منى الجبوري تكتب:
عن خيرات وبركات طهران لشعوب المنطقة
بين الفينة والاخرى، نصطدم بمقالات وبحوث تشيد بالدور التوعوي الذي قام به النظام الايراني منذ تأسيسه على صعيد المنطقة وإنه ساهم في جعل هذه الشعوب تعرف أعدائها ولا تسمح لهم بالمزيد من إستغلالها وهي تعد العدة من أجل مواجهتهم.
هذه المقالات والبحوث التي هي في الحقيقة تكاد أن تكون نسخة طبق الاصل لما يكتب وينشر في وسائل الاعلام الايرانية مع بعض التغييرات الضرورية لجعلها تتناسب مع واقع بلدان وشعوب المنطقة، تختلف كثيرا عما كان سائدا في فترة الستينيات وحتى السبعينيات من القرن الماضي، إذ كان الانظمة السياسية ولاسيما الجمهورية منها تقوم بشحن الشعوب بالأفكار والتوجهات الحماسية لكنها كانت توكل مهمة المواجهة مع الاعداء الخارجيين ولاسيما إسرائيل للجيوش، لكن النظام الايراني ومن خلال هكذا توجهات يسعى من أجل عسكرة الشعوب تماما كما سعى مع الشعب الايراني من خلال إنشاء قوات الحرس ومن ثم التعبئة "الباسيج" حيث لا يتورع النظام عن تجنيد وتدريب حتى الاطفال، ويكفي أن نعيد الى الاذهان كيف كان النظام الايراني أثناء الحرب الايرانية ـ العراقية يقوم بدفع مئات الاطفال والاحداث للركض على حقول الالغام وكذلك ما كان يردده في وسائل إعلامه بخصوص ما كان يسميه بـ"جيش العشرين مليون"!، فهو يريد زج هذه الشعوب في آتون حروب عبثية يجري الانشغال فيها أكثر بالمواجهات الداخلية وحتى بين بلدان المنطقة نفسها.
النظام الايراني الذي يقوم ومنذ تأسيسه بتهديد إسرائيل والولايات المتحدة بالويل والثبور وحتى القضاء على إسرائيل ومحوها من عالم الوجود، لكنه لم يخض أية مواجهة مباشرة مع هاتين الدولتين ولاسيما إسرائيل سوى تلك المواجهة الماسخة والمثيرة للسخرية والتهكم التي قام بها بعد الهجوم الاسرائيلي على قنصليته في دمشق وقتل القيادي في الحرس الثوري زاهدي، لكنه ورط اللبنانيين ومن ثم أهالي غزة في حربين تدميريتين الاولى كانت في تموز 2006 بين حزب الله اللبناني وإسرائيل دفع ثمنها الشعب اللبناني باهضا والثانية بين حماس وإسرائيل المستمرة حاليا والتي دفع ويدفع ثمنها أهالي غزة الابرياء.
أولئك الذين يتمشدقون بخيرات وبركات النظام الايراني على شعوب المنطقة، ويرفعون أصواتهم عاليا بخصوص الحملة التوعوية التي يقف ورائها هذا النظام والتي تعم بخيراتها وبركاتها المزعومة شعوب المنطقة وبشكل خاص شعوب العراق ولبنان واليمن وسوريا. ومع إننا لا نريد التركيز على الاوضاع البائسة والوخيمة في هذه البلدان الاربعة فقد صار العالم كله على إطلاع كامل بما قد وصلت إليه من حالة يرثى لها، لكننا نقول هل إن النظام الايراني قد أحدث نهضة فكرية تمخض عنها تقدم صناعي وزراعي وتجاري ساهم في قفزة نوعية في رفاهية ورخاء هذه الشعوب؟ قطعا كلا وألف كلا، ذلك إن فاقد الشيء لا يعطيه، والنظام الايراني الذي يعيش أكثر من 70% منه تحت خط الفقر خير مثال للتعريف بالماهية والمعدن الرديء لهذا النظام.