عبدالرزاق الزرزور يكتب لـ(اليوم الثامن):

كيف يمكن إسقاط نظام الملالي وما هو البديل الحقيقي؟

 إن إيران اليوم تمر بحالة انفجارية غير مسبوقة، حيث يواجه نظام ولاية الفقيه أزمات متعددة الأوجه تهدد وجوده. بعد 46 عامًا من الفساد، والنهب، والقمع، فقد النظام كل مشروعيته السياسية والدينية، وأصبح عاجزًا عن مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلاد. في هذا المقال، نستعرض معادلة إسقاط النظام التي تتكون من ثلاثة أطراف رئيسية: النظام نفسه، المجتمع الإيراني الساخط، والمقاومة المنظمة، مع تسليط الضوء على البديل الحقيقي لمستقبل إيران.

الطرف الأول: نظام ولاية الفقيه على حافة الانهيار

يعاني نظام ولاية الفقيه من أزمات داخلية وخارجية جعلته في وضع لا يُحسد عليه. اقتصاديًا، أدى التضخم الجامح، والبطالة المتفاقمة، والفساد البنيوي، إلى جانب العقوبات الدولية، إلى تدمير أسس الاقتصاد الإيراني. بات المواطنون على حافة الانهيار المعيشي، حيث أصبح تأمين الاحتياجات الأساسية مثل الماء والكهرباء والخبز تحديًا يوميًا. هذه الظروف أشعلت موجات احتجاجية واسعة، عكست عمق الفجوة بين الشعب والنظام.

سياسيًا، فقد النظام دعمه التقليدي من رجال الدين وتجار البازار، وانهارت مشروعيته الدينية والسياسية. حتى مسؤولو النظام يعترفون بعجزه عن حل المشكلات. أما على صعيد الأمن، فإن القوى القمعية منهكة، مع تزايد الانشقاقات داخل الأجهزة الأمنية. خارجيًا، تلقى النظام ضربات استراتيجية في المنطقة، حيث أضعفت هزائم حلفائه مثل حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وسقوط بشار الأسد في سوريا، من "عمق النظام الاستراتيجي"، مما جعله أكثر هشاشة.

في الانتخابات الأخيرة عام 2024، قاطع الشعب الإيراني الاستحقاقات بشكل واسع، مما يعكس رفضًا شعبيًا واضحًا. كما أن إنفاق النظام لما يقارب ألفي مليار دولار على المشروع النووي لم يترجم إلى تحسين حياة المواطنين، بل زاد من عزلته الدولية. هذه العوامل تدفع النظام نحو نقطة اللاعودة، حيث أصبح السقوط مسألة وقت.

الطرف الثاني: المجتمع الإيراني الساخط

يشكل المجتمع الإيراني الطرف الثاني في هذه المعادلة، حيث يعيش في حالة من السخط المتفجر نتيجة الفقر، التضخم، والبطالة. بحسب تقارير النظام نفسه، فإن الغالبية العظمى من الإيرانيين يعيشون تحت خط الفقر، ويعانون من نقص الخدمات الأساسية. هذا الوضع أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة، حيث سُجلت 3092 حركة احتجاجية خلال العام الإيراني 1403 (2024-2025)، شملت فئات متنوعة مثل المعلمين، الطلاب، والمزارعين.

على مدار السنوات السبع الماضية، شهدت إيران خمس انتفاضات وطنية كبرى، شاركت فيها أكثر من 150 مدينة، وهزت أركان النظام. في انتفاضة 2017-2018، رفع الشعب شعار "إصلاحي، أصولي، انتهت اللعبة!"، معلنًا رفضه لإصلاح النظام من الداخل. وفي نوفمبر 2019، نزلت الطبقات الدنيا إلى الشوارع، مما نسف خرافة دعم الفقراء للنظام. أما انتفاضة 2022، فقد كانت ذروة الغضب الشعبي، حيث لعبت النساء دورًا محوريًا، وأظهر الشباب، الذين ولدوا بعد ثورة 1979، رفضهم القاطع للنظام.

الطرف الثالث: المقاومة المنظمة

الطرف الثالث والحاسم في هذه المعادلة هو المقاومة المنظمة، التي تمثلها منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. تمتلك هذه المنظمة شبكة واسعة من "وحدات المقاومة" داخل إيران، التي تضم رجالًا ونساءً من مختلف الطبقات، يعملون على تنظيم الاحتجاجات، كسر جدار الخوف، ومهاجمة مقار الحرس الثوري. خلال 2024، نفذت هذه الوحدات 3077 عملية ضد أهداف النظام، إلى جانب 39,000 عملية رمزية مثل إحراق رموز النظام وكتابة الشعارات.

ورغم القمع الشديد، حيث تم إعدام 1460 شخصًا في عام واحد، واعتقال أو اختفاء 3600 عضو من وحدات المقاومة في 2022، إلا أن المنظمة حافظت على بنيتها التنظيمية ووسعت نطاق عملياتها. كما أن شبكتها الاستخباراتية اخترقت أسرار النظام النووية والعسكرية، مما جعلها تهديدًا وجوديًا للنظام، كما يعترف كبار مسؤوليه.

البديل الحقيقي: خطة مريم رجوي

يقدم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، بقيادة مريم رجوي، بديلاً ديمقراطيًا واضحًا من خلال خطة النقاط العشر. تشمل هذه الخطة فصل الدين عن الدولة، المساواة بين الجنسين، حرية التعبير، حماية الأقليات، وإلغاء عقوبة الإعدام. هذه الرؤية، التي تدعمها أكثر من 4000 مشرع عالمي و130 زعيمًا دوليًا سابقًا، توفر خارطة طريق لإيران ديمقراطية تعددية. كما أن وجود أشرف 3 في ألبانيا، الذي يضم 3000 عضو من المنظمة، يشكل ضمانة لانتقال سلمي للسلطة.

الخلاصة

إن معادلة إسقاط نظام الملالي تجمع بين نظام هش، وشعب ساخط، ومقاومة منظمة. النظام يعاني من انهيار اقتصادي وسياسي، بينما الشعب الإيراني يتحرك نحو الثورة بدعم من وحدات المقاومة. البديل الحقيقي يتمثل في رؤية المجلس الوطني للمقاومة، التي تقدم نموذجًا ديمقراطيًا يلبي تطلعات الشعب الإيراني ويحظى بدعم دولي واسع. إن إيران على أعتاب تغيير جذري، والمقاومة المنظمة هي مفتاح تحقيق هذا التغيير.