فريد ماهوتشي يكتب لـ(اليوم الثامن):

بقاء خامنئي على المحك في إيران - يرفض المحادثات ويضاعف العداء

رفض المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي المفاوضات الأمريكية في خطاب مُدبّر أمام الموالين للنظام - ١٢ مارس ٢٠٢٥، في خطابٍ حازمٍ ألقاه في ١٢ مارس، رفض المرشد الأعلى للنظام الإيراني علي خامنئي رفضًا قاطعًا عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمفاوضات، كاشفًا عن خوفه العميق من أن أي انخراط دبلوماسي سيهدد آليات بقاء نظامه. ووصف خامنئي عرض ترامب بأنه "خداع للرأي العام العالمي"، وأصرّ على أن إيران لن تنخرط في محادثات تحت الضغط، محذرًا من أن الحرب ليست "قضية من طرف واحد". 

وأُلقي الخطاب أمام حشدٍ مُختار بعناية من الموالين للنظام، الذين قُدِّموا زورًا على أنهم "طلاب" لخلق وهمٍ بأن النظام لا يزال يُسيطر على جيل الشباب الإيراني. وخلف خامنئي، كُتب شعارٌ مُعلَّق: "لا كنزَ أنفعُ من المعرفة"، في إشارةٍ مُبطَّنةٍ إلى سعي النظام الدؤوب لامتلاك القدرة على امتلاك الأسلحة النووية، مُعزِّزًا موقفه المُتحدِّي ضدَّ المطالب الدولية بنزع السلاح. وقد أوضح خطاب خامنئي أنه يرى أيَّ حوارٍ تهديدًا مُباشرًا لقبضته على السلطة. وادّعى أن "التفاوض مع هذه الإدارة الأمريكية لن يرفع العقوبات، بل سيُؤدِّي فقط إلى تشديدها وزيادة الضغط". كما رفض فكرةَ خضوع إيران للتهديدات العسكرية الأمريكية، مُصرِّحًا: "إذا اتُّخِذَ إجراءٌ، فسنردُّ بحزم". جاء خطابه ردًا على تصريحات ترامب الأخيرة في مقابلة مع قناة فوكس بيزنس، حيث كشف الرئيس الأمريكي عن إرساله رسالة إلى خامنئي يُعرب فيها عن استعداد واشنطن للتفاوض بشأن البرنامج النووي الإيراني. وحذّر ترامب من أن إيران أمام "خيارين: التفاوض أو مواجهة الحرب". إلا أن خامنئي رفض هذه التصريحات واعتبرها محاولة من الولايات المتحدة لتصوير نفسها على أنها الطرف الساعي إلى السلام، بينما تُصوّر إيران على أنها غير راغبة في التفاوض. وسخر من مزاعم واشنطن، قائلاً: "هذا يعني أننا [الولايات المتحدة] منفتحون على التفاوض، وأننا نريد المحادثات والسلام، لكن إيران ترفض. ونحن نعلم أنهم لن يفوا بالتزاماتهم، فلماذا نتفاوض؟"
كما انتقد المرشد الأعلى للنظام حملة الضغط الدولية الأوسع نطاقًا ضد طهران، متهمًا الدول الغربية بالنفاق. وزعم أن "متنمري العالم يقولون إن على الجميع الخضوع لنا وتقديم مصالحنا على مصالحهم الخاصة". وأضاف: "إيران هي الدولة الوحيدة التي رفضت ذلك رفضًا قاطعًا".
ورغم نبرة خامنئي الرافضة، أكد مسؤولون إيرانيون بعد ساعات قليلة من خطابه أن إدارة ترامب قد سلمت بالفعل رسالة عبر وسيط. وأعلن وزير خارجية النظام الإيراني عباس عراقجي أن الرسالة قد وصلت عبر أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومع تشبث خامنئي بخطابه المتحدي، لا يزال النظام الإيراني منقسمًا بشدة ويزداد ضعفًا. ولا ينبع خوف المرشد الأعلى من المفاوضات من قوته، بل من يقينه بأن الدخول في محادثات سيجرده من آليات البقاء التي أبقت نظامه واقفًا على قدميه: القمع، والعدوان الخارجي، والتصلب الأيديولوجي. مع تصاعد الضغوط الاقتصادية وتنامي الاضطرابات الداخلية، ستزداد الشقوق داخل المؤسسة الدينية اتساعًا، مما يجعل تهديدات خامنئي تبدو جوفاء بشكل متزايد.