مصطفى عبدالقادر يكتب لـ(اليوم الثامن):
بزشكيان الرئيس الجديد؛ ونهج الإعدام في إيران من سيء إلى أسوأ
ها قد مضى أكثر من مائة يوم على تنصيب (بزشكيان) رئيسا لنظام الملالي القمعي في طهران دون أن نلحظ ما يشير إلى بوادر إصلاح وإن كان بالنزر اليسير. فالوعود ما قبل التنصيب في واد، وما جاء بعدها في واد آخر، بل على العكس تماما الأمور أخذت تسير من سيء إلى أسوأ في ظل رئاسة (بزشكيان)، فالنظام القمعي بمفاصله وهيكليته الهرمية كافة تبدو استحالة إصلاحه اليوم أكثر من السابق لأن جميع المعطيات تؤكد أن هذا النظام قد تأسس على ركائز الهيمنة والإقصاء فكريا، واقتصاديا، وعسكريا واجتماعيا، حيث اعتاد على النظر للآخر بعين العداء والاستعداء سواء داخليا، أو خارجيا، وما ذاك إلا دلالة على تشرب روح الشر في تلك العقلية الرجعية الآيلة للسقوط. لقد أصيب نظام الملالي بلوثة استعلائية تجعله في حالة غرور مستعصية لا تتماشى مع معطيات التحضر الإنساني العصري الذي تعيشه الأمم والشعوب، بل هو أقرب ما يكون للعصر الحجري وشريعة الغاب التي يلتهم فيها القوي الضعيف، فنظام القمع الإيراني مازال يوغل في التنكيل بشعبه بتصاعد درامي مقيت، ولم تنقطع الإعدامات أو تتراجع بل ارتفعت وتيرتها وآخذة في التصعيد، وازداد عددها أكثر من ذي قبل، واستشرى الفساد وتفاقم أفقيا وعموديا بنسب مخيفة فاقت كل تصور، أما الشعب الإيراني الذي لم يعد يحتمل ما يحيق به من ظلم وتكميم أفواه فقد ثار في وجه جلاديه ينشد الحرية ولن يتراجع، وراح يقارع الملالي الجلادين مقارعة فيها من البطولات والتضحيات والإقدام ما يجعلنا نقف أمامه بكل احترام وتثمين، أما موضوعة العنف، وتصدير الإرهاب والمخدرات للخارج فهي (مافيوية) بامتياز حيث يمارس إرهاب الدولة المنظم بأبشع صوره، وأخص بالذكر ماحل ببعض الدول العربية التي صادر نظام الملالي قرارها، وتغلغل في مفاصلها، واستباح حرماتها وجلب معه الدمار والخراب وسفك الدماء إليها كما هو الحال في (لبنان، سورية، العراق، اليمن وفلسطين) بعد أن نقلوا نسخة البؤس في إيران إلى هذه الدول وشردوا وأبادوا شعوبها.
ارتفعت نسبة الفقر في إيران ارتفاعا مخيفا، ومن غير المعقول وجود كل تلك الثروات فيها سواء في باطن الأرض أو ظاهرها ومع ذلك نجد أن نسبة الفقر آخذة بالتوسع بعد أن تعالى البؤس المعيشي، واختل التوازن الاجتماعي وأُزِيلت الطبقة الوسطى لتبقى طبقة قليلة مستأثرة ناهبة فاسدة، وطبقتين الأولى فقيرة فقر مدقع والثانية تتمنى لو كانت بوضع الأولى، وتلك هي أحوال أغلبية الشعب الإيراني المغلوب على أمره الذي يضج نقمة وتأففا، وهذا هو حال ما يسمونه بـ الجمهورية الإسلامية في ظل حكم ملاليها أصحاب الشعارات الجوفاء، والخطب الرنانة الرعناء التي لم تعد تصلح حتى للتسويق الإعلامي بعد غدرهم وخيانتهم حتى لحلفائهم، ولم تعد تصلح حتى لخدمة ما يعتقدون بأنه يخدمهم ويُطيل عمر نظامهم الاستبدادي، وبالطبع لن تخدم مصلحة من يلهث خلفهم ولا مصلحة الشعب الإيراني الأبي الذي انتفض ولابد في انتفاضته الميمونة هذه أن يتحقق النصر المنشود مهما طالت الأيام وتطاولت المؤامرات.
موضوع مقالنا
ما يزيد من بؤس الشعب الإيراني وقتامة مصير المنطقة برمتها هو أن الرئيس الجديد المُعين من قبل ولي الفقيه علي خامنئي.. الرئيس المعنون بـ "الإصلاحي" قد بدأ فترته الرئاسية بيد يلوح بها للعرب مسالما وفي الوقت ذاته باع هو ونظامه حلفائه في ما يسمى بمحور المقاومة بثمن بخس، واليد الأخرى نفض بها عن كاهله شعارات الادعاء بحقوق الإنسان ليسجل أعلى نسبة إعدام في جمهورية الملالي خلال المائة يوم الأولى من حكم هذا الإصلاحي.. والأعذار أقبح من الجرم؛ فماذا سيفعل بزشكيان فيما تبقى له من الزمن في الحكم إن كان قد أعدم 460 مواطنا بريئاً في 100 يوم، وهل يُنتظر من أنظمة القمع هذه أن تلتزم في حكمها بالمعايير الإنسانية والأخلاقية والمواثيق العالمية المعمول بها.
يبدو أن ملالي إيران قد أمِنوا العقاب فأساءوا الأدب في ظل تهاون وتقاعس مؤسسات المجتمع الدولي إزاء ما ارتكبه ويرتكبه هذا النظام.. ولا شك أنه لا بديل ولا حل للخروج من جحيم وباء نظام الملالي سوى الإطاحة به وتنفيذ برنامج المقاومة الإيرانية برنامج المواد العشر الذي طرحته وتتبناه السيدة مريم رجوي زعيمة المقاومة الإيرانية، ووفقا لمنطق الفعل ورد الفعل فقد بات مصير الملالي المأساوي حتمياً على يد الشعب الإيراني الثائر ووحدات المقاومة، وقد يكون ذلك قريبا، وليس من العيب أو الخطأ أن يقف أحرار هذا العالم إلى جانب الشعب الإيراني ومقاومته.
د. مصطفي عبدالقادر / أستاذ جامعي - ألمانيا