د. سالم الحنشي يكتب لـ(اليوم الثامن):

اليمننة في كاتبات مثقفي الجنوب العربي ودراساتهم

لست مبالغا أن قلت أن الوعي الجمعي لأبناء الجنوب قد أدرك فخ اليمننة الذي وقع فيه آباؤهم وأجدادهم بعد استقلال بلادهم من الاحتلال البريطاني في 30 نوفمبر 1967م، ذلك الاتجاه الذي يمتد من شطر الكعبة حتى ظفار، وهو اتجاه جغرافي مفروغ النقاش منه كما هو الحال في الشام الاتجاه الآخر شمال الكعبة في بلاد العرب، لكن تأطير ذلك الاتجاه بوصفه هوية سياسية للمملكة المتوكلية، وهو شأن يخص شعب تلك البلاد من صعدة حتى قعطبة، فهو هويتهم الخاصة بهم، لكن محاولة تمدد هذه الهوية السياسية للقضاء على هوية شعب الجنوب العربي المتعارف عليه، هذا هو الفخ الذي انساق فيه الرعيل الأول من ثوار أكتوبر 1963م، بتوجه مقصود ومغروس في جسد ثورة شعب الجنوب ضد الاحتلال البريطاني، وتوج ذلك بحذف الجنوبية من وسم الجمهورية، ثم بوحدة الغدر في تسعين من القرن الماضي، وتم تعميد تلك الهوية اليمنية وطمس هوية شعب الجنوب العربي بالدم في حرب 1994م، لكن شعب الجنوب امتص الهجمة وأخذ يعيد لملمة شتاته، لينتفض ضد أعتى احتلال تعرضت له البلاد استهدف تدمير البشر والبر والبحر وكل ما يمت إلى أرض الجنوب العربي وشعبه بصلة، فانتفض في 2007م وتسارع حراكه الثوري المقارع للاحتلال وأدواته من جهة، ومحاولة التشبث ونبش ما بقي من هوية أصيلة لهذا الشعب تثبت بأنه من اليمننة السياسية براء، وعم هذا الوعي حتى صار كثير من الكتاب والباحثين الشباب في الجنوب العربي ينتفضون ويثأرون أن حاول أحد إلباسهم اليمننة مرة أخرى، وأدركوا أن تلك الهوية مستهدفة طمس هويتهم وإرثهم ووجودهم وحقهم في العيش فوق أرض الجنوب العربي المتعارف عليها من باب المندب حتى المهرة، إلا أن المحزن المبكي في حال هذا الشعب أن ترى من كوادره وأكاديمييه الذي يفترض أن يكونوا أكثر وعيا للفخ الذي نصب لشعب الجنوب منذ عهد مبكر، ترى هؤلاء يكرسون في كتاباتهم ودراساتهم اليمننة في الوقت الذي يدعون أنهم من قيادات هذا الشعب، فتجد من تلك الصفوة المخضرمين ممن يشغلون مواقع مهمة في المجلس الانتقالي ممثل شعب الجنوب في التحرير والاستقلال واستعادة الدولة والهوية، يرسخون في كتاباتهم عن شعب الجنوب العربي وتاريخه وإرثه الثقافي والأدبي اليمننة، وكثير من هؤلاء المخضرمين يسندون ويفاخرون بأن تلك النصوص للكتاب الجنوبيين تمثل افضل وأجود ما يمثل اليمن، بأي حق أيتها القادة والكتاب يا من تدعون قيادتكم لشعب الجنوب العربي في استعادة هويته تنسبون تراث أبنائه لليمن.
تحرير العقول يعدل تحرير الشعوب
بل تحرير العقول خطوة أولى في تحرير الشعوب وأراضيها
فكيف سيقوم قائد يدعي أنه يمثلني في استعادة هويتي التي تعمدوا طمسها باليمننة، وهو في كتاباته وأبحاثه ودراساته لكل موروث أبناء الجنوب ماضيا وحاضرا ينسبه لليمن