محمد حسن الساعدي:

العراق بلا تحالف دولي: هل يستغل داعش الفراغ الأمني للعودة؟

هناك العديد من التساؤلات التي تُطرح عن مدى استعداد التحالف الدولي للخروج من العراق، وهل هناك جدية فعلاً في الخروج كلياً بعد انتهاء مهمته القتالية.

في عام 2021 أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن انتهاء مهمة القوات الدولية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ولكنه في نفس الوقت ترك 2500 جندي أميركي في العراق و900 جندي في سوريا بحجة إبقاء تهديد داعش تحت السيطرة. والآن، وبعد ذهاب المبرر الذي من أجله بقيت هذه القوات، يعمل البيت الأبيض بالتعاون مع الحكومة العراقية على إنهاء مهمة هذه القوات عبر جدول زمني متفق عليه بين الجانبين، الأمر الذي يجعل حكومة بايدن تعلن الانتصار على داعش وإنهاء حرب طويلة مع الإرهاب بعد إعلانها الأول النصر في أفغانستان.

انسحاب القوات الأميركية يجعل القوات العراقية على المحك لاختبار قدرتها على الصمود وحماية حدودها، ولكن في نفس الوقت علينا الاستفادة من قدرات المجتمع الدولي في تدريب القوات الأمنية العراقية

بالرغم من الإجراءات التي تقوم بها الحكومة الأميركية والعراقية في إنهاء تواجد القوات الدولية وتحول التعاون بين العراق والعالم إلى تعاون اقتصادي، وكذلك رغبة بايدن في إنهاء مهمة جنوده وإعلان إنجاز مهمته في العراق، إلا أن الحقيقة أن هذه المهمة لم تكتمل ومازال هناك الكثير من المهام التي تبرر بقاء هذه القوات أو تأجيل إعلان الانسحاب، عبر إثارة الأزمات والتلويح بداعش. وهذا ما تتحدث عنه بعض القيادات العسكرية في الشرق الأوسط من أن “عصابات داعش مازالت تشكل تهديداً مباشراً للأمن في العراق”، خصوصاً بالتزامن مع الانتخابات الأميركية المرتقبة التي يشارك في المنافسة فيها الرئيس السابق دونالد ترامب، ما يعني أن الأوضاع ربما تذهب إلى التأزم أكثر.

المسؤولون العسكريون الأميركيون والعراقيون يتفاوضون منذ شهور على اتفاق انسحاب التحالف الدولي من العراق والإعلان عن هذا الانسحاب رسمياً، والذي ربما سيكون خلال عامين، إلا أن من السابق لأوانه معرفة أو الوقوف على جدية هذه القوات في الخروج فعليا، خاصة أن من المبررات التي يقدمها القادة العسكريون احتمال عودة عصابات داعش وتهديدها للأمن في الشرق الأوسط، واعتمادها على التقارير التي نشرتها صحيفة وول ستريت والتي تؤكد إعلان داعش مسؤوليته عن 153 هجوماً في العراق وسوريا هذا العام وحده، وكذلك في إيران وروسيا. في حين أن الأخبار تذكر، على لسان المتحدث الرسمي باسم الخارجية الأميركية، “أن واشنطن لا تتفاوض على انسحاب قواتها من العراق بل على الانتقال إلى ترتيب أمني ثنائي”، وأن الاتفاقية الأمنية بين العراق وأميركا قد لا تتضمن الانسحاب من العراق بل إعادة ترتيبها في العراق وسوريا.

إن انسحاب القوات الأميركية من العراق أمر غاية في الأهمية، كونه يجعل القوات العراقية على المحك لاختبار قدرتها على الصمود وحماية حدودها، ولكن في نفس الوقت علينا الاستفادة من قدرات المجتمع الدولي في تدريب القوات الأمنية العراقية بمختلف صنوفها، وإبقاء علاقاتها مرنة وفي كل الجوانب لأن العراق واقع تحت التهديد المباشر دائما وأبدا.