د. سالم الحنشي يكتب لـ(اليوم الثامن):
الفراغ وعدم الرقابة يولد الفساد ويضاعفه
مركز البحوث والتطوير التربوي عدن، ذلك المركز الذي كان يشار إليه بالبنان، تم تهميشه وتدميره عن قصد، وتهميش موظفيه وتدميرهم نفسيا وحقوقيا، حيث استولت على ذلك المركز شلة من المؤلفة قلوبهم واستأثرت بكل استحقاق يتحصل عليه المركز من أعمال أو دورات أو تنفيذ اعمال لصالح مؤسسات ومنظمات تدفع بالدولار، وبقي كثير من الباحثين خارج دائرة شلة المؤلفة قلوبهم لا عمل لهم غير الحضور الأسبوعي في الأسبوع مرتين: مرة في بداية الأسبوع يحضر كل الموظفين والباحثين لإلقاء السلام والتحية على بعضهم والسؤال عن الأحوال والأخبار، ومرة أخرى يكون الحضور فيها مخصصا، أصحاب كل شعبة في يوم، ليركزوا سواعدهم ويناظروا بعضهم من ساعة إلى ساعة ونص، وبعدها يا من رديفك مسبك
بينما هذه الشلة المؤلفة قلوبهم لن تجدها في المركز إلا في أوقات محدودة، حينما لا تكون هناك أعمال خارجية فيها فوائد نقدية، وإلا فمكانهم شبه الدائم في القاعات الفاخرة والفنادق الفارهة حيث البوفيات العامرة والوجبات الدسمة، والدولارات المتساقطة، هذا هو العمل الأساسي لهذه الشلة، حتى إذا ما نامت كثيرا تستلذ بتلك الامتيازات الشاردة والواردة تحت نسائم المكيفات المركزية، استيقظت بعد زمن وتذكرت شيئا اسمه الترقيات العلمية، وسعت بكلما اوتت من امتيازات سابقة وحصدته من علاقات شخصية، لتعيد تشكيل نفسها، وتحت أبطها الديون العام للمركز في الجمهورية، كي تكون صاحب إصدار القرار بالترقية، والمشرع لتفصيل الشروط المناسبة لقياساتهم الخاصة، والمستحق لإضفاء اللقب اللاحق لها، ضاربة عرض الحائط بكل قرارات مؤسسية أخرى كقرارات جامعة عدن، وتتحجج بأن تلك الجامعة تخالف في ألقابها وشروطها عن مقاساتهم الموضوعة بحجم تحركاتهم وما حصدوه من امتيازات خاصة استأثروا فيها عن غيرهم من الباحثين خلال السنوات السابقة، فلا تعترف بإضفاء لقب أستاذ مشارك، مثلا، من جامعة عدن، بينما هم من خريجي جامعة عدن التي على ضوء الشهائد التي حصلوا عليها منها لديهم لقب باحث أول.
وتجد في اللائحة الخاصة بالمركز لا يذكر لقب باحث أول إلا وألحق لتفسيره بين قوسين(أستاذ مساعد)، ويحلق لقب كبير باحثين بين قوسين (أستاذ مشارك)، ويلحق لقب استشاري بين قوسين(أستاذ)، فياخذون شهادة الدكتوراه ليصدروا لقب باحث اول، ثم بعد ذلك يرفضون ألقاب الجامعة، ولما كان المتعارف عليه إن الترقية للألقاب اللاحقة لا يصح إصدارها إلا بالتحكيم ممن يحمل لقب أعلى، وعلى ضوئه يجب أن يكون المحكم لهم وقبل ذلك لجان الاستلال ممن يحمل لقب كبير باحثين أو استشاري، وهم لا يملكون هذه الألقاب ولا يريدون من يحمل هذه الألقاب احتالوا ليجلبوا من الجامعة ثلاثة ممن يحمل لقب(أستاذ مشارك) ليكون المشرع لهم بالحصول على لقب كبير باحثين.
بالله حد يفهمنا كيف هذه الإزدواجية وتصميم المقاسات. من جانب لا تعترف بأي لقب أستاذ مشارك لأي موظف عندك ويريد منك ما يستلزم اللقب وبترتب عليه من استحقاقات، ومن ناحية أخرى تلجأ للجامعة لتستعين بلقب أستاذ مشارك ليشرع لك الحصول على اللقب؟!
أي عقليات تدير هذه المؤسسات ومتى تظل الجهات الإشرافية والرقابية عليها تغض الطرف عن ممارسات إداراتها...
ومن هنا، نبعث ثلاث رسائل:
الأولى: إلى التعليم العالي، فأنتم من شرع تلك اللوائح، واللجان المشكلة تستند إلى مواد من لوائحكم، فاحموها ودافعوا عنها من جميع النواحي، حتى لا تفقد تشريعاتكم قيمتها، وتضعف من أهمية مؤسساتكم.
والثانية: إلى جامعة عدن، هل يرضيكم هذا التعامل بالازدواجية من قبل مؤسسة لا تبعد عن دار رئاسة الجامعة إلا بما لا يزيد عن 500م؟ لا تعترف بقراراتكم التي تصدرونها من ناحية، وتلجأ لحاملي الألقاب في الجامعة لتشريع وتمرير تجاوزاتها القانونية، فإن لم يعترف مركز البحوث في عدن بقراراتكم فلا تطالبوا دول الخارج وتتعبوا أنفسكم بأن تعترف بكم.
الثالثة: إلى وزارة التربية والتعليم، ربما أن من يديرها قد لا يفقه شيئا مما نتحدث عنه هنا، كما تصف لنا هذه الإدارات، لكن أين المستشارين؟ إلا يوجد حريص ينبه قيادة الوزارة إلى أن ما يحصل ويجري في المركز، وإصدار قرارات، يتجاوز القوانين والعلاقات المتبادلة بين المؤسسات والتداخلات في هذه البلاد.
هذه مكاشفة أولية، وستتبعها كثير حتى يستقيم العود ليستقيم الظل.