ماريا معلوف تكتب لـ(اليوم الثامن):

استهدافات إسرائيلية لحزب الله: انفجار البيجر وتصعيد التوترات

يعيش لبنان اليوم في ظل ظروف سياسية واقتصادية معقدة، ازدادت سوءًا بفعل تورط حزب الله في الصراعات الإقليمية، الأمر الذي جر البلاد إلى حافة حرب جديدة مع إسرائيل. منذ تأسيسه، قدم حزب الله نفسه كحركة مقاومة للدفاع عن لبنان، ولكنه أصبح اليوم قوة مهيمنة تسيطر على قرارات الدولة، وتعطل المؤسسات الديمقراطية، وتحول البلاد إلى ساحة صراع تخدم أجندات خارجية، وخاصة أجندة إيران.

يسيطر حزب الله على القرار السياسي والأمني في لبنان، ويمارس ضغوطًا على الحكومة والجيش، مما يحد من قدرة الدولة على اتخاذ القرارات السيادية التي تخدم مصالح الشعب اللبناني. وأصبح الحزب يتدخل في شؤون الدولة بشكل علني، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة العزلة الدولية للبنان.

من خلال تنفيذ عمليات عسكرية على الحدود مع إسرائيل وإطلاق الصواريخ، يعرض حزب الله لبنان لمواجهة عسكرية واسعة قد تكون نتائجها كارثية. على الرغم من أن جزءًا كبيرًا من اللبنانيين لا يرغبون في الدخول في حرب جديدة، إلا أن الحزب يستمر في اتخاذ خطوات استفزازية قد تشعل الصراع. الحرب مع إسرائيل ليست في مصلحة لبنان، الذي يعاني بالفعل من انهيار اقتصادي وعجز سياسي.

لم يعد حزب الله يمثل مجرد ميليشيا مسلحة، بل أصبح قوة تقيد حرية اللبنانيين وتمنعهم من التعبير عن رفضهم للحروب التي يخوضها الحزب باسم "المقاومة". إن السياسة العدوانية لحزب الله لا تعبر عن إرادة غالبية الشعب اللبناني، الذي يرغب في السلام والاستقرار وإعادة بناء البلد على أسس ديمقراطية وحضارية بعيدًا عن التدخلات الخارجية.

في الفترة الأخيرة، شهدت لبنان تصاعدًا في التوترات بين حزب الله وإسرائيل، وقد برزت حادثة تفجير "البيجر" كإحدى المؤشرات على هذه التوترات. يُعتقد أن جهاز "البيجر"، الذي انفجر في يد عناصر من حزب الله، كان جزءًا من عملية أمنية استهدفت مراقبة قيادات الحزب. انفجار هذا الجهاز أدى إلى مقتل وإصابة بعض عناصر الحزب، مما سلط الضوء على اختراقات أمنية محتملة ورفع مستوى التأهب.

تزامنت هذه الحادثة مع سلسلة من الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع لحزب الله في جنوب لبنان والبقاع. هذه الغارات تركزت بشكل خاص على مخازن الأسلحة، التي يُعتقد أنها تحتوي على صواريخ وأسلحة دقيقة. كما استهدفت بعض الضربات قيادات بارزة في الحزب، مما أدى إلى مقتل عدد منهم.

إسرائيل تُنفذ هذه العمليات كجزء من استراتيجيتها لمنع تعزيز قدرات حزب الله العسكرية، وخاصة من خلال منع تهريب الأسلحة الإيرانية المتطورة إلى لبنان عبر سوريا. هذه الضربات تضع لبنان في موقف صعب، حيث يخشى العديد من اللبنانيين من تصاعد التوترات إلى مواجهة عسكرية شاملة مع إسرائيل، في وقت يعاني فيه البلد من أزمات اقتصادية وسياسية خانقة.

استمرار حزب الله في جر لبنان إلى هذه المواجهات يعرض البلاد لمزيد من الدمار والعزلة الدولية. العديد من اللبنانيين لا يؤيدون هذه الاستراتيجية ويشعرون بأن الحزب يختطف القرار الوطني ويعرقل مساعي السلام والاستقرار.

يحتاج لبنان اليوم إلى نهضة وطنية تقودها قوى تؤمن بسيادة الدولة ورفض التبعية للأجندات الإقليمية التي يفرضها حزب الله. يجب أن يعود لبنان إلى موقعه الطبيعي كدولة مستقلة، بعيداً عن الحروب والصراعات التي دمرت اقتصاده وأثرت على حياة شعبه.

من هنا أقول كمواطنة لبنانية، من المقلق للغاية أن يقوم حزب الله بتصوير الهجمات على عناصره كأنها هجمات على الشعب اللبناني بأكمله. في الواقع، حزب الله لا يحتجز لبنان رهينة لأجنداته السياسية والعسكرية فحسب، بل يخطف أيضًا حرية المواطنين اللبنانيين الذين يرفضون الحرب والصراع. كثير منا يتطلع إلى السلام والاستقرار، وليس إلى حياة تُملى علينا من قبل فصيل يتجاهل سيادتنا ويفرض إرادته بالعنف والخوف. تكمن قوة لبنان الحقيقية في تنوعه ورغبة شعبه في الحرية، وليس في المصالح الضيقة لجماعة مسلحة.