أ.د. سهير علي أحمد تكتب لـ(اليوم الثامن):

"الجنوب لكل أبنائه".. استراتيجية الرئيس الزبيدي نحو توحيد الصفوف وإنهاء الإقصاء

عدن

سعدت بحضور اللقاء الذي جمع الأستاذ المناضل علي عبدالله الكثيري - القائم بأعمال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، رئيس الجمعية الوطنية - بالمهندس حيدر أبوبكر العطاس، رئيس الوزراء الأسبق. وقد كان اللقاء تجسيدًا لرؤية السيد الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي (حفظه الله)، الذي وضع رؤية وطنية تتمثل في الحوار الوطني الجنوبي، بهدف تحقيق الشراكة الوطنية الحقيقية وتعزيز الوحدة الوطنية وتوحيد الصفوف لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية في بلدنا (الجنوب العربي).

لقد رسم السيد الرئيس، منذ اللحظة الأولى لإعلان هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي في الـ11 من مايو 2017م، الرؤية الوطنية، ودعا جميع أبناء الجنوب، بمختلف انتماءاتهم، لتحمل المسؤولية الوطنية والشراكة في السير بشعب الجنوب نحو طريق آمن للاستقلال واستعادة الدولة الوطنية الفيدرالية "الجنوب العربي"، من المهرة شرقًا إلى باب المندب غرباً.

ونحن إذ نرحب بعودة المهندس حيدر أبوبكر العطاس إلى العاصمة عدن بعد أكثر من ثلاثة عقود من الغياب، نتمنى أن نرى عودة لجميع القيادات الجنوبية التي أجبرتها حرب صيف 1994م على الخروج القسري منذ ذلك الحين. وهذه أيضًا فرصة للتأكيد على أن التباينات قد تكون حول كيفية تحصين وطننا والحفاظ على المكتسبات الوطنية التي تحققت بفضل تضحيات كبيرة، وهو أمر طبيعي. فلا خلاف اليوم إلا من أجل الجنوب ولأجل الجنوب.
لقد حقق شعب الجنوب العربي، مكتسبات وطنية عظيمة، وتبقت هناك بعض المدن الجنوبية التي لم تتحرر بعد، ولكن تحرير هذه المدن وتأمينها، هدف لا بد من تحقيقه، فالجنوبيون في هذه المدن توافقون إلى تأمينها بقوات جنوبية، وهذا الهدف أيضا يتطلب المزيد من التلاحم الوطني.
وما لفت انتباهي في كلمة المهندس حيدر العطاس، حول عدن وحضرموت، فالعاصمة تتطلب المزيد من الجهود المكثفة لإعادة الاعمار، مع تأكيدنا على كل ما تحقق في عدن، على يد معالي المحافظ أحمد حامد لملس، الا اننا نطمح إلى إعادة اعمار العاصمة ومحو كل اثار الحرب العدوانية التي تعرضت لها العاصمة ومدن الجنوب الأخرى.
اما حضرموت، فنحن مع ما أكد عليه "العطاس" من أن حضرموت هي الرافعة للجنوب، ولا يمكن أن يكون هناك جنوب دون حضرموت، فحضرموت، لا تعني النطاق الجغرافيا للمحافظة ولكن نحن ننظر إلى حضرموت بشكل أوسع واعمق، فحضرموت كان ولا يزال لها الريادة في كل شبر من أرض الجنوب، وهذه هي سمة أهلنا في حضرموت "أهل العلم والمعرفة والصدق والأمانة والوفاء".

 لا شك أننا ننظر إلى لقاء القائم باعمال رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، بالمهندس حيدر العطاس، بشكل ايجابي ونتطلع إلى لقاءات قادمة مع قيادات جنوبية في الخارج ننتظر عودتها،فالفرصة اليوم مواتية، والتاريخ يدون كل من يكون له دور في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ شعبنا ونضالاته المشروعة.
لا أبالغ في القول إن هذا اللقاء يعكس نجاح المجلس الانتقالي الجوبي في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للجنوب، انطلاقا من رؤية السيد الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي، للشراكة الوطنية من أجل الجنوب، والتي تمثل اليوم واحدة من أبرز الركائز التي تستند عليها استراتيجيته الرامية إلى تعزيز وحدة الجنوب العربي.
هذه الدعوة لم تأتِ من فراغ، بل انطلقت من إدراك عميق لتاريخ الجنوب وما مر به من فترات إقصاء وتهميش،فالرؤية القائمة على أساس أن الجنوب ملك لكل أبنائه دون استثناء، وأن فترة الإقصاء والإلغاء قد ولت بلا عودة، لتحل محلها مرحلة جديدة من الشراكة والمشاركة الفاعلة والحقيقية.
فالرئيس دائما ما يكرر في خطاباته "إن الجنوب لكل وبكل أبنائه"، وهذه رؤية استراتيجية تضمن مشاركة الجميع في صنع القرار والمساهمة في بناء الدولة الجنوبية المنشودة، ، وخطة عملية تتجسد يومياً على أرض الواقع من خلال خطوات واضحة تتخذها القيادة الجنوبية لتعزيز دور كل فئات المجتمع، وفي طليعة ذلك النساء والشباب.
ولعلي هنا أذكر واحدة من أهم الأدلة على تطبيق هذه الرؤية الاستراتيجية هي الانفتاح على كافة القوى الوطنية الجنوبية، بما في ذلك تلك التي كانت لها وجهات نظر مختلفة في السابق، فلا سبيل لتجاوز أي خلافات او تباينات الا بالحوار والعمل المشترك، وهو ما يتجلى في اللقاءات والحوارات المفتوحة مع ممثلي القوى السياسية والاجتماعية الجنوبية.

إن ما يميز هذه المرحلة في الجنوب هو التأكيد على أن زمن الإقصاء قد انتهى. فالرئيس الزبيدي يبني استراتيجيته على ضرورة تجاوز أي إرث سلبي أو أخطاء حصلت في الماضي، من إقصاء وتهميش، من خلال السعي إلى بناء نظام وطني يعتمد على العدالة والشراكة الحقيقية، حيث يكون لكل جنوبي دور في بناء المستقبل. وقد أكد في أكثر من مناسبة أن الجنوب لا يمكن أن يبنى إلا بجهود جميع أبنائه، دون استثناء أو تهميش لأي طرف.

إن رؤية الرئيس الزبيدي للشراكة الوطنية ليست فقط دعوة للوحدة، بل هي أساس لإعادة بناء الدولة الجنوبية بطريقة تعكس تطلعات الشعب الجنوبي في الحرية والكرامة. في هذه الرؤية، يصبح الجنوب قوياً عندما يشارك جميع أبنائه في اتخاذ القرارات وتنفيذها، دون تمييز أو تحيز. 

والله الموفق