولى. يأتي هذا الادعاء في وقت نُشرت فيه تقارير عديدة عن مراكز اقتراع فارغة في جميع أنحاء البلاد.
ومع ذلك، تواجه هذه الأرقام شكوكاً واسعة. ادعت منظمة مجاهدي خلق الإيرانية (PMOI/MEK) في تقرير من هیئة الاجتماعية التابعة لها في إیران أن نسبة المشاركة الفعلية في الجولة الثانية كانت 9٪ فقط. وهذا يعني أن 91٪ من الإيرانيين قاطعوا هذه الانتخابات. تستند هذه الإحصائيات إلى تقارير تم جمعها من 261 مدينة في 31 محافظة إيرانية.
وصفت السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمقاومة للفترة الانتقالية لنقل السلطة إلى الشعب الإيراني، هذه المقاطعة الواسعة بأنها "رفض شامل للاستبداد الديني وتصويت حاسم من الشعب الإيراني لإسقاط النظام الملالي وإقامة جمهورية ديمقراطية". وأكدت أن هذه المقاطعة تعبر عن الرغبة العامة في التغيير الجذري في إيران.
وصفت هذه الانتخابات بأنها "هزيمة استراتيجية لخامنئي". خامنئي هو الخاسر الاستراتيجي في الانتخابات التي صنعها بنفسه، وهو يخشى من المقاطعة الواسعة والشاملة. كما أنه مع تحول رئيسي إلى رماد وتبدد أحلام خامنئي في التطهير، تم إثبات توازن وفصل جديد في حكم ولاية الفقيه. يشير هذا الوضع إلى فشل سياسات خامنئي في محاولته للسيطرة الكاملة على السلطة في إيران.
يعتقد المحللون أن هذه الانتخابات، بدلاً من أن تكون تعبيراً عن إرادة الشعب، هي انعكاس لمحاولة النظام الحفاظ على مظهر الشرعية. يقارن البعض هذا الوضع بالمراحل الأخيرة من حكم الشاه، معتقدين أن آثار الضربة على صدغ الخليفة المتهالك والهرم قد هزت أركان النظام. تشير هذه المقارنة إلى خطورة الوضع بالنسبة للنظام الإيراني واحتمال حدوث تغييرات جوهرية في المستقبل القريب.
كما نُشرت تقارير عن الضغط على السجناء وموظفي الحكومة للمشاركة في الانتخابات، مما أثار انتقادات واسعة. وقد زادت هذه الإجراءات من الشكوك حول نزاهة وسلامة العملية الانتخابية. في بعض الحالات، تم تهديد السجناء بإلغاء إجازاتهم إذا لم يشاركوا في الانتخابات. تظهر هذه الإجراءات المحاولات اليائسة للنظام لزيادة نسبة المشاركة الظاهرية في الانتخابات.
في النهاية، على الرغم من الإعلان الرسمي عن النتائج، يبدو أن هذه الانتخابات لم تنجح في كسب ثقة الجمهور وسد الفجوة بين النظام الحاكم وقطاع كبير من الشعب الإيراني.
هذه المقاطعة الواسعة هي رسالة واضحة للمجتمع الدولي بأن الغالبية العظمى من الشعب الإيراني تريد تغيير النظام وإقامة حكومة ديمقراطية.
يعتقد بعض المحللين أن النظام قد تآكل من الداخل وأن الذئاب تنهش بعضها البعض، في إشارة إلى التوترات الداخلية والخلافات المتزايدة في هيكل السلطة للنظام. يمكن أن يكون هذا الوضع علامة على الضعف المتزايد لخامنئي مرشد النظام واحتمال حدوث تغييرات أعمق في المستقبل القريب. يمكن أن تؤدي الخلافات داخل هيكل السلطة إلى إضعاف النظام بشكل أكبر وزيادة احتمال انهياره.
من المتوقع أن تستمر الخلافات والاحتجاجات في الأيام المقبلة، وأن تسجل هذه الانتخابات كواحدة من أقل الانتخابات مشاركة وأكثرها إثارة للجدل في تاريخ حکم الملالي. يمكن أن يمهد هذا الوضع الطريق لتطورات خطيرة في المشهد السياسي الإيراني، ومن المحتمل أن يزيد من الضغوط الدولية على النظام الإيراني ودعم البدیل الوحید لهذا النظام المتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانیة...
بشكل عام، تشير نتائج هذه الانتخابات والردود الواسعة عليها إلى أزمة شرعية عميقة يواجهها النظام الإيراني. المقاطعة الواسعة للانتخابات من قبل الشعب الإيراني هي رسالة قوية للمجتمع الدولي مفادها أن الشعب الإيراني يريد تغييرات جوهرية في الهيكل السياسي لبلادهم.