محمد العياشي يكتب لـ(اليوم الثامن):
أزمة النظام الإيراني ومحاولات الترويج لبدائل وهمية
تشهد إيران فترة من الأزمات العميقة التي أدت إلى إضعاف النظام القائم، ما جعل سقوطه يبدو وشيكًا. لقد أكدت الانتفاضات الشعبية التي اندلعت في 2018 و2019 و2022 على مطالب الشعب الإيراني في إسقاط النظام، وهو ما اعترف به حتى بعض الخبراء داخل النظام. الخوف الأكبر الذي يسيطر على السلطات هو حدوث انتفاضة شعبية جديدة تعبر عن القلق المتزايد وعدم الرضا المستمر.
في 11 أكتوبر 2024، صرح رجل الدين عبادي زاده، إمام صلاة الجمعة في بندرعباس، قائلًا: "نحن نخشى أكثر من أن تأتي طائرات العدو وتقصف نقطة ما، بل نخشى الحرب النفسية داخل البلاد". تُظهر هذه التصريحات بوضوح كيف أن النظام الإيراني يشعر بالقلق من إمكانية الفوضى الداخلية، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي.
في خضم هذه التوترات، يبدو أن النظام يعتمد على فرضية مفادها أن غياب بديل حقيقي وذي مصداقية يمكن أن يؤجل سقوطه. لذا، تحاول بعض الأطراف إظهار رضا بهلوي، نجل الشاه السابق، كخيار للمستقبل. ورغم عدم وجود قاعدة شعبية واضحة له داخل إيران، فإن تلك الأطراف تستعيد ذكره لتزييف الصورة وإبعاد الأنظار عن البدائل الحقيقية.
تتمثل بعض الحقائق حول رضا بهلوي في الأمور التالية:
1. قضى عقودًا في الخارج بعيدًا عن النضال الشعبي ضد النظام، مما جعله شخصًا غير مقبول أو ذو اعتبار داخل البلاد.
2. الحديث عن عودته للسلطة يعكس أوهامًا فتحت الأبواب أمام محاولات إعاقة إسقاط النظام الحالي، إذ تؤكد التجارب التاريخية أن عودة الملوك غالبًا ما تفشل.
خلال الانتفاضة الشعبية في 2022، بدت مواقف رضا بهلوي متناقضة. فقد أظهر دعمه للانتفاضة بينما قام بتصرفات تبرز حنينه إلى التعاون مع نظام الحكم القائم، مما زاد من عدم الثقة به.
تتفاقم التناقضات في مواقف رضا بهلوي، إذ عبر عن ضرورة الحفاظ على قوات الحرس الثوري والجيش كجزء من أي تغيير سياسي، وهو ما يعد مؤشراً على ضبابية رؤيته وتعارضها مع تطلعات الشعب. كما أوضحت تقاريره أن بعض جهات النظام استغلت هذه الدعوات لتشويه مسار الانتفاضات المطالبة بالتغيير، مما يعيق جهود التغيير الحقيقي.
في الختام، يبقى السؤال: هل يمكن لهذه المحاولات لإبراز رضا بهلوي كبديل حقيقي أن تصمد في وجه المطالب الشعبية المتزايدة بالتغيير؟ الواقع يشير إلى أن الشعب الإيراني يسعى لتحقيق قيم جديدة حرّة ومؤثرة، بعيدة عن أي أوهام تاريخية قد تعيق مسار تحرره. يبدو أن الإرادة الشعبية تمثل المحرك الأساسي نحو التغيير، وأن أي محاولة لترويج شخصيات غير مقبولة أو خيارات تاريخية قديمة لن تؤتي ثمارها في ظل واقع سياسي واجتماعي يتطلع نحو التغيير الحقيقي.