عبدالرحمن كوركي مهابادي يكتب لـ(اليوم الثامن):
آخر أيام الدكتاتورية الدينية في إيران!
تتزايد الحساسيات تجاه "إيران" يوماً بعد يوم. والسبب في ذلك ما يلي:
أولاً: أصبح نظام ولاية الفقيه على حافة الانهيار على يد الشعب ومقاومته، وتحيط به أزمات قاتلة.
ثانياً: يستعد الشعب ومقاومته لاتخاذ الخطوة الأخيرة لهزيمة الدكتاتور.
ثالثاً: إن المجتمع الدولي قد تجاوز المرحلة الحرجة في مسألة "إيران"، وقرر الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني ودعم مقاومته المشروعة.
ماذا سيحدث؟!
والسؤال المطروح الآن على طاولة المجتمع الدولي هو: "ماذا سيحدث؟" و"ما الذي يجب فعله؟". البعض قلق والبعض الآخر سعيد. البعض يدعو إلى "الحرب" والبعض الآخر يشعر بالقلق من عواقبها. ولا يزال البعض عاجزين عن اتخاذ قرار حاسم في هذا الشأن. فما هو الحل الأمثل لهذه المعضلة؟
الديكتاتورية في إيران ومؤيدوها يخيفون الجميع من عواقب الحرب! إنهم يسعون بهذه الطريقة إلى التغطية على الحقيقتين التاليتين:
الأولى: حالة النظام المتدهورة، التي ستؤدي إلى عواقب أسوأ بكثير من عواقب الحرب!
الثانية: انتفاضة الشعب الإيراني واحتجاجاته ووجود "البديل الديمقراطي" الوحيد، بهدف إخماد الانتفاضة وإسكات مطالب الشعب الإيراني، ودفع خصمهم الحقيقي إلى الهامش
الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية لا يريدان "حربا خارجية". أنهما يسعيان إلى إنهاء النظام الدكتاتوري الديني الحاكم. ورغم أن "إشعال الحروب" جزء لا يتجزأ من هوية نظام ولاية الفقيه، ومؤخراً كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، في 12 أكتوبر 2024، النقاب عن أن النظام الإيراني كان على علم بمثل هذه الحرب قبل شهرين على الأقل من بداية الحرب الأخيرة في الشرق الأوسط، إلا أن "الحرب الخارجية" لا تناسب طبيعة المشكلة الإيرانية. كما أن سياسة الاسترضاء مع هذه الديكتاتورية كانت كارثية وما زالت تحمل في طياتها الكثير من الأضرار. لقد دعت المقاومة الإيرانية منذ زمن بعيد إلى إسقاط النظام الديكتاتوري في إيران وقدمت بديلاً ديمقراطياً.
الحل لمشكلة إيران!
يرى الإيرانيون أنه ستتم الإطاحة بالديكتاتورية الدينية أيضًا مثلما تمت الإطاحة بالنظام الديكتاتورية الملكية. ويعتقدون أن الخيار الأفضل لإيران حرة غداً هو إقامة "جمهورية ديمقراطية" وفصل الدين عن السياسة. ورحَّبوا في انتفاضاتهم الأخيرة ببرنامج السيدة مريم رجوي لإقامة إيران حرة غدًا، بينما كانوا يرددون شعار "لا للشاه، ولا للشيخ".
لقد عانى الشعب الإيراني من الدكتاتورية الملكية لعدة عقود ووجد أن حقوقه تنتهك. علاوة على ذلك، وقد عانى طوال عقود من وطأة دكتاتورية ولاية الفقيه، وشعر بانتهاك صارخ لحقوقه. ولهذا السبب يرفض الشعب الإيراني الحكومة الدكتاتورية من نوع "دكتاتورية الشاه" أو "دكتاتورية ولاية الفقيه" رفضاً باتاً.
إنهم يريدون الاعتراف رسمياً بحق الشعب الإيراني في المقاومة! لأن الشعب الإيراني ومقاومته كانا ولا يزالان قادران على اقتلاع جذور الدكتاتورية من بلادهم. بشرط أن يعلن "أنصار سياسة الاسترضاء مع دكتاتورية ولاية الفقيه" الحياد، وعدم دعم النظام الديني في إيران.
نظرة عامة على الوضع الراهن في إيران!
· يتم في إيران تقديم "الرئيس" للشعب بأشكال مختلفة، إلا أن الشعب يرفضهم رفضاً باتاً لأنهم معينون ومصدق عليهم من قبل "الولي الفقيه". مثل هؤلاء الرؤساء إما أنهم مخادعون أو جلادون، أو أنهم لصوص أو جناة أو كليهما! بمعنى آخر، لا توجد "انتخابات" في إيران تحت وطأة حكم النظام الديني، وما هو موجود هو "تعيينات" يضطلع بهندستها الولي الفقيه.
· إن الاعتقال والتعذيب والإعدام والقتل والاغتيال وخطف البشر والسلب والنهب وإسعال الحروب هي جزء لا يتجزأ من هوية نظام ولاية الفقيه المستمرة، وتغطي نسيج المجتمع في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى، وتستهدف هوية "إيران" و"الإيرانيين". دعونا لا ننسى أن إيران دائماً ما تسجل الرقم القياسي في عمليات الإعدام مقارنة بدول أخرى ذات تعداد سكاني مماثل.
· يتم تخصيص معظم الميزانية السنوية لدولة إيران الغنية للقوات العسكرية والمشاريع العسكرية، بما في ذلك مشاريع القنبلة الذرية، بدلاً من تخصيصها لحل مشاكل المعيشية والترفيهية للشعب. هذه عملية مُدبَّرة تستهدف الشعب الإيراني والمنطقة والعالم. إن إيران والإيرانيين في الأساس ليسوا بحاجة إلى "قوات حرس نظام الملالي"، ويجب اعتبارها "قوة إرهابية" على الصعيد العالمي، وحلها من ضمن مطالب الشعب الإيراني.
· تلقى خميني هزيمة نكراء على يد المقاومة الإيرانية في إشعال الحرب مع العراق. وقد تسبب دخول نظام الملالي في حرب روسيا ضد شعب وحكومة أوكرانيا في موجات من الإدانة والفضيحة لهذا النظام الفاشي. وتبين للعيان الآن أن إشعال الحروب يدور في الشرق الأوسط باسم "الميليشيات الوكيلة لنظام الملالي".
· ويعيش أكثر من ثلث سكان إيران تحت خط الفقر، ويزداد معدل الغلاء والتضخم يوماً بعد يوم. إن الظروف المعيشية للشعب قاسية للغاية، وتتوالي الانتفاضات الشعب الإيراني ضد الحكومة بشكل مستمر ودون انقطاع، وتأخذ كل يوم أبعادًا أوسع.
الأمر المهم!
أصبحت أصابع هذا النظام الآن مستهدفة خارج إيران، وتتلقى كل منها ضربات قاتلة. ولا ينبغي أن ننسى أن "رأس أفعى ولاية الفقيه موجود في طهران"، وهذه المسألة الحاسمة والتاريخية، التي ستكون تبعاتها إقليمية وعالمية على حد سواء، هي المهمة الرئيسية للشعب والمقاومة الإيرانية."
قالت السيدة مريم رجوي هذا العام بمناسبة اليوم العالمي "لا للإعدام" إن نظام الملالي الذي ارتكب أكبر مجزرة بحق السجناء السياسيين منذ الحرب العالمية الثانية حتى اليوم، سجل الرقم القياسي في تاريخ القتل في الاحتجاجات الشعبية بقتل ما لا يقل عن 1500 شاب وشابة في انتفاضة نوفمبر 2019، وقتل ما لا يقل عن 750 شخصاً في انتفاضة 2022. إن المؤسسة الرائدة لهذا النظام، أي مقر خامنئي، هي مركز قيادة عمليات القتل والاغتيالات والإعدامات. وتم إعدام 267 شخصاً منذ أن تولى بزشكيان رئاسة الجمهورية. وكشف "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" النقاب عن أن أكثر من 5000 سجين محكوم عليهم بالإعدام؛ مستنداً إلى معلومات سرية من داخل نظام الملالي.
وبادر نظام الملالي بإشعال الحروب في الشرق الأوسط ليحول دون اندلاع انتفاضة الشعب الإيراني. على مدار الأربعة عقود الماضية، شكَّل تصدير الحرب والإرهاب والتطرف إلى خارج حدود إيران، بالتوازي مع قمع الشعب الإيراني؛ جزءًا أساسيًا من استراتيجية نظام ولاية الفقيه للبقاء." تقول المقاومة الإيرانية منذ 40 عاماً إن "النظام الإيراني هو رأس أفعى إشعال الحروب والإرهاب في هذه المنطقة من العالم".
وقالت السيدة رجوي إن علي خامنئي قال مراراً وتكراراً : "إنه إذا توقف عن إشعال الحروب خارج حدود إيران، فعليه أن يقاتل المواطنين المنتفضين في مدن إيران". إن نظام الملالي أفقر وما زال يفقر الشعب الإيراني لتشكيل جماعات تعمل عنه بالوكالة وتمويلها لتوسيع دائرة الصراع.
الكلمة الأخيرة!
لقد أكدت الأحداث الأخيرة أنه ما دام نظام ولاية الفقيه قائماً، فلن تكون هناك نهاية للحرب والإرهاب في المنطقة. ولذلك، لابد من الاعتراف رسمياً بحق الشعب الإيراني في النضال من أجل إسقاط نظام ولاية الفقيه. والجدير بالذكر أن المجلس الوطني للمقاومة، بوصفه البديل الديمقراطي لهذا النظام؛ يمثل شرطاً أساسياً لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والعالم. يضحي نظام الملالي بمبالغ طائلة محاولاً إقناع العالم بعدم وجود بديل صالح، وأن العالم مجبر على القبول بحكم الملالي. ولكن التاريخ لا ينسى أي شيء!