هاني مسهوريكتب:
المهمة الإماراتية في التطبيع للجنوب واليمن
منذ انطلاق عاصفة الحزم في اليمن، برزت الإمارات بصفتين متلازمتين لم تنفك عنهما، رغم مرور 10 سنوات بتحولاتها.
المتتبع للنهج الإماراتي يلاحظ أن منهجيته ترتكز على الحسم العسكري المباشر، يتبعه تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية بعد كل معركة.
وبالعودة إلى حرب تحرير عدن، كونها تمثل بداية الظهور العسكري الإماراتي، يمكننا تحديدًا أن نرى المنهجية التي حسمت الحرب وأنهت المهمة بدعم المقاومة الجنوبية في معركة شرسة، وما أن انتهت المعركة، حتى أظهر الإماراتيون الجانب الآخر من منهجيتهم، إذ سارعوا إلى ترميم مطار عدن ليكون قادرًا على استقبال طائرات الإغاثة.
ومنذ ذلك المشهد، لم تتبدل الطريقة الإماراتية إطلاقًا، فبعد كل شبر يتحرر من الأرض عسكريًا، تمتد يد العون الإماراتية عبر أذرعها الإنسانية، سواء كان ذلك عبر هيئة الهلال الأحمر الإماراتي أو مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية.
كان الظن أن ما تقوم به الإمارات مرحلي ضمن المهام الموكلة إليها، غير أن المسار استمر وأبقى الإماراتيون على نهجهم حتى بعد أشد المعارك ضراوة وشراسة.
في معارك تحرير أبين والمكلا من تنظيمي داعش والقاعدة، كانت تضاريس العمليات صعبة، ويمكن الإشارة إلى معركة تطهير وادي المسيني في حضرموت، التي تدخلت بعدها الأذرع الإنسانية لتوصيل الغذاء والدواء للسكان الذين كانوا محاصرين من قبل عصابات التكفير التي كانت تسيطر على المنطقة.
كذلك كان الحال على طول امتداد عمليات تحرير الساحل التهامي، حتى وصلت ألوية العمالقة الجنوبية، بدعم عسكري مباشر من القوات الإماراتية، إلى داخل مدينة الحديدة. فكان بعد كل متر يتحرر، هناك عملية إغاثية إنسانية.
التمحيص الدقيق يقودنا إلى منهجية لها نواتها في الشخصية الإماراتية التي أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيب الله ثراه-، فقد غرس بذرة حميدة تقوم على أن الأولوية تبقى للإنسان دون اعتبارات أخرى.
هذه المسألة الدقيقة والجوهرية حملتها القيادة الإماراتية على عاتقها واعتمدتها، مما جعلها سمة متلازمة للإمارات يمكن مشاهدتها في كل مكان على وجه الأرض.
المستشفيات الميدانية التي تلت كل عملية تحرير وتطهير في اليمن شكلت إنقاذاً، تلاها ما يمكننا أن نطلق عليه "تطبيع الحياة".
هذا ما حدث مع كل منطقة تحررت وتطهرت، سواء من الحوثيين أو من تنظيمات القاعدة وداعش وأنصار الشريعة.
في مقابل ذلك، أظهر الإماراتيون شخصية صلبة وهم يواصلون عمليات إعادة إعمار المناطق وتطبيع حياة الناس، رغم كل الحملات الدعائية المعادية التي شنها الإعلام المؤدلج لجماعتي الإخوان والحوثيين.
ففي سقطرى، وبعد إعصار تشابالا المدمر في عام 2015، واصلت الإمارات جهودها لتطبيع حياة السكان، ووفرت لهم ميناءً بحريًا، وأعادت تأهيل المطار، وبنت مستشفى تخصصيًا، ووفرت الكهرباء والمياه لجميع السكان.
ما كان في سقطرى مع استمراريته، فقد ظهر في كل منطقة وجدت فيها الإمارات، ويمكن التدليل على ذلك بدعمها لمشاريع البنية التحتية في المناطق الخاضعة لسيطرة حراس الجمهورية في الساحل الغربي.
بعد إعلان الإمارات إعادة التموضع في 2019، قدمت نموذجًا كرست فيه الجزء الأهم في تثبيت دعائم معيشة الناس. ففيما تعاملت الإمارات بواقعية مع المشهد السياسي، واعتمدت على توقيع اتفاقيات مباشرة مع الحكومة الشرعية لتنفيذ مشاريع حيوية في المناطق المحررة، واصلت دعمها للأجهزة الأمنية للحفاظ على المكتسبات الاستراتيجية في مكافحة الإرهاب، لذلك، كانت دائمًا حاضرة في تخريج دفعات عناصر الشرطة والأمن، وقدمت الآليات والأجهزة للمؤسسة الأمنية للقيام بأدوارها.
مشروعات البنية التحتية ظلت هي المساحة التي وُجدت فيها الإمارات أكثر، فلم يكن مشروع الطاقة الشمسية في عدن غير واحد منها، يُضاف إليه مشروع المياه وسد وادي حسان ومصفاة حضرموت النفطية وكذلك مصفاة شبوة، مع إعادة تأهيل الخزانات الغازية لتوفير الطاقة للمنطقة.
كما أن مطار عتق والمستشفى التخصصي منحا محافظة شبوة فرصة حقيقية لتتلمس فرصتها في تطبيع الحياة.
تركز الإمارات على المشاريع الحيوية بعيدة المدى التي يلمسها الأهالي بشكل مباشر. جملة هذه المشروعات تؤكد مسألة أساسية في منهجية إماراتية ترى أن تطبيع حياة البشر أهم وأبقى لهم من كل ما يمكن أن يكون.
لذلك، ليس من المستغرب أن يرى الجنوبيون أكثر من غيرهم أنهم محظوظون بتحالفهم مع الإمارات، فالذي وقف في شدة الحرب ها هو ما زال يقف معهم ويساعدهم في تطبيع حياتهم. الإمارات نعمة هبطت على الجنوب وعلى كل أرض نزلتها، هذا لسان الأوفياء في تعبيرهم عن وفاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وحكام الدولة وشعبها الكريم.