د. سامي خاطر يكتب لـ(اليوم الثامن):
النظام الإيراني إلى أين بعد سوريا وتوافق حماس وانصياع حزب الله
يشهد الشرق الأوسط تحولات جذرية في أعقاب التطورات الأخيرة، خاصة بعد التغيرات في سوريا وتوافق حماس وانصياع حزب الله. هذه التطورات تضع النظام الإيراني أمام تحديات جديدة وفرص محتملة، مما يثير تساؤلات حول مستقبله ومساره الإقليمي. من بين هذه التحديات هو أن تراجع نفوذ ملالي إيران في سوريا ولبنان، وتغير مواز ين القوى الإقليمية، قد يؤدي إلى شعور النظام الإيراني بضعف نفوذه وتأثيره في المنطقة. وضغط العقوبات الدولية المستمرة على الاقتصاد الإيراني، والحد من قدرته على دعم حلفائه في المنطقة، ومعاناة النظام الإيراني من الاحتجاجات الشعبية المتكررة، مما يشكل تهديدًا للاستقرار الداخلي لهذا النظام الفاشي. هذا ويواجه النظام الإيراني منافسة شديدة من دول إقليمية أخرى، مثل السعودية والإمارات، والتي تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة.
لذا، قد يسعى النظام الإيراني إلى تعزيز العلاقات مع روسيا، خاصة في ظل التوترات بين روسيا والغرب، للاستفادة من الدعم الروسي في المنطقة. وقد يركز ملالي إيران على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع دول آسيا، مثل الصين والهند، لتقليل الاعتماد على الغرب، وقد يستمرون في دعم الميليشيات المسلحة في المنطقة، مثل الحوثيين في اليمن والحشد في العراق وحزب الله في لبنان، وكذلك خلايا مسلحة نائمة وجماعات هدامة في سوريا، لتعزيز نفوذها الإقليمي.
قد يسعى النظام الإيراني إلى التكيف مع التغيرات الإقليمية والدولية، وإجراء بعض الإصلاحات الداخلية لتعزيز استقراره. وقد يتجه نحو المزيد من التشدد والتطرف، وزيادة دعمه للحركات المتطرفة في المنطقة، في محاولة منه للحفاظ على نفوذه. ولاشك في أن استمرار الضغوط الداخلية والخارجية سيؤدي إلى سقوط النظام الإيراني، وبالتالي إلى حدوث تغييرات جذرية في المنطقة.
إن مستقبل النظام الإيراني يعتمد على العديد من العوامل، بما في ذلك التطورات الإقليمية والدولية، والسياسات الداخلية للنظام، وردود فعل القوى الإقليمية والدولية. ومن الصعب التنبؤ بما سيحدث في المستقبل بدقة، ولكن من الواضح أن النظام الإيراني يواجه تحديات كبيرة، وسيضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة في الفترة المقبلة.
ماذا تبقى لدى ملالي إيران في المنطقة بعد الانكسار في سوريا ولبنان وهدم غزة ومحاصرته في العراق واليمن وتصدعه ورعبه في الداخل؟
يشكل هذا السؤال المطروح جوهرًا لأزمة النظام الإيراني الراهنة، والتي تتجسد في تآكل نفوذه الإقليمي وتراجع هيمنته على العديد من الملفات الحيوية. بعد سلسلة من الانكسارات في سوريا ولبنان، وانهيار المشاريع الإيرانية في غزة والعراق واليمن، وتصاعد الاحتجاجات الداخلية، بات النظام الإيراني يواجه تحديات وجودية تهدد استمراره، حيثفقد ملالي إيران العديد من أوراقهم في المنطقة، وتراجعت مكانة هذا النظام كلاعب رئيسي في الصراعات الإقليمية، إلى جانب ضعف حلفائه في المنطقة، سواء كانوا أحزابًا مسلحة أم حكومات، مما أضعف قدرته على التأثير في مجريات الأحداث، وتزايد حالة السخط والرفض الشعبيين للنظام الإيراني بسبب سياساته القمعية، كذلك معاناة الشعب الإيراني من أزمة اقتصادية خانقة زادت من حدة المعارضة الداخلية، ورفضه إقليمياً بسبب تدخلاته في شؤون الدول الأخرى وإثارته للفتن فيها.
العوامل التي ستؤثر على مستقبل النظام الإيراني
السياسات الأمريكية الواضحة، حيث ستلعب السياسة الأمريكية دورًا حاسمًا في تحديد مستقبل النظام الإيراني، خاصةمن خلال اتخاذ موقف حازم في مواجهة نظام ولاية الفقيه والاعتراف بمحنة الشعب الإيراني وحقه ومقاومته في مواجهة النظام بشتى الوسائل والسبل من أجل إسقاطه وإقامة جمهورية ديمقراطية وإيران غير نووية، كما أن ما سيحدث في إيران من تطورات بعد إسقاط النظام ستؤثر إيجاباً في الدول المجاورة مثل العراق وسوريا، وستلعب الاحتجاجات الداخلية دورًا حاسمًا في تقويض النظام الإيراني، وستؤدي القرارات الدولية المعترفة بحق الشعب الإيراني الثائر في مواجهة نظام الملالي إلى التعجيل بالإطاحة بالنظام ودعم الاستقرار والسلم الإقليميين.
ماذا يمتلك نظام ملالي إيران بعد تهالك أوراقه بالمنطقة؟
بعد تهالك العديد من أوراق القوة التي كانت بيد النظام الإيراني في المنطقة، من الصعب إنكار أن طهران تواجه تحديات كبيرة تضعف نفوذها وتحد من قدرتها على التأثير. ومع ذلك، لا يزال لدى النظام الإيراني القدرة على التهديد النووي كأداة للمساومة في المفاوضات مع القوى الكبرى، سواء كانت الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
اليوم يعكف النظام الإيراني على تطبيق وتطوير أساليب قمعية لتعزيز سلطته الداخلية من أجل مواجهة تزايد الاحتجاجات الشعبية للمحافظة على بقائه في السلطة حتى لو كان ذلك على حساب التماسك الاجتماعي والاقتصادي، ومثل هذه السياسة ستؤدي حتما إلى تفاقم الصراعات الداخلية وتأجج الثورة الشعبية، ومهما كانت براعة هذا النظام الفاشي في المراوغة، إلا أنه هالك لا محالة بفضل ما تقوم به وحدات المقاومة في داخل إيران، وما تقوم به المقاومة الإيرانية من حراك دولي هام على طريق التغيير في إيران، وقد لاقى برنامج المواد العشر الذي تطرحه المقاومة الإيرانية ترحيباً إقليميا ودوليا كونه ملبيا لحقوق جميع الشعب الإيراني كما أن بنود برنامج المواد العشر تتطابق مع المواثيق والأعراف الدولية.
ختاما.. سقوط نظام ولاية الفقيه في إيران ليس خلاصا للشعب الإيراني فحسب بل للمنطقة برمتها.. وكذلك تعزيزا لنصر الثورة السورية.
د.سامي خاطر/ أكاديمي وأستاذ جامعي