ضياء قدور يكتب لـ(اليوم الثامن):

العبء المالي الذي تفرضه التدخلات العسكرية الخارجية لطهران على الأسر الإيرانية

لقد كان للتدخل الإرهابي للنظام الإيراني في سوريا، والذي يمثل مثالاً لسياسة مكلفة لتعزيز طموحاته من خلال القوة العسكرية، تأثير عميق على اقتصاد البلاد ومواطنيها. يسلط هذا التقرير الضوء على التكلفة المالية لهذه السياسات في سوريا، موضحًا العبء الذي تتحمله الأسر الإيرانية والعواقب الأوسع نطاقًا لهذه النفقات.
لقد حول النظام الإيراني سوريا إلى مركز لتوزيع الأسلحة والذخيرة والقوات على الجماعات التابعة له في غزة ولبنان واليمن والعراق. وقد أسفرت هذه الاستراتيجية عن صراعات مستمرة وسفك دماء، بهدف الحفاظ على بقاء النظام. ويمكن تلخيص هذه السياسة في جملة واحدة: "سياسة الجريمة".
ولكن ما هي التكلفة التي يتحملها الشعب الإيراني؟ كانت الأعباء الاقتصادية هائلة، مع تحويل موارد هائلة من قطاعات حيوية مثل التعليم والرعاية الصحية والصناعة والزراعة لتغطية هذه السياسات.
لفهم حجم الإنفاق من قبل النظام الإيراني في سوريا، راجع الأدلة الموثقة:
1. القروض والدعم المالي غير المصرح به:
قال بهرام بارسائي، عضو سابق في البرلمان: "خلال فترة وجودي في البرلمان، بلغ دين بشار الأسد للنظام الإيراني 30 مليار دولار، ولم يوافق عليه البرلمان، في انتهاك للمادة 80 من الدستور". عند حساب سعر الصرف البالغ 700 ألف ريال للدولار، فإن هذا يعادل 21 كوادريليون ريال.
2. رواتب نقدية للمقاتلين السوريين:
وفقًا لتقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عام 2019، يدفع الحرس الثوري الإيراني للمقاتلين السوريين 100 دولار شهريًا، وأولئك الموجودين على الخطوط الأمامية 150 دولارًا.
3. شحنات النفط إلى سوريا: 

في مذكراته، قال الرئيس السابق للنظام علي أكبر هاشمي رفسنجاني إنه في 14 مارس 1982، منح النظام مليون طن من النفط الخام مجانًا لسوريا بحجة "المشاركة في الجهاد ضد إسرائيل". 

4. المساعدات المالية والنفطية السنوية:
وفقًا لتقرير صادر عن يورونيوز في 8 ديسمبر 2024، في 23 مايو 1984، بدأت مناقشة مشروع قانون بيع النفط إلى سوريا في جلسة عامة لمجلس الشورى. أثناء المناقشة، كشف علي أكبر معين فر، عضو البرلمان في ذلك الوقت ووزير النفط السابق في الحكومة المؤقتة للجمهورية الإسلامية، عن حقيقة صادمة: "كان النظام يوفر حوالي سبعة ملايين برميل من النفط سنويًا مجانًا ودون موافقة برلمانية لحكومة حافظ الأسد (والد بشار الأسد)".
5. مليارات الدولارات من المساعدات المالية:
أفادت يورونيوز في نفس التاريخ، نقلاً عن بلومبرج، أن ستيفان دي ميستورا، المتحدث باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، صرح بأن النظام الإيراني يقدم سنوياً 6 مليارات دولار كمساعدات مالية لحكومة بشار الأسد. وفي الوقت نفسه، صرح نديم شهادي، مدير مركز فارس لدراسات شرق المتوسط، لبلومبرج أنه بين عامي 2012 و2013، قدم النظام الإيراني مساعدات عسكرية واقتصادية للنظام السوري تتراوح بين 14 مليار دولار و15 مليار دولار. 

6. التأثير المالي الأوسع: 

نقلت يورونيوز في نفس التاريخ عن كريستيان ساينس مونيتور، التي نقلت عن مؤسسة بحثية تابعة لدي ميستورا، أن النظام الإيراني يقدم سنويًا 35 مليار دولار كمساعدات مالية لحكومة بشار الأسد، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف الميزانية العسكرية الرسمية للنظام الإيراني. 

7. الشهادات البرلمانية: 

في 7 مارس 2020، نقل موقع اعتماد أونلاين عن حشمت الله فلاحت بيشه، عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس النواب قوله: "لقد قدمنا ​​لسوريا ما بين 20 و30 مليار دولار، وعلينا استرداد هذه الأموال. هذه الأموال ملك للشعب الإيراني، وقد أنفقت هناك". 

8. العجز التجاري:
كتب موقع درستي سانجي لتقصي الحقائق في 16 ديسمبر 2024: وفقًا لتقرير نشره موقع غرفة تجارة طهران استنادًا إلى بيانات الجمارك الإيرانية، بلغت قيمة التجارة الخارجية بين طهران ودمشق في عامي 2023-2024 حوالي 175 مليون دولار، منها حوالي 140 مليون دولار تمثل صادرات إيران إلى سوريا. 

9. المشاريع الصناعية:
في نفس التقرير، استشهد درستي سانجي بتقرير لوكالة الأنباء الإيرانية لعام 2006 والذي وضع القيمة الإجمالية للمشاريع الصناعية المختلفة التي نفذتها شركات تابعة للنظام الإيراني في سوريا بقيمة 900 مليون دولار. وشملت هذه المشاريع بناء مصنع للأسمنت، وصوامع خرسانية لتخزين الحبوب، وتطوير وتحديث محطة كهرباء بانياس، وإعادة تأهيل مصفاة بانياس، ومشاريع نقل الطاقة، وخط إنتاج سيارات سمند.
وباستخدام الرقم المحافظ المتمثل في 6 مليارات دولار سنويا في المساعدات المباشرة لسوريا بين عامي 2012 و2022، فإن النظام الإيراني أنفق ما لا يقل عن 60 مليار دولار على مدى عقد من الزمان. وبمتوسط ​​24 مليون أسرة خلال هذه الفترة، فإن كل أسرة تمثل 2500 دولار. وعند حساب سعر الصرف البالغ 700 ألف ريال للدولار، فإن حصة كل أسرة تبلغ 1.75 مليار ريال. 

هذا لا يشمل التكاليف الإضافية، مثل شحنات النفط المجانية واتفاقيات التجارة غير المتكافئة. 

لقد كان لإعادة توجيه الموارد للحفاظ على نظام الأسد آثار كارثية على الاقتصاد المحلي الإيراني. فالاستثمارات التي كان من الممكن توجيهها إلى المدارس والجامعات والمصانع والزراعة والمبادرات البيئية تم إنفاقها بدلا من ذلك على حرب خارجية. وقد أدى هذا الاتجاه إلى تفاقم التضخم والفقر والبطالة والتفاوت الاجتماعي. 

وتؤكد الإحصاءات على الثمن الباهظ لهذه السياسة: العدد المتزايد من عمالة الأطفال، وانقطاع الطلاب عن الدراسة، وهجرة الأدمغة، وتوسع الأحياء الفقيرة.
إن هذه النفقات تمثل خيانة للشعب الإيراني، الذي ضحى باستقراره الاقتصادي لتمويل المغامرات العسكرية الخارجية. وبالإضافة إلى الفشل السياسي والاستراتيجي في سوريا، فإن هذه الأرقام توضح الحاجة الملحة إلى العدالة والمساءلة. ومع تصاعد الأزمات الداخلية، تتزايد المطالبات الشعبية بالشفافية والمساءلة، مما يضع النظام الإيراني أمام تحديات غير مسبوقة.
إن التكلفة الباهظة لسياسات النظام الإيراني في سوريا تعكس نظاماً يعطي الأولوية لبقائه على رفاهة مواطنيه. ومع تفاقم الصعوبات الداخلية، من المرجح أن تشتد المطالبات الشعبية بالمساءلة، مما قد يمثل لحظة محورية في السعي إلى تحقيق العدالة للشعب الإيراني.