ضياء قدور يكتب لـ(اليوم الثامن):
الحرس الملالی يعترف باستخدام الدعاية والحرب النفسية
في تصريح كاشف، كشف مسؤول كبير في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني عن غير قصد عن الاستخدام المكثف للنظام للدعاية والحرب النفسية للتلاعب بالإدراك العام. واعترف علي محمد نائيني، المتحدث باسم الحرس الثوري ونائب رئيس العلاقات العامة، قائلاً: "كل هذه الشائعات وتجاهل الظروف تهدف إلى التأثير على المجتمع، وإذا لم نقم بعمليات إعلامية في الوقت المناسب وبطريقة فعّالة، فسنواجه مشاكل. وكما حدث في حالة الطائرة الأوكرانية التي أسقطت، والقضايا المحيطة بشرطة الأخلاق، وغيرها من الحالات التي لم يكن لدينا فيها عملية إعلامية مناسبة، واستغل العدو هذه الظروف".
تشير تعليقات نائيني إلى محاولة الحرس الثوري الإيراني التستر على دوره في إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية PS752 في 8 يناير 2020. أسقطت صواريخ الحرس الثوري الإيراني الطائرة، مما أسفر عن مقتل جميع الأشخاص البالغ عددهم 176 شخصًا على متنها. في البداية، حاول النظام إخفاء تورطه، وإلقاء اللوم على الأعطال الفنية أو عوامل خارجية أخرى. ومع ذلك، تحت ضغط عالمي هائل وغضب واسع النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي، اعترف الحرس الثوري الإيراني في النهاية بالمسؤولية. أدى هذا الاعتراف إلى رد فعل عالمي عنيف واحتجاجات محلية، مما ألحق المزيد من الضرر بسمعة النظام الهشة بالفعل.
وبالمثل، يشير ذكر نائيني لـ "شرطة الأخلاق" إلى الاحتجاجات على مستوى البلاد التي اندلعت بعد مقتل مهسا أميني في سبتمبر 2022. قتلت أميني، وهي شابة كردية، في الحجز بعد أن ألقت شرطة الأخلاق الإيرانية القبض عليها بتهمة انتهاك قواعد اللباس الصارمة في البلاد. أشعلت أنباء وفاتها انتفاضة ضخمة وطويلة الأمد في جميع أنحاء إيران، حيث طالب الناس من جميع مناحي الحياة بتغيير النظام. لقد هزت الاحتجاجات التي استمرت لعدة أشهر النظام بأكمله حتى النخاع، مما يدل على السخط المتزايد بين الشعب الإيراني.
ويسلط هذا البيان الضوء على اعتراف النظام بفشله في السيطرة على السرد أثناء الأحداث الحرجة. وأكد نائيني على أهمية وجود عملية إعلامية مخططة جيدًا، في إشارة إلى حدث الكشف عن معدات الحرس الثوري الإيراني مؤخرًا، حيث نفذ النظام بنجاح استراتيجية إعلامية مع ردود فعل إيجابية، وفقًا له.
ربما يكون الأكثر دلالة هو اعتراف نائيني بانخفاض فعالية استراتيجيات الرقابة المنهجية للنظام. لقد اعترف قائلاً: "لقد شن العدو اليوم حربًا هجينة ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية في أبعاد اقتصادية وسياسية ونفسية وثقافية، حيث أن ساحة المعركة الأكثر أهمية هي المجال المعرفي. إذا لم يحقق العدو نجاحًا في المجال المعرفي، فلن يتمكن من تحقيق أي نصر".
يكشف هذا الاعتراف عن قلق متزايد داخل النظام بشأن قدرته على التأثير على الإدراك العام وسط تحديات خارجية وداخلية متزايدة. وشدد نائب رئيس العلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني على الدور الحيوي الذي يلعبه العاملون في مجال الإعلام في تعزيز أهداف النظام، مقارنًا بين تجربته الخاصة في الدعاية خلال الحرب العراقية الإيرانية. وأشار نائيني إلى أنه على الرغم من قلة الأدوات المتاحة لهم أثناء الحرب، إلا أن العمليات الإعلامية للنظام كانت فعالة. ومع ذلك، فقد أقر بأن المشهد الإعلامي الحالي أكثر تعقيدًا بكثير، ويتطلب استراتيجيات وأدوات أكثر تطورًا.
إن إشارة نائيني إلى أم النشر الواسع النطاق للمعلومات الكاذبة من خلال منافذ الإعلام التي يسيطر عليها النظام، وشبكات الوكلاء، وجماعات الضغط، والمنصات غير الرسمية في الدول الغربية، وجيش إلكتروني ضخم، يؤكد اعتماد النظام على الدعاية للحفاظ على نفوذه. ويقترح أنه إذا عملت هذه الشبكة الضخمة من التضليل بشكل أكثر فعالية، فإنها ستخفف العديد من التحديات التي تواجه طهران.
في السنوات الأخيرة، أصبحت وسائل الإعلام المستقلة والمراقبون العالميون على دراية متزايدة بعمليات الخداع وتكتيكات الدعاية الإيرانية. على مدى عقود من الزمن، نجح النظام في تضليل الحكومات الغربية بشأن الطبيعة الحقيقية لبرامجه النووية والصاروخية، واستهداف أعدائه الاستراتيجيين في المنطقة والعالم، وسعى إلى شيطنة التهديد الأساسي له - حركة بديلة شاملة داخل وخارج إيران.
لقد تسللت آلة الدعاية الإيرانية إلى منافذ إعلامية غربية رئيسية، وتلاعبت بصفحات ويكيبيديا، وبمنصات التواصل الاجتماعي، وأطلقت هجمات إلكترونية من خلال مجموعات قرصنة مختلفة لتحقيق أهدافها. هذه العمليات هي جزء من استراتيجية أوسع للسيطرة على السرد، وإخفاء الحقيقة، والحفاظ على قبضة النظام على السلطة.
إن اعتراف النظام مؤخرًا بأهمية العمليات الإعلامية، وخاصة في المجال المعرفي، يؤكد على مركزية الدعاية في استراتيجية بقائه. ومع ذلك، ومع كشف المزيد من الأصوات والمنافذ الإعلامية المستقلة عن هذه التكتيكات، فقد تستمر فعالية حملات التضليل التي تشنها طهران في التآكل، مما يزيد من التحديات التي تواجه قدرة النظام على الحفاظ على روايته وسيطرته على الشعب الإيراني والإدراك الدولي.