مصطفى عبدالقادر يكتب لـ(اليوم الثامن):
المقاومة الإيرانية؛ رائدات من أجل إيران حرة
أقيمت احتفالية واسعة في باريس بمناسبة انعقاد اليوم العالمي للمرأة بتاريخ ٢٣/ فبراير/ ٢٠٢٥/. حيث شاركت فيها قيادات سياسية لها وزنها، وناشطات مدافعات عن حقوق الإنسان من مختلف بلدان العالم، إذ عبر الجميع عن استمرارية النضال من أجل الدفاع عن حقوق المرأة، وتجذير الديمقراطية بمفهومها الحضاري التقدمي، واتخاذها هدفا استراتيجيا تنويريا قولا وعملا، يصب في خدمة القضايا المصيرية الهامة لأية أمة من الأمم، ما ينعكس عليها، وعلى شعبها بالازدهار، والتحرر من القيود المكبلة لحرية الإنسان بشكل عام، والمرأة بشكل خاص. إن المقاومة الإيرانية قد أخذت على عاتقها الإسهام الفاعل في يوم المرأة العالمي من خلال تناول كل ما يتعلق بقضايا المرأة عالميا، ونضال المرأة الإيرانية في منظمة مجاهدي خلق، ما جعل النساء الإيرانيات يضرب بهن المثل وبتضحياتهن في سبيل نيلهن حريتهن المصادرة من قبل الحكم الديني الفاشي في إيران، ومقارعتهن البطولية لكل أشكال القمع، والتسلط، والاستغلال، فعلى الصعيد الوطني أضحت الحركة النسوية الإيرانية التابعة لمنظمة مجاهدي خلق قدوة طليعية، ومثالا يحتذى بعد أن انضوين جميعهن تحت عباءة السيدة مريم رجوي التي قدمت الوطن على ما قبله، وما بعده لأجل رفعته، وخلاصه من ( أراجوزات السياسة الارتجالية) القمعية، فباتت اليوم ترصع التاريخ النضالي للمرأة الإيرانية بتيجان صلابة المواقف، ورفعة مضامينها المتناطحة مع عتاة الشر والتجبر الذين التفوا على ثورة عام ١٩٧٩، وصادروا فرحة الشعب الإيراني بخلاصه من حكم الشاه المستبد.
إن كل إمرأة في منظمة مجاهدي خلق، والمقاومة الإيرانية، ووحدات المقاومة في الداخل الإيراني لهي تستحق كل التقدير والاعتزاز، نظرا لثباتها على مواقفها البطولية، واستمرارها في تقديم التضحية تلو التضحية رغم توالي الترهيب، والتعذيب، والإعدامات بأبشع صورها التي يتبعها حكام إيران باسم الدين، والدين منهم براء.
إن أحرار العالم في كل بقاع الأرض يتعاطفون، ويتضامنون مع السيدة مريم رجوي في نضالها المشروع، وبرنامج النقاط العشر الذي طرحته لأجل الخلاص من الاستعباد الديني الفاشي بما يخدم إيران والمنطقة، والسير قدما نحو نهضة تحررية سياسية واجتماعية، لا وجود فيها لأي أثر رجعي يعمل على التمايز البغيض، وسلب المرأة حقوقها، وإجبارها على أن تعود القهقري إلى عصور الجواري، (والحرملك) المنبوذان بكل ما يحملانه من تفاصيل منتهية الصلاحية.
لقد عبرت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في كلمتها التي ألقتها في مؤتمر يوم المرأة العالمي بباريس، عبرت عما يدور في ذهن كل إمرأة حرة تناضل من أجل حقوقها إذ أبدت السيدة رجوي احترامها لكافة النساء المؤسسات لهذا المؤتمر المحتفى به، كما قدمت التحية لعديد البطلات اللواتي أضأن تاريخ مقاومة المرأة الإيرانية الطويل بأسمائهن المشرفة، وأشارت باعتزاز إلى من يواجهن اليوم خطر الاعتقال، والتعذيب والإعدام الممنهج في وحدات الانتفاضة التي وصفها خامنئي بأنها حرب داخلية؟!، وذلك للتشويش على حقيقة ما يجري في الداخل الإيراني حرصا على ضمان بقاء سلطته من خلال محاولة امتلاك السلاح النووي.
لقد تناسى خامنئي وزمرته الفاسدة بأن الزمن قد تغير، والظلم لابد له من حدود يتهاوى على أعتابها، فالحرية هي الند الشرعي المجابه للاستبداد، وخير مثال على ذلك الشاه بجبروته وتعاليه، فحين صمم الشعب الإيراني على إسقاطه؛ أسقطه وأطاح به هو وكل أتباعه، وهو الذي كان يصف نفسه بـ (الإله) يحكم بسلطة اعتبرت رسميا (هبة إلهية)، لكنها هبة حرمت منها النساء، واقتصرت على وراثة الذكور، واليوم يقدم الولي الفقيه خامنئي نفسه كـ ( ولي أمر المسلمين جميعا)، دون الأخذ بعين الاعتبار الانتفاضة الشعبية المتنامية الباحثة عن استعادة ثورتها المسروقة منذ عام /١٩٧٩، وبذلك لا شرعية له ولا لنظامه، وقد حكم الملالي أربعة عقود ونصف بدون شرعية ومصيرهم هو ذات المصير الذي حاق بالشاه ونظامه.
لقد اعتبرت السيدة مريم رجوي في كلمتها بمؤتمر باريس أن يوم المرأة العالمي في كل عام هو فرصة لإعادة التفكير في الطريق الذي تم سلوكه، وتجديد الالتزامات تجاه المستقبل الذي ينبغي أن يضمن تحرير البشرية، وبناء عالم أفضل، ونوهت إلى أن إنجازات العالم منذ بداية القرن الماضي خطت خطوات واسعة نحو تقليل الظلم، والقمع، والتمييز ضد النساء، وأكدت أن طبيعة العلاقات الاجتماعية مازالت تحمل طابعا ذكوريا يكرس التمييز ضد النساء، لاسيما في إيران، حيث نجد أن أبسط حقوق المرأة قد سلبت منها، وهي محاصرة من قبل نظام لا يعرف سوى الاستبداد، وأضافت أيضا أن النساء يشكلن أكثر من نصف أعضاء المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو الائتلاف السياسي الوحيد في تاريخ إيران المعاصر الذي اعتمد منذ أربعة عقود خطة شاملة حول الحريات، وحقوق الإنسان بالإجماع، وقد صدر بيان لأكثر من ٦٥٠ شخصية نسائية من مختلف أنحاء العالم دعما لنساء إيران والسيدة مريم رجوي وكان شعارها لاءاته الثلاث، لا للحجاب الإجباري، لا للدين الإجباري، لا للحكم الإجباري، وقد كان من بينهن قياديات سابقات، ونواب في البرلمانات، وخبيرات قانونيات، وحائزات على جوائز نوبل للسلام، وقد ختم المؤتمر بأمل يحذو الجميع ويدفعهم للمضي قدما في دعم المرأة الإيرانية، ومناصرتها في مواقفها المشرفة، ونصرة الشعب الإيراني في نضاله العادل ضد قوى البغي الديني الفاشي الإيراني المقيت.
د.مصطفى عبدالقادر/ أستاذ جامعي - ألمانيا